الفصل الحادي و العشرون : مظهر جديد

291 32 4
                                    

" أوه! أنا ممتن جدًا لأنك ما زلت هنا "
بعد دخولها الغرفة ، أغلقت سينا الباب و مشت  مهرولة نحوه ثم تتوقف على بعد خطوة واحدة من مكتبه
" هل هناك خطب ما ؟ "
باعد شفتيه و سأل ثم  رفع كيران رأسه و نظر إلى زوجته الواقفة  أمامه تحتضن رِزْمَةً من الأوراق
ابتلعت ريقها " هناك خطب " عضت شفتها السفلى 
" في الحقيقة .." تنحنحت " أريدك أن تقوم بختم وثائق المالية هذه"
" لماذا لم ترسليها مع البقية بالأمس ؟ "
طأطأت سينا رأسها و ردت :
"  لم انتبه لوجود وثائق اخرى "
تنهد كيران ثم ألقى القلم جانبا و تراجع ليريح ظهره و الانزعاج
بادٍ على وجهه
" كيف يجب أن أتعامل مع هذا الآن سينا ؟ "
أضاف :
" اخبرتك من قبل ،العمل بعشوائية هكذا لن ينجح "
رفعت رأسها ثم فصلت شفتيها للتوضيح لكن سرعان ما اطبقتهما و نظرت بعبوس ثم تنهدت
راقب كيران تحركاتها ، تسير بمحاذاة المكتب ثم تتوقف
شعر كيران بخيالها خلفه " كيراني! " و سمع صوتها
التفت كيران في اللحظة التي أمالت فيها سينا رأسها فالتقت اعينهما ، فتحت عيونه على نطاق واسع و وثب قلبه من مكانه و تسارعت وتيرة نبضاته
" أرجوك .. "
وجهها القرب من خاصته ، تنظر بعيونها الذهبية الكبيرة مترجيةً و يداها الصغيرتان مستقرتان فوق كتفيه
" أعدك بأنني سأكون أكثر انتباها في المرة القادمة "
نعومة عطرها الحلو يداعب أنفه و يتغلغل إلى أعماق أعماقه
يحدق، نظرة شاردة متأملة كما لو كان يرى وجهها بهذا القرب للمرة الأولى في حياته
لم تستطع سينا معرفة إن كان ما تقوم به فعالا حقا لكنها استمرت ، اطبقت كفيها و حاولت استعطافه
" لن يستغرق الأمر وقتا طويلا أعدك "
" اعلم انك نوع الأشخاص الذي إذا أنهى عملا لن يعود إليه أبدًا لكن .. "
تشير بأصبعها  إلى طرف الوثيقة
" فقط ختم صغير هنا "
لم يكن كيران واعيا في تلك اللحظة، ينظر إلى شفتيها المتحركتين لكن عقله يرفض ترجمة ما تتلفظ به
واصل النظر بتمعن إلى كل شبر من وجهها ، كل تعبير تضعه
لاحظ الخصلة الصغيرة العالقة في الزاوية بين شفتيها فرفع يده و قام بإبعادها 
في نظره دائما بدت سينا صغيرة و نحيلة قابلة للكسر تحت اي ضغط بسيط تماما كجناحي فراشة لذلك كان يبذل جهدا  في التعامل بحذر شديد  لكن رغم ذلك استمر في التساؤل
أنا حقا .. لما ارغب في معانقتها بشدة ؟!
قبض كلتا يديه بقوة و تنفس بعمق بينما يكرر في نفسه 
لا تهذي كيران ، لا تهذي، هذا التفكير ليس صائبا
بعدها اعتدل في جلسته و زفر نَفَسَهُ و قال : 
" حسنًا، ضع .. ضعيها وابتعد عن مساحتي "
ارتفع حاجباها و اتسعت عيناها بينما تنظر إلى شخصيته
مساحتي! الا يمكنه فقط أن لا يكون لئيمًا لثانية ؟ أشعر برغبة في لكمه و.. سينا اهدئي! من اجل نضارة وحيوية بشرتك
