الجُزء العاشر

3.4K 299 354
                                    




هذا هو الفِراغ الذي يستحضره سُكونٌ طويل إمتد حتى تعالت الأفواه

هذا هو الألم الذي يُنقص من براعة الشجر بكِثرة تفرعه بالأغصان، هذه هي العاطفة المتأججة بعَصف رياح الأيام التي تتوالى كنُخرٍ مثقوب، بسرعةٍ و عشوائية.

هذه الهُدنة، التي تُذيب إحتراق الصُدور المُشتعل ولعًا لأخذ الثأر. هذه هي مرارة الأشياء و حُسنها، فقد قال لي الرجُل الكهل في حيّ الطُفولة القديم يومًا، أن الآلهة مُنصفٌ دومًا بوضع المحاسن و المساوئ في شتى الأمور، أخبرني مع كثير لحظات الصَمت التي كان بين كلمةٍ و أخرى يستحضرها؛ أننا نَحنُ من نُزيد تلميع الأمور و تهويل روعتها، قال أن كل شيء هو تراكيبٌ مُتشابهة، من حُبٍ و كُره، و أن البَشر بنفسهُم هُم من يضاعفون حُسن من و ما يُحبون، يُشيحون أعينهُم عن شوك الزَهر و إن أدماهم عميقًا


قال أن الرَغبة قاتلة، و الإحتياج الذي يملأ صُدورنا الفارِغة بالخواء، هو سُمٌ مُدمر، يوقعنا في ألاعيب العاطفة المُنمقة دومًا، ثُم يلتصق بنا قويًا و إن مَر كل الدهر لن يزول وقعهُ فينا مهما حيّينا. لكني لا أعي، كيف يكون عدم الوقوع فيك؟

لا أعي إن عِشت دون حُبك، فمن سأكون؟ أي دربٍ سأسلك؟ كيف سترسمُ يدي؟ كيف ستُجاورني المُوسيقى و تُنسيني من أكون؟ إن رأيتُ مَطلع الصُبح في يومٍ جديد، إن أبكيتُ قطرات الغَسق و صرختُ حتى تفجرت الكلمات من حُنجرتي، كيف سأرمش و لا يتناثرُ حُبك المُتكدس في الهواء من أهدابي؟ ألتمسُ واقعية حديثه في عقلي لكنّي لا ألتمس إمكانيته! فدونَ حُبك فيّ ماذا أُمسي أنا؟ دونَ الألم، دونَ إستحضار طيفك كل العُمر في مُخيلتي، كيف سأنجو مني؟

و إن أضحت أفكاري طائعةً لأمري و تَجنبت التشبُع بك، ماذا كُنت لأفعَل بكل هذا الحُب في قلبي إليك؟

يومٌ دون حُبك، هو ليس أكثر من يومٍ آخر، أعيشهُ بإنهاكٍ يحاول زعزعة إستقامة ضهري، يومٌ لا ألمسُ جفنك فيهِ في مُخيلتي، ليس يا حُلو الغُروب إلا خُشونةً منزوعةً من أي عَطفٍ أو لين.

" لا تتسرع في قلقك، بنهاية الأمر.. ستُدرك إن لا أحدًا منهم كان يُحاذي خُطواتك بنية حِمايتك "
قُلت قبل إلتفاتّي و مُعاودة الجلوس على مكاني دون إنتظار رده. أريد النظر في هذه العُيون المُغدقة بالحُسن الدافئ من فرط إحتراق الألم فيها لكنّي و بكل عجز الأرض لن أقوى على الثبات إن سمحتُ لهذه النَفس أن تنصاع لِما تحتاجُه بهول، سأتجمدُ في مكاني كل العُمر و حتى أفنى.

VK| مَشهدٌ مِن نافِذةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن