الجُزء الثامن عَشر

3K 210 146
                                    




" أشعرُ بالخَواء "
و أن لا شيئًا عادَ يجلبُ لروحي الأُلفة.

أني أكادُ أتقيءُ نفسي من فرط القَضم.

أني مقبوض النَفس، و دربُ الضباب الذي يُغشي عيوني هو كل ما أستطيعُ أرى؟

أني مُختنقٌ، أسعلُ بين الكلمات، أني وَحيدٌ.. وحيدٌ حتى من نفسي!

أهذا يا قَلبي جزاءُ الصابرين؟ أهكذا أُبلل غيثًا دون إرتواء، بعد كل جفاءٍ أصابني! بعد صَمتٍ صارخ، لم يستدلَ طريقًا للمُكوث سِوى فمي، أنطقُ دُموعًا، و تنهيداتًا، و ألم؟

أظُنني كُنت مغفلًا طيلة ذلك الوقت لإعتقادي بأن الألحان لن تنطفئ، و جُروحي لن تنبلج، أظُنني جِدُ هَلِعٍ حتى نسيتُ الحديث، حتى فَقدتُ نَفسي، و رُحتُ مُنسابًا عائمًا.. في ذوبان الصَمت الذي يُغطي فمي.

إن كُنّا كِلانا مُعتادين على أن نُشارك الليل سُكونه الأبكم بفَرطٍ هائل، فما العَمل؟

إن كُنّا كِلانا.. لا لُغةً تسعُنا، لا تعبيرًا، لا تأشيرًا، لا إلتفاتة، فكيف سننزِف.. ببعض جُروحٍ، ببعض خُدوش؟ إن كُنّا صُعوبةً، لا تُناسب أي إيقاع، و رعدًا يُزلزل توقعاتي، إن كُنّا بقاءً محتومًا بالرحيل! ألن نظلَ حتى نَضل؟


" كان من المُفترض أن لا يعلمَك "
تحدثتُ أُناقض إحتدام صُراخ هيكل صدري بهَمسي، أشحتُ برأسي نحوه بضياعٍ ينسكبُ من عينيّ.

" كان من المُفترض أن أُميت والدك قبل أن يُمسك به أحد "

" أن أزرعَ في صدركَ الوِد و أُمطر على لينّكَ غَيثًا "
قلت مُجددًا ألفُ بباطن يدي حول وجنته مُستشعرًا إبتلال أهدابه الناعِمة فوق إبهامي. تنهدتُ عميقًا أنفثُ حُبي فوق فمِه.

كل شيءٍ مُتخدرٌ من الألم

كل شيءٍ تَوهانٌ مُحتدم

و أنا فيكَ يا وَجه الصُبح فَجرٌ يلُمك حتى تخور أذرُعه، حتى تنظفئ النُجوم.. و يذوب من نور عيناكَ القَمر، أنا فيكَ و صَدري، مَنزلٌ، بساتينٌ و حُقول، وَسعٌ واحد، لجَسدٍ واحد.

" أنت، يجبُ أن تذهَب بعيدًا "
أقولُ بهَمسٍ و رُغمًا تُناقضني أفعالي و تَشدُ ذِراعي الإلتفاف حول ضهرِه بعَطفٍ يتقطر من كل جِزءٍ بي، بخوفٍ و فقدٍ ملعون، أُمسك بيدي الخالية بأسفل رأسهِ و أدسهُ في كتفي بعُمقٍ ينقلُ من عيونهِ لثيابي البَلل.

VK| مَشهدٌ مِن نافِذةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن