الفصل الثالث والثلاثون

1.8K 79 8
                                    

أنتَ تحتاجُ من يتمَسك بكَ كأن قلبك طرفُ خيطٍ فَر من كنزة صوفية خوفًا عليه من التهرئ، تحتاج لإهتمامًا يُسقى بماء الحُب، تحتاج أن تشعُر أنك الوحيد الذي يمتلك سعادة طاغية، كونك إنسان فإنك تحتاج الحُب، تريد من يراك كأنك أعظم شيء فاز به، تريد أن تكون مميز لدى شخصك المميز، تريد الشعور بالاطمئنان لا الشعور بالنفور من الجميع، تريد أن تتجاوز لا أن تتناسىٰ، تريد في أشد لحظاتك صمتًا أن يجسد لكَ إحداهما الطمأنينة بنظرة عينيه..تريد أن تكون قوي للحد الذي لا يستطيع أحدًا هزيمتك..قوي بمن تحب.

زاغت عينيها على وجهه قائلة بصوتٍ خفيض جدًا يكاد لا يُسمع:

_لؤي أنا بحبك

كلمة صغيرة كان ينتظرها منها دومًا وخرجت الآن في مكان وزمان غير صالحين لها البتة، لا ينكر أن تلك الكلمة حركت سواكن قلبه ناحيتها من جديد، لكن لا ليس الآن، وضعت رأسها على كتفه مغمضة عينيها ليستفيق على حالتها سريعًا، حملها بين ذراعيه يخطو ناحية سيارته المصفوفة في الخلف وضعها برفق ثم جلب حقيبته الطبية من الخلف وأنار كشاف هاتفه ليكون عونًا له، جفف الدماء من رقبتها أولًا ثم وجد أسفله فتحًا صغيرًا عليه إغلاقه، أخر الإبرة وخيط الجراحة وبدأ في تضميد جرحها، ويحمد الله على وجود حقيبته الطبية معه دائمًا.

أنتهى من وضع لاصقه طبية على جرح رقبتها الصغير، ومن فرط الخوف الذي يرأه في عينيها أمسك وجهها بين يديه بكل عاطفة يحملها لها قائلًا بهدوء:

_متقلقيش يا سيلا، مجرد جرح بسيط وهيخف علطول، أنتِ كويسة متقلقيش..ماشي

عاطفته الظاهرة في نبرة صوته الهادئة أثارت الندم في نفسها، كيف كان جوارها منذ زمن ولم تحبه، كيف أستطاعت كسر قلبه بدل المرة مرات عديدة، كيف سيسامحها بعد ذلك.!

بكت وكيف لا تبكي وليس لها عزاء الآن سوا البكاء، مد يده سريعًا يمسح دموعها المتساقطة قائلًا بحنان:

_شششش والله أنتِ كويسة..كويسة وفي أمان دلوقتي

في موجة الحنان الذي يغدقها بها لم تجد سوى أن تُلقي بنفسها عليه، ليحيطها هو بذراعيه مربتًا على ظهرها بحنان بدأ يكتشفه وهو معها فقط..أخذ يبثها عدة كلمات مطمئنة ثم أبعدها عنه قائلًا بجدية:

_أنا هبلغ علشان يتربى

لم ينتظر رد منها على كلامه حيث خرج من السيارة بعدما أخذ هاتفه يحادث الشرطة، أنهى مكالمته واستند بجزعه العلوي على السيارة ينظر للاشيء حتى شعر بها تقف جواره بإرتباك واضح تفرك كفيها بتوتر ملحوظ، لم يتكلم ولم يعلق بشيء بقى صامتًا كأن داخله أصبح مجوف فارغ تمامًا من أيةُ كلام يُقال، وقفت مستقيمة تنظر له وشفتيها تحاول الإبتسامة جاهدةً لتردف بهدوء منادية إياه:

_لؤي

التفت بنظره له يرمقها بتساؤل لترطب شفتيها بلسانها قائلة بجدية نابعة من خلجات قلبها:

عذاب حبـك  "الجزء التاني من جبروت قسوته"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن