الجُزء الأخير

4.1K 210 210
                                    



الشَمسُ تَقتحمُ نافِذة روحي

تُريني إياك

تأتيني على هَوادة

تُنبِت ذاتَك فيني، تُزهِر، فأُزهِر

تَمنحُني مِنك، تَمنحُني المُوسيقى، تَمنحُني الكلمات

تَمنحُني رَبيعًا، تَمنحُني إياك

تَمنحُني غَيمًا لغيري لا يُمطِر، تَمنحُني شِفاءًا في سِواي لا يُثمِر

تَخلقُ في روحي أجنِحة، تُشاطرني الفَجر في ذُروتِه، و الليل في وِحدته، تُشاطرني حُزنًا و ألمًا و بَهجة، صَمتًا و مُوسيقى، إزهارًا و ذُبول. تَخلقُ للغَد لونًا، و لليوم سَبب، تُولِد للأمور إيقاعها، كما البَحر، كما السَماء، كما الحُرية في أسمّى تكوينِها، كما الكِتابة التي تغمُرني إحساسًا مُطلقًا بالتحرُر و سَكب كل ما فيني عَليها، كل ما فَكرتُ و شَعرت، و كل ما سأُفكر فيهِ و أشعُر. أراكَ كما الكلمات، بَل أكثرَ واقعيةً و أثر، أراكَ كما الوَرق، بَل أكثرَ سِعةً و راحةً و تقبُل، أكثرَ إحتضانًا لدُموعي، أكثرَ إحتواءًا لحُزني

و الأهَم مِن هذا أجمَع، أراكَ أكثرَ رَغبةً فيني و إحتواء.


" جونغكوك "
همستُ اسمهُ بثِقل النوم الذي لايزالُ يستوطِن صَوتي لإحساسي المتواصل بالخُمول الشَديد، أسمعُ صوت أنفاسِه عَبر الهاتِف و الهُدوء التام حوله عَكس ما يُحيطني صخب، و يحتلُ قلبي مِن صخب.


" صباحُك تايهيونغ "
تحدَث بعد لحظاتٍ كثيرة مِن الصَمت، أستشعرُ السُكون القابِع في صوتهِ جيدًا، و كأنهُ تَهويدة، و كأنهُ مَطلعٌ لكل الدِفء.


" أينَك؟ "
اسألُ رُغم مَعرفتي إن الساعة لاتزالُ العاشِرة صباحًا و إنهُ بالتأكيد سيكون في عَمله الذي عادهُ مؤخرًا كما عُدت أنا إلى المعهد المُوسيقيّ.


" لِمَ؟ أإشتقتَ إلي؟ "
ضحكتُ بينما أضعُ الكَمان جانبًا و أستقيمُ مِن مَكاني مُتقدمًا أمام النافِذة الواسِعة، و أعلمُ الآن أي إبتسامةٍ حُلوة يحملُها فمُه.


" أجل "
صمتُّ لتَنهيدتهِ التي تَلت إجابتي، أنظُر في شُعاع الشَمس الغَزير الذي يُغطي أوراق الشَجر و العُشب المُبلل مِن خارج النافِذة، سمعتُ أخيرًا ضَوضاء بعض الحركة مِن الهاتِف بعد أن طالَ قليلًا صمتُه.


" لن أتأخر "
و أغلقَ الخَط.

عاودتُ دسَ هاتِفي في حَقيبتي مع دَفتري و حملتُ الكَمان الخاص بي لأضعهُ في حقيبتهِ كذلك. نظرتُ لمَرةٍ أخيرة مِن خِلال النافِذة مُستشعرًا هُبوب الرياح العَذب القادم مِنها إليّ، السَماء مُعتمّة، و شُعاع الشَمس إنقضى مُختبئًا خَلف السُحب، الأشجارُ بأوراقِها ترتجِفُ، مِثل مقطوعةٍ أخيرة تَعزفُها الرياحُ الثائِرة.

VK| مَشهدٌ مِن نافِذةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن