القاتل

54 10 2
                                    

كان جسدُ كين يقفُ ثابتًا مراقبًا تلكَ الضحيّة التي تلفظُ أنفاسها الأخيرة دون تدخّل، ولأول مرة لم تؤثر به تلك الدماء تلقاء جرعةِ الصدمة التي تلقاها أو أن الرؤية لم تكن واضحةً أصلًا

و على الرغم من تعرضه للخيانات مسبقًا إلّا أنّ هذه تعدّ أشد طعنةٍ تلقّاها رغم استكنانها في صدرها

كانت عيناه تنطقانِ حزنًا شديدًا دون دموع وما هو أصعب من البكاء إلّا فقدان القدرةِ عليه، ولطالما كان في قلبِه بكاءٌ عالق استسلمَ عن اطلاق سراحه

"استدعِ رين فحسب!"
صرخَ ديفد آمرًا المتسمّرَ أمامه بعد أن فقدَ صوابه وشريكته مسنّدةٌ على صدره أرضًا ثمّ نزَع الآلة الحادة من عمقِ صدرها دونَ تردّد وهو يتجاهلُ نياحها ألمًا ليتألمَ أكثر

التقطَ كين تلكَ السكينة رُغم حرج الموقف ثمّ أدخلها في جيبه بهدوء كسارقٍ في وضح النهار و وجهه البارد يثير ريبة أحدهم

"ناهيكَ بأن طالب الطب سيكونُ عاجزًا عن المساعدة، ألم تفكّر بالأدوات التي سيحتاجُها؟"
سألت جولي وهي تحدّقُ به دون شفقة، بل كانت على يقين بأنّ ما فعلته مايا لم تكن تضحية فحسب، ذلكَ واجبٌ من المفترضِ بأن يحدث مسبقًا

قاومت فقدانها لوعيها محاولةً التحدّث لتعيشَ آخر لحظاتِ حياتها
"عندما سألتُ نفسي عن سببِ رغبتي بالعيش لم أجد ما يقنعني"

"اغلقي فمك، لا تجهدي نفسكِ أكثر"
قال ديفد وهو على أملٍ كبيرٍ بنجاتها لتبتسمَ لهُ بصدقٍ ولأول مرة
"لربّما الشهرُ الذي قضيته في هذه الباخرة أفضلُ ذكرى سأتركها من ورائي، فعلى الأقل لم أكُن وحيدةً كما أنا في أيام رخائي"

لم تراعي هولَ صدمةِ من يحملها ومن على أملٍ في نجاتها لتكملَ كلامها المزعج بالنسبة له بتثاقل
"حاولتُ قتلَ نفسي مرارًا وتكرارًا قبلَ قدومي إلى هنا، ولعلّها كانت اللحظة المناسبة"

"تستحقّين العيش مايا، أكثر من غيرك"
قالَ بصوتِه الأجهش وعبراتٌ تسيطرُ عليه لتقيّد لسانَه الذي يجرّه جرًّا

"رغبةُ الموتِ لن تفارقني حتّى وإن خرجتُ من هذه الباخرة اللعينة"
صرّحت بمشاعرها المكبوتة لتكون آخر ما ستقوله ثمّ سعلت دمًا و لفظت أنفاسًا أخيرة لتودّع من حولها والصمتُ يعمّ أرجاء تلكَ الغرفة

سقطت دمعةٌ تتلوها أخرى من قِبل ديفد وهو يحدّق بتفاصيلِ وجهها دون استطاعته على إيقافِ حركة يده التي تواصلُ المسح على شعرها المجعّد، ولم يكن الموقفُ جديدًا عليهم..

فقد فعلَ كما فعل سابقًا عندَ موتِ توأمه، انطوى على نفسِه محاولًا الانعزال
"اخرجوا جميعًا، أنوي تسليمَ نفسي للقاتل"

لوفينياWhere stories live. Discover now