الفصل الثاني : الجنية الغريبة

1.3K 96 34
                                    

استقرت مقلتاها على ذلك المشهد ، تلك الحشرات التي تملئ سقف الزنزانة تتحرك بعشوائية وسرعة ، تتبعها بحدقتيها بانتباه شديد تعدُّها

 "واحد ، اثنان ، ثلاثة .. اللعنة! اخرجوني من هنا حالا! "

انتفضت من مكانها تركل قضبان الزنزانة بغضب ، تلعن اللحظة التي تخلفت فيها عن زميلاتها في حين جحضت  الاعين القابعة خلف القضبان الصدئة المقابلة تراقبها ثم علت الهمسات لتصبح أوضح في مسامعها

"مجنونة!؟"

توقفت لبرهة تستجمع افكارها تحدق بتلك الوجوه التي ترمقها بنفس النظرات المستفهمة.

ما خطب هؤلاء القوم يحدقون بي هكذا ؟

«الى ما تنظر انت ؟»

صرخت بأحدهم في ذروة غضب

كانت صرختها كفيلة بجعلهم يتراجعون نحو الخلف عائدين الى أماكنهم ، تفحصت سينا بناظريها المكان الذي هي محتجزة داخله

"معجزة انت سينا ، حقا ، تنحني لك الرؤوس احتراما

تجعد جبينها بقلق

يا ترى هل لاحظوا غيابي؟ ميش "

تعود لتفترش الارض مجددا ، بيأس و ضجر تنفخ خديها ، تدندن ألحان بينما تحدق بكفها ثم فجأة  اعتدلت جالسة مكانها وابتسامة عريضة تعلو ثغرها،  زحفت نحو بوابة الزنزانة، تصدر بأساورها صوت تغتغة تزامن مع صوت دندنتها لألحان شعبية في فرح بينما  تقرع بأناملها على القضبان مشكلتا لحنا التحم و بقية الاصوات

اقتربت الرؤوس من الابواب بفضول امتزج مع الخوف لوهلة فإذا بهم يشاركون تلك المجنونة غناءها العذب مصفقين ..

فاشل انت يا صاحب الساق الحجر

لست أعلم أن كان قلبه ايضا من حجر

هل تعتقد بأنني سأخضع لك

سأعلن الحرب بقلبي و يدي و لساني

لا مفر ..

لك انت لا مفر ..

شيئا فشيئا راحت الضوضاء تعلو و تتصاعد لتبلغ مسامع  المتربع خلف مكتبه يتأمل مشابكا أصابع يديه الكبيرتين وسط ظلام

شمس أوستنWhere stories live. Discover now