استنشقت و زفرت بهدوء بعدها وضعت  الوثائق على المكتب أمامه ثم فرقتها عن بعضها و تراجعت نحو الخلف
  راقبت كيران يقوم بمد يده باتجاه صندوق عدة الكتابة ، يفتحه و يخرج الختم
  بنقع  أسفل الختم في علبة المسحوق الاحمر جيدا ثم و بخفة يده يختم الوثائق
عندما تأكدت من انتهاءه جمعت الاوراق و نظرت  مدققة أسفل كل الوثائق حيث ترك نقش الختم أثره ثم ابتسمت و التفتت نحو كيران
" شكرا لك "
بعدها استدارت و مشت باتجاه الباب
" سينا "
تلتفت 
" نعم "
" في المرة القادمة إن لم اكن هنا فقط اطلبي من جيروم أن يفتح الخزنة لك و قومي بختم الوثائق بنفسك "
رتب عدة الكتابة خاصته داخل الصندوق الخشبي العتيق ثم احكم إغلاقه و أتبع :
" لا داعي لانتظاري "
" حقا ؟! " اتسعت عيناها " هل ستسمح لي بفعل ذلك ؟"
أومأ برأسه
" ألست خائفا؟ قد اقوم بسرقة أموالك و الهرب بعيداً " 
شابكت يديها خلف ظهرها و ضيقت عينيها
" انت بالكاد تعرفني .. "
تقدمت بضع خطوات ثم فصلت شفتيها و قالت بطريقة مريبة :
" قد أكون شخصا سيئا "
تهمس
" الا تعلم؟ أنا خطيرة .. خطيرة جدا! "
انبسط وجهه و انفرجت شفتاه فارتفعت زوايا فمه في ابتسامة جميلة 
" لا ،  لست كذلك "
" ما الذي يجعلك واثقا جدا هكذا ؟ "
" لأن ضميرك لا يزال حياً .. "
توسعت عيناها الذهبيتان نسبيا ، رفع كيران رأسه و نظر إليها مباشرة و البشاشة بادية على وجهه
" هذا ما يجعلني واثقاً "
لاحظ كيران الحيرة في عينيها اللتين كانتا تسألان عن معنى كلماته، فكرت سينا داخليا
لماذا يبدو أنه يثق بي؟  أم أنها  طريقته في جعلني أصدق ذلك؟
استطاع كيران استقراء ما تفكر فيه من خلال ملامحها ، الاحتمالات التي كانت تضعها كإجابة 
لطالما كانت سينا مكشوفة له بطريقة ما من خلال تعابير وجهها ، لغة حواجبها تارة و عيناها تارة أخرى
' ظريفة '
تملكته رغبة غريبة في الضحك ، رفع يده و غطى فمه ثم أطبق شفتيه لحبس ضحكته لكنها انفلتت فانخرط في موجة من الضحك
تردد صدى نبرته العميقة في الارجاء
في تلك اللحظة جعل تصرفه قلب سينا يقفز من مكانه فزعا، عندها عادت حواسها للعمل أصبحت أكثر انتباها
واقفة كالصوص المبلول تشاهده يضحك غير واعية بما يجري ، تحدق بعيونها الذهبية الكبيرة في حيرة و تيه
انتظرت سينا تفسيرا لكن كيران استقام واقفا ثم ارتدى معطفه و سار باتجاهها، رفع يده و ربت على رأسها
" سوف أنضم إليك لاحقاً ، حسنا ؟  "
اومئت برأسها  و لوحت مودعة ثم راقبت سينا الباب يغلق تدريجيا
" ما الذي أصابه؟! "
تساءلت عاقدة حاجبيها ثم ابتسمت في اللحظة التالية و قالت بينما تعبث بأطراف الوثائق
" لكنه يضحك بشكل جميل حقا "
ضربت رأسها و قالت موبخة
" افيقي! قال ضحكة قال! .. أنا ما الذي افعله هنا أساسا؟! لأخرج! "
هرولت مسرعة نحو الخارج  

شمس أوستنWhere stories live. Discover now