الفصل الثالث والعشرون

1.4K 80 4
                                    

قبل أن توشك أعصابك على الإحتراق، تذكر أنك لن تستطيع إصلاح العالم، ولا عقول الناس، ولست ملزمًا بالخوض في كل حديث، ولا إبداء رأيك في الأمور، ولن تكون وصيًا على أحد مثلما لن ترضى أن يكون أحدًا وصيًا عليك.

لكل شخصٍ تفكيره المبهم الذي لا يفهمه أحد..إلا إذا قرر أن يبوح بيما يجول بعقله.

هناك مقولة قديمة تقول "يأخذ الإنسان دروسه المؤلمة، من الأشياء التي أدخلها قلبه واستأمنها عليه".

كلما وجهت له سؤال قابله بالصمت التام، إذًا هو لا يثق بها حتى يعطيها أسبابه، وأيةٌ أسباب تلك التي تمنع رجل من أن يكون له ولد..لو كانت امتنعت الأنثى لوجدنا لها ألف مبرر وأكثر من نصفهم صحيح أم كون الرجل ممتنع عن الخَلف فهو أمر يثير شكوك أنثاه ويجعلها تجن من كثرة التفكير..هل هو لا يحبها حتى لايريد جلب طفل منها..!! هل هي مجرد علاقة مؤقتة في حياته مقدر لها الإنتهاء..!! أم أنها لا تليق به لتكون أمًا لأطفاله..!!

ستجن إن لم تجد إجابة لكل تلك الأسئلة التي تنخر في عقلها دون رحمةٍ بها..وأين هو من كل ذلك ليجيبها..!! غادر من حديثهم ليلة أمس دون قول شيء...نهائيًا

أفاقتها من غيبوبتها المؤلمة لقلبها صوت الخادمة وهي تخبرها إن كانت بخير وتستطيع الهبوط فإن عمر ينتظرها بالأسفل، أومأت برأسها ثم بدأت بتبديل ملابسها بفتور شديد وفكرة واحدة فقط تسيطر عليها الآن..فكرة شديدة الخطورة.

انتهت من هندمة ملابسها ثم هبطت لأسفل وجدته يجلس على كرسيه وفي يده فنجان من الشاي كما يحب أن يشربه، أجلت صوتها قائلة بهدوء حزين:

_صباح الخير يا بابا

وضع الكوب جانبًا ثم رفع عينيه ينظر لها وجدها مطفئة كحالها عندما علمت بموت أخيها تمامًا وربما أكثر..أعطاها إبتسامة صغيرة قائلًا:

_اقعدي يا بنتي

تراجعت للخلف قليلًا حتى جلست على الكرسي المقابل له تنظر لأسفل بوجع إنسان حصل للتو على الإطمئنان الشعور الأكثر ندرة في الحياة وفجأة قبل أن يسعد بها انتُزع منه عنوة..وجدها صامتة..حزينة.. الإرهاق بادئ بشدة على وجهها، فأردف قائلًا بتساؤل:

_إيـه الحكاية..!!

رفعت رأسها عندما بادر بالحديث نظرت له مطولًا قائلة بوجع:

_شريط الحكاية سف في النص

من الصعب على الإنسان أن يقف وحيدًا دون كتفٍ يضجع عليه ألمّ تتسأل يومًا ما هو سبب شقاء الإنسان وما هو سبب غبطتهُ..!!

لكي يكون الإنسان سعيدًا يحتاجُ لسندٍ، كتفٍ ثابت يضجعُ عليه وقت ألمه، يحتاج من يُخبره من آن إلى آخر أنه الأفضل..الأجمل..الأصدق..الأحب، يحتاج لضلعٍ ثابت يواسيه عند حُزنه، يقفز فرحًا عند سعادته، يتباهىٰ به أمام العالم بأنه جزءه الآخر المكمل له، شقهُ الضائع الذي عثر عليه في دوامة الحياة الراكضة، يحتاج أن يُمسد إحداهما على قلبه بكلماتٍ شافية، كأن يشاركه لحظات حزنهُ وانتكاسته قبل فرحهُ، أن يصفق له بروحهِ عندما يفعل شيئًا جيد مهما كان صغير بالنسبة له..

عذاب حبـك  "الجزء التاني من جبروت قسوته"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن