الجُزء الثاني عَشر

3K 246 141
                                    




في هذا العالم الغائص في تشتّت شساعتِه، تقطُن حياةٌ مُنكبةٌ على ذاتها المُتهالكة، على هذا السحاب المُتواري في كل يوم، يقفُ الحظ فوق لحن الناي المُخرس بفاهه المُغلق و أصابعهِ المبتورة، ليُعطي الصامت كلمته، و يرمي لنفسي التائهة دربًا تسلكه.


مُنذ تنفس الصُبح المتأرجح على هذا الحي الغائص في جوف فُقره، قد تتفتح مع رفعة الجفن صرخة لأجل آخرٍ أُغلق إلى أبده

أو حياةٌ

أو زَهرة؟


" جونغكوك تعالَ إلى هنا "
تقدمتُ أُنفذ نداء والدتي الصارم لأقِف بعد عِدة خُطواتٍ ترتجف على حافة التردد بجانبها. نظرتُ من ضؤل جسدي إلى قوامها الذي يشحذ هيئة الصرامة فيها دون جُهد.

" سأضطرُ للذهاب الآن فلدي بعض العمل لأنجزه، أحسِن التصرُف جيدًا وإحرص على عدم إفتعال المشاكل "
أومأتُ أُخفض بصري أرضًا مُتشبثًا بأصابعي الباردة بطرف الهندام الرَث البُني الذي وجدتهُ على بقعة الأرضية المُجاورة لمطرح نومي حين إستفقت.


الأبيضُ مُنذ عِدة أيام يأبى مُغادرة المدينة، يتغلغل في زوايا الأوراق و الشَجر، و على أطراف النافِذة الطويلة التي لمحتُها مع الأُخريات المُستوطنات لجُدران هذا المبنى الشاسع الحجم.


الأبيضُ حُلوٌ يضفي النقاء، كما رُزم أوراق المكتبة المسروقة في حَوزتي، و التي إعتدتُ مُنذ عُمرٍ أجهله، أن أخُط فوقها بولعٍ بليغ، كل مُلفتٍ يطأهُ بَصري كمُحاولةٍ يائسة لأن أُبقي الجمال حَيًا لأطول مُدة دون أن يمسهُ الفَناء. و لكن أبيض البرد الساحِق، لم أرَ شيئًا يُرسم عليه سِوى قطرات الدماء المُتساقطة، من نُدوب يدي التي إعتدات أن تُعاقب من بائع الخُبز الكهِل عندما أسرق منهُ خلسة.


مشتني خُطى الفُضول التي ولدت كصفةٍ بي - قد أُنتزِعت لاحقًا- حيث صوت الإمرأة المُتحدث من خلف الباب ببحثة الأمل المنطفئ في صداه. و أُلاحق بنظري من فتحة الباب الصغيرة، ظهر والدتي المُقابلة لها.

" أأنتِ متأكدة من قراركِ؟ ذلك أمرٌ لا رجعة فيه "

" إنه لمصلحتهِ سمينثا! إن بقيتُ في هذه المدينة معه فلَن يكون أمامي درب سِوى الموت من الجوع أو إنتظار أن يجدنا أحد المُهربين المُطالِبين بمالهم، أنا لن.. أدعه ينتهي معي "


VK| مَشهدٌ مِن نافِذةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن