الجُزء السادِس عَشر

2.9K 212 53
                                    






أودُ رَفرفة وصالٍ بدفءِ الروحِ مَحفوف، أودُ أمواجًا حائراتٍ هائجات، تتلاطمُ من فَرط الشُعور.

أودُ مَنزلًا، أو مَلاذًا، أو سكينةً تختلعُ القلق من لُب الأفئدة.

أودُ صبرًا جديدًا، فكم ظلَ صبري يشحذُ هيئتي بالمَرارات حتى مهترئًا أصبَح؟

أودُ لحنًا ينثرُ صمتي، لونًا يُشتت رمادي، لُغةً تصفُ حُزن حُبي.

ليكُن اليومُ ثلجًا أبيضًا يُذاب قبل أن أتمكنَ منهُ برفة جفني الراكدة، ليكُن الشُعور مُختنقًا، لتكُن التعابير مُتهجمة، لتتطاير أحرُف صرخاتي الوحيدة من بين أصابعي دون أي حرصٍ باكي، دون أي حاجةٍ خانقة! قد يكونُ صبر نَفسي حقًا مُهذبًا كثيرًا، صامتًا يخترقُ الشوك جلدَه، قد يكون الذَهاب لهذهِ الأقدام وجهةً واحدة، وجهةً ثابتة، و لكنّي أنا، برَغبتي و رأسي ألى أين أتجه؟ هذهِ الأنفاس الخانِقة في أي هواء خَريفٍ مُختنقٍ تتطاير؟ هذهِ النظرات بأي خواءٍ ترتطِم، و هذا الصَدرُ المكسوُ جليدًا! في أي بركة خَيبةٍ حارقة، عساهُ سينطفئ؟

ليكُن الفَجر طويلًا أكثر، ليكُن الفَجر نِيليًا أكثر، مُنسكبًا بحنانهِ أكثر!

لتكُن كل الأزمِنة الحُلوة، تجمعُنا معًا. لتكُن كل حياةٍ أحياها، أحياها مَعك، و كل رَبيعٍ يمُر و بزُهورهِ يُحيينا، أحيى بِك. ليكُن الحُزن مُبتلعًا أخرسًا، لتكُن الآلام شفافةً لا تُرى. ليكُن فينا وِصالًا لا ينتهي! حتى يذوبَ الفِراقُ يا حَبيبي.. حتى تسيل المسافات!

سُخريةٌ رَغباتي

سُخريةٌ ما أتمناه. حتى حُبي مُنذ بدايتهِ كان مَحط سُخرية!

صَعب! صَعبٌ أنتَ يا بَصري، فكيف قد أُسهلك لي؟

أعلمُ إقتلاع الجِلد في سبيلكَ مُستحقًا، أعلمُ إستنزاف الروح لأجل قُربك قليلًا لا يُحتسب، أعلمُك جيدًا، و لكن ماذا أفعلُ بصدري النازِف؟

أشعرُ أني خطيتُ لما بَعد الوجود، أشعرُ أني في سرابٍ عائم، و لهذهِ المرة.. لن أستطيعَ إبتلاع تكتُل الدموع في حُنجرتي، لن يُفيدني صُراخٌ أو نزيفٌ أو خُدوشٌ أفتعِلها. كما أني في نُقطةٍ ما، أكون فيها وَحدي تمامًا أغرقُ دونَ بَحر، أتمسكُ دون يَد.

أهذا أسمى و أكثر تعبيرٍ يُجسد شُعور الوِحدة؟ أن لا يراني وحيدُ ما أراه؟

أهذا شُعور أن أُحِب بمُفردي؟

" هل سترحَل؟ "
كيف يكونُ لصوتهِ أن يحمل كل هذا الإتزان؟

VK| مَشهدٌ مِن نافِذةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن