٥_ 《قطع مفاجئ》

515 95 24
                                    

كانت إيميلي بغرفة أوليفيا، تستمع إلى الإذاعة كالمعتاد، وتقرأ بضعة من الورق الذي وجدته وهي تلملم نفايات غرفة أوليفيا، فتم تقسيم العمل بينهم، أوليفيا تقوم بالطبخ والغسيل والباقي يكون من نصيب إيميلي، فبعدما تناولوا عشاءهم، دلفت إيميلي إلى غرفة أوليفيا، لتجمع الأوراق المتناثرة على الأرض، حيث كانت الأوراق مجعدة، لم تلتفت إليهم، ولملمت الكثير، إلا كان هناك ما لفت انتباهها، رسمة بورقة مجعدة، ولكن ما زال الحبر بها واضحًا، وبالرغم من انكماشها، إلا أنه كان هناك جزء مكشوف من الورقة كافيا لتتمكن إيميلي من رؤية فتاة مرسومة تشبه أوليفيا، ولكن بنظارة شمسية سوداء كبيرة، فتحت الورقة لتجد الكلمات التي خطت بجانب الرسمة كالآتي:
- عدم رؤيتي لتقاسيم الأوجه، كانت سببا رئيسيا في نبذ زملائي سواء في الأعمال ذات الدوام الجزئي، أو في أثناء دراستي، حتى الحي الذي أعيش فيه، لم يفهم أحد أن عدم تعرفي عليهم ليس بسبب مرضي، فكنت أسمع كلمات مثل "متكبرة"، " كرة الفراء الصفراء"، "من تظن نفسها؟"لذا ؛ كنت أسير بخطى سريعة حتى لا أنصت إلى همهماتهم وبعض الأحيان صريخهم علي، ظنًا منهم بأني تجاهلتهم عمدًا، ومهما أخبرتهم عن مرضي لا يتفهموني، لا أعرف لما تكونت هذه الصورة بخيالهم؟ والأغرب أنها تناقلت بين أدمغتهم بالتصوير ذاته! لذا كنت أرتدي النظارات الطبية الواسعة والمقعرة، تلك التي تجعل من يراها، يدرك أن مرتديها نظره يكاد يكون معدمًا وبأوقات كنت أرتدي نظارة سوداء، وأتمسك بالعصا الخاصة بالمكفوفين، فلقد آثرت ذلك على أن يتم نبذي مجددا وإخبارهم بتبريراتي غير المجدية بكل مرة، أتعرف بها على أناس جدد!.

لا أفهم صعوبة تقبل الظن الحسن على السيء!؟ كان الجميع هكذا، إلى أن وجدت إيميلي، فكانت باليوم الأول الذي تعرفت عليها به، تراقبني. أشعر بها تتابعني بكل حركة، وبالأسبوع التالي، جاءت ملوحة لي بكفيها، وتابعت تخبرني فقط بأن أتذكر تلويحها لي عند ترحيبي، وأن أتعرف على نبرة صوتها وهي منزعجة، وسعيدة والأهم عند حزنها، قالت لي بنبرة اخترقت قلبي: أنا سأكون رادارك الخاص، يا أوليفيا من الآن وصاعدا.
شعور بالأمان غريب اجتاحني، فلم تكن جملة عابرة، بل كان عهدًا.

أنا لم أخبرها عن مرضي وهي لم تسألني، أو حتى تضعني بموقف يحشرني في الزاوية لأبرر لها أفعالي! امتننت لها داخلي، فهي أول شخص لم يسئ الظن بي، بل يمكنني أن أقول إنها أول شخص أهتم بشأني عوضا عن أن يهتم بشأنه.

تضببت عيناها بالدمع تأثرًا بما كتبته أوليفيا، لتمسك بورقة أخرى والتي كان مرسومًا عليها مشهد حادثة الصفعة التي تلقتها من قِبل شارلوت، وخُطّ بجانبها:
- تلك كانت أكثر لحظة شعرت بها بالعجز، بالرغم من أن عمى الأوجه، جعلني عاجزة عن القيام بأمور أتمناها ولكني لم أشعر بالعجز كما أشعر في هذه اللحظة، لم أشعر بأني مكتوفة اليدين وملجومة اللسان، فقط قلبي لا يهدأ وصدقًا لا أعرف إن كان يرتجف أو يعتصر ثم تفاجأت بدموعي، والتي سقطت دافئة بشكل غريب دون سيطرة مني، ولكنها لم تكن ساخنة بقدر دمائي داخل أوردتي، لذا من أعماقي حمدت الرب على مرضي، فبسببه لم أواجه أعين المتواجدين، ولم أر نظراتهم لي، فمنهم الشامت والمشفق والأناني والمتملق ولكني ما لبثت إلا أن رأيت وجهه، مشاعر مختلطة راودتني بهذه اللحظة، كالدهشة والغضب، خاصة عندما أخبرني بأني كاذبة، لا أعلم لما آلمتني هذه العبارة، يقولون إن بعض الكلمات كالسيف، ربما هذا ما شعرت به، أنني كنت بمعركة أقف وحيدة خاوية من أي سلاح، ثم جاءني سيف مسموم، تم غرزه باحتراف لقتلي.

مِذياع توماس.✓Where stories live. Discover now