الفصل الاول : أمُّ المصائب

2.8K 143 44
                                    

حطت الرحال لتلامس قدماها ارضية الميناء، بعد صراع سلبها سنين مراهقتها المعدودة ، حدقت بمسقط رأسها الذي بدا لها من الافق كصخرة صغيرة تطفو فوق مياه المحيط الازرق، غير مصدقة انها واخيرا تخطط حدود موطنها الام ، ارتفعت زوايا فمها ثم ضاقت عيناها المشعتان قبل ان تصرخ في فرح قائلتا:

" و أخيرا , العاصمة! "

جالت بنظرها في ارجاء المكان بحماس، غير مبالية بتلك المسافة و عدد الخطوات التي قطعتها مبتعدة عن زميلاتها الراهبات

 اخيرا ، الجانب الآخر!

تلمست كل شبر من المكان حتى أرضية الميناء الخشبية و بينما هي على وشك ان تخطو خطوة أخرى خارجه توقفت فجأة و على صوت احدى رفيقاتها ادارت جسدها لتلتقي عيناها المشعتان و اشعة الشمس المشرقة معا , عيناها الصفراوان اخجلتا الشمس و جعلتاها تتستر خلف سرب من الغيوم البيضاء الصافية لعظمة ما رأته

" سينا! "

نادت صاحبة الانفاس المقطوعة تحاول استعادة ما استهلكته جراء الركض المطول و البحث الجهيد ، ثم اعتدلت لتواجه بجسدها صاحبة الخطوات السريعة قائلتا بانفعال ونبرة معاتبة بينما رست أمارات الغضب على محياها :

" كيف لك ان تتركِ العشيرة سينا ؟, ماذا لو اصابك مكروه ،الارض ليست ارضنا كما اننا لسنا هنا للهو و التجول , أمنا تبحث عنك و هي غاضبة جدا , هيا لنعد "

كانت الغاضبة شابة في العشرينات من العمر بملامح بسيطة؛ وجه بيضوي غرقت فيه عيناها الترابية اللوزيتان , يغطي رأسها حجاب الراهبات ناصع البياض وكذا رقبتها ، امسكت بمعصم سينا تجرها خلفها مبتعدة عن المخرج غير مبالية بسلسلة التأوهات التي اصدرتها خليفة الشمس في الارض التي تحدق  بعينيها الذابلتين بعبوس نحو المخرج الذي يصبح ابعد شيئا فشيئا، بل اكتفت بتلقينها مجموعة من الدروس عن كيف يجب للراهبة المبتدئة ان تكون مطيعة لأوامر من هم اكبر شأنا.


" أنت تعلمين جيداً بأن أي خطوة خاطئة قد تعود عليّ و عليكِ بعواقب وخيمة , بالكاد استطعت انتشالكِ من آخر مشكلة أقدمت على افتعاليها! "

عقد حاجباها  و ذبلت زوايا فمها و هي تقول بانزعاج و استياء

" كلانا نعلم انني لست الفاعلة ميش , انا لا اجرء حتى على فعل ذلك "

ثم توقفت الاثنتان عن الهرولة لتلتفت ميش ثم تضع يديها فوق كتفي سينا  و ترد بنبرة هادئة :

 " أنا اصدقك لكن الاغلبية لا يفعلون "

تنهدت تضيف :

شمس أوستنWhere stories live. Discover now