النهاية

156 14 18
                                    


كانت الساعة الحادية عشرًا مساءً عندما دخلَ كين لمنزله متعبًا، سار نحو مطبخه قبل تبديلِ ملابسه ليرتشفَ كأسًا من الماءِ يروي به عطشه

كانت الإضاءة خافتةٌ آنذاك والظلام يكسو مكانه الهادئ، اتّجهت عيناه إلى هاتفه ليلاحظَ وصولَ اشعاراتٍ متتالية من أحدهم، وكما توقّع، كان جاسون الذي يحاولُ ملازمته وعدم تركه وحيدًا مكفّرًا عن ذنوبه

ابتسمَ ساخرًا ثمّ صرّ على أسنانِه محاولًا تمالك نفسه
"هل ضميرك من يدفعك لمعاملتي بهذا الشكل؟"
سألَ لفظًا بالخفاء دونَ أن يدوّن أو يرسل ما قاله

تركَ جهازه جانبًا ثمّ فتحَ بابًا مؤصدًا جانبًا ليتّضح بأنّه مستودعٌ صغير يحتجزُ به كومةً هائلة من الكتب المرتّبةَ في رفوفٍ بعدَدٍ لا يحصى

اتّجه نحو كتابٍ بنيٍّ معني، ولكن ليسَ من أجلِ قراءته وإنّما ليحرّكه حركةً طفيفة قاصدًا فتحَ مخبأه السري

لم يكُن أمامه سوى درجًا ضيقًا ليسلكه بخطًا متأنّية خوفًا من سقوطه، و عندما وصلَ لآخره رفعَ عينيه نحوَ ظهرِ كرسيٍّ أمامه

دنا بسيرٍ وئيدٍ باتّجاه من يستوطنُ فيه ليستمع لأنفاسٍ متسارعة هائجة حالَ اقترابه، ثمّ حدّقَ بالأكلِ الذي تركه صباحًا قبلَ مغادرته ليتّضح له بأنّهُ لم يُلمس قط

ارتسمت ملامحُ البرود على وجهه و رؤية الفراغِ في عينيه، كانَ جامدًا بلا حراكٍ سوى رأسه الذي استدارَ بناحيةِ المقيّدة الصامتة برعبٍ أمامه

ككلّ يومٍ منذ ثلاثِ سنوات، بقيت مذعورةً تتلمّس الخلاصَ من موقفها، رأت عيناه تتجّهانِ نحوَ جهازِ الصعق الكهربائي لتتسارع أنفاسها أكثر دون أن تنطق بكلمة بعدَ أن توقّعت حركته التالية، عندها سيطرَ عليها الاضطرابُ الشديد واهتزّ قلبها لدرجة أن ينتصبَ شعرها

اتّجه نحوها كين مقتربًا أكثر ليهمسَ بصوتٍ حاد مشيرًا لصرامته مع نظراتٍ قاسية نابعةٍ من حقد
"أتلعبين معي لعبة؟"

تصاعدت أنفاسها أكثر في تلاحقٍ عنيف وانعقد لسانها، شهقت من شدّة الخوف الذي تملّكها وداخلها الفزع حتّى تجمّد الدم في عروقها

و بمجرّدِ سؤالٍ واحد استطاعت دموعها السقوطَ على وجنتيها لتغمض عيناها مع عجزها عن صدّ آذانها

تصلّبت عضلاتُ وجهه ثمّ تطاير الشر من عينيه
"قانونها بسيطٌ جدًّا.. أصرخي حتى الموت!"
قالَ مقلّدًا ليشغّل الجهاز مباشرةً مستمعًا لتلك التأوّهات المتألّمة التي تشفي غليله نوعًا ما

ذلك الصراخ الذي استمعَ له مرّتين.. مرّةً في حلمه ومرّةً في واقعه، ذلك الصراخ الذي يعكسُ مشاعرَ نارا الحقيقة بعدَ تزييفٍ طويل ولأوّل مرة...

—————————————
نصيحة كين:
"العتابُ أسلوبٌ قديم، المعاملةُ بالمثلِ أجمل.."

النهاية!

لوفينياWhere stories live. Discover now