٢٨- 《عشر سنين إلى الوراء》

172 37 7
                                    

حينما تلقى الخبر وهو بالخامسة والعشرون من عمره، ذاك الخبر الذي يخطره بوجود والدته في المشفى جراء حادث،  هرول إلى  حجز أول طائرة لإستراليا وعندما وصل إلى أرض الوطن علم أن والدته قد توفت قبل أن تجرى العملية الجراحية ، جراء الحادث .

دلف إلى غرفة المشفى حيث كانت والدته تتدثر بالغطاء الأبيض، تجلس فتاة على السرير تبكي ، وجهها مدفون في كتف والدته، تتمسك بيديها، تبكي دون هوادة وشعرها الذهبي لطيف التجعد  كان مبعثرًا من حركتها، ترتدي زي الثانوية .

دون أي سيطرة منه، ذهب إليها بأرجل متثاقلة ، لا يريد أن يصدق ما تراه عيناه، هي أمه العزيزة التي لم يرها منذ أعوام ، أخذ يتفرس في ملامح وجهها، يحاول أن يضع صورتها الأخيرة في مخيلته، ثم أمسك كفيها ولاحظ زيادة تشققات يدها، قبّل أياديها وصرخ طالبًا أن تجيبه ... نظرت له أوليفