الجُزء الخامِس عَشر

3K 226 60
                                    




إلى رجُلٍ صبوتُ إليهِ حتى أطاحَ وجداني، و كشَف سريرتي و أدمى بكل زَهر الغُروب المُلطخ شعرًا و فصاحة، بتبسُمٍ واحد.

إلى كيانٍ لم يعرِف قَط للغَرق وجهًا، ولا لونًا، ولا إختناق، لأنه كانَ بنفسهِ الغَرق، بنفسهِ الإنسيابية، بنفسهِ النجاة. إلى كل خساراتي، و رِبحي الواحد المُنفرد -الذي لا أستحسنُ نفسي إلا عليه- و لا أُهزم بضُعفٍ بليغ، إلا معه.

أحبُك و كم ذلك صعبٌ على صدري أن يُباح؟

أحبُك و كم إنَ بداخلي ضُعفًا و قلقًا بليغًا.. أحبُك و كم هَجرتني الكلمات! أحبُك و كم أن الإستسلام فيكَ ينهشُني!

قد أكون نسيتُ الآن، كيف لوحدتي أن تكون ملاذًا أُخيط به جروح جلدي، كم غُربتي راحةٌ و إن كثُرت، و لِمَ سهوتُ في تِلك الليالي المُختنقة ثلجًا يرتمي وقعهُ فوق رأسي، بينما كان الإيتاء إليكَ أولى و أبجلَ من أي لهوٍ مَذكور؟


مثل خَدشٍ ورقةٍ ضئيل، توسعَ حتى صار جرحًا

مثل أُعزوفةٍ طويلة، أشعلتها همهمةٌ عابرة

مثل لهيبٍ نهِم، كان في أصلهِ شمعة

إنشرختَ في صدري، في نَفسي، أتيت و مزقتَ بكيانك كل موجود! أمسيتُ من فرط حُبكَ أراك في كل شيء! في باطن كفي المُرتعشة، في بياض لوحة، في ألحان الأُغنيات الصامِتة و حتى في أي فاهٍ لا يتحدثُ بك، أسمعُك. في تنفُس الصُبح أراك، في وجه الفَجر أُبصرك، و في طُمأنينة كل موجود، أحِسُك. متى قد أتمكنُ من أن أكون مِثلك، أو أكون شيئًا بركيك مُحاولتهِ قليلًا يُشبهك؟


أعطِني يا بَصري تأشيرة إصبع، تطايُر شعرة، رفرفة جِفن، إلتفاتة مُكترث أعطِني قليلًا، يكون في عيني جُم الكثير، أعطِني سخيًا، وفيرًا، و أكثر بكل ما وَسعك من هَدر، ما يعصفُ في شِتائي بألف شُعور.


أعطِني حتى يبلَ حُزن ألمي و يرتعش العَطش، أعطِني حتى يتفجرَ في داخلي ألفُ ألفُ شُعرر، و أحسَ أخيرًا بعد توالي كل هذا اللاشيء، أنّي شيءٌ و موجودٌ و كيان.


" من قال أني حتى دون شُعورٍ سأنجو؟ أكادُ أتقيأ من فَرط هذا العدم "
بصقتُ تكتُل القهر المُتحجم في حُنجرتي بأضيق نبرات الألم. نفثتُ الدُخان مُجددًا من فمي و وضعتُ بَرد كفي على وجهي التعِب، أتحسسُ تجاعيد الخيبات بدقةٍ ملموسة حتى أشدها وطئة، خيبةً خيبة.



" و لكن إن لم أكُن أنا أُحِبك.. "
فماذا يُمكنني أن أكون!

VK| مَشهدٌ مِن نافِذةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن