كيف يَعلم الإنسان إنه حَيٌ على وجه اليَقين؟حين يغوصُ في الزُرقة، و يتأجج عَويل روحهِ مثل هُبوبٍ لا نهائي، كيف يَعلم؟ و كل ما حولهِ هَش، كل ما حولهِ شناعةٌ تتزايد، كيف و السَماء ليست في يده، كيف و الحُزن في المرآة سباقٌ قبل ملامحه؟
أنا حَيٌ و لكني لستُ بحَي
جسدي مُنهك، أشعرُ بشيءٍ كبيرٍ من الثقل يضغطُ على صدري، و كأنَ يداي مُكبلة لكنّي لا أستشعرُ ما يُقيدني، و كأنّي أغوصُ في إختناقٍ لا نهائي من العَجز، عينايَ مُرهقةٌ أجفانُها، أشعرُ بالجفاف يُمزق حُنجرتي و يُعدم صوتي.
بدأت الأصوات المَحجوبة حولي بالتزايُد، أصواتٌ غاضبةٌ و عالية، كانت لشخصين؟ أو أكثر، لم أكن أستطيع حقًا التَمييز
جعدتُ وجهي بإنزعاج حين أحسستُ بسائلٍ يطأ جلدي، و بُتِر كل هذا الصخب فجأة! حاولتُ مجددًا فتحَ عيناي و رفع جسدي من موضِعه، إستطعتُ رؤية سقفٍ بُني باهت لم يسبق لي رؤيته سابقًا حين أبصرت بعد عِدة محاولات، فكرتُ أن أُسند جسدي أو أستقيم و لكنّي كُنت خائرًا كفاية لذلك، إبتلعتُ ريقي و إلفتُّ جانبًا ببطئ بذات تمدُدي حتّى أحسستُ فجأةً و في وهلةٍ واحدة.. بأن قلبي يكادُ يُقتلع مِن صدري لفرط نبضِه
توسعت عينايَّ على مضض و إستصعبتُ التَمييز بين هلاوس أو صِدق ما أرى، حيث كان حونغكوك واقفًا هُناك، على بُعد عِدة أقدامٍ مني بوجهٍ و قميصٍ أبيض مرفوع الأكمام مُلطخان بالدماء، و كان ينظرُ نحوي، بشَراسة، بفيض، بإنهمارٍ كبير، أحسستُ أني على وشك التَبخر، كِلتا يداي تهتزان، أحسستُ أني أُصارع و أنسى أنفاسي، أني أغرقُ في مديد اللاوعي بعِنفٍ و كل ما فيّ يرتجف!
إنهُ هو نفسُه، ذات الوجه اللاذِع، ذات المَنكب الواسِع، و ذات العُيون التي خَذلت صَبري، إنهُ هو.. مُتجسدٌ أمامي، في أسمى مَشهدٍ للصَمت، يُحدق دونَ إنقطاع، يتمادى دونَ حُدود.. و لكن لِمَ و الآن؟
لا أحسُ بشيءٍ واحد، لا تُنقذ شُعوري كلمة، لا يلتبس جَسدي ثُبوت، و أُجزم أني أرتعشُ حتى في نَظراتي! أنا غاضِب، يائسٌ و هَشٌ و مُنخذل، و أتوق لِما ليس حَقًا لي، أحسُ بالبَلاهة الشديدة لصبري، أحسُ بإشمئزازٍ مُريع، يُحيط كل شُعورٍ مَخذولٍ في قلبي لم أنطُق به، و كُسِرت أجنحتهُ مُنذ ولادته، أُشفِق على أيامي، أُشفِق على كل إنكسارٍ سَحيق أحسستُ فيهِ أني غادرتُني للأبد.
أعلمُ أني وددتُكَ أكثر من أي شيء، و تُقتُ كُلي إليكَ حتى أمسى طيفُك مقرونًا بكياني، أعلمُ أني بَكيتُ مثل تائهٍ أضلَ طريقهُ حتى الأبد، لكنّي خُدِشت أكثر لهذا الإدراك اللعين، أنّي وَحيدٌ و أقرُ بحَاجتك، أنتَ وحدكَ بين الملأ، و لكنكَ كُنتَ بَعيدًا.. بَعيدًا جدًا ولا تمُد لي حتى يَدًا!
أنت تقرأ
VK| مَشهدٌ مِن نافِذة
Romanceفي مَطلع الأمر ستتشبثُ بهِ مثل فجرٍ لا تبتغي زواله، و لن يطوّل الوقت حتى تشعُر بروحِك - مِثل عينٍ - تتوسعُ فَزعًا مِن شمسٍ داهمتها. " أنظُر داخل عينايَّ فقط، و ستنهمِر أجوبة كل أسئلتِك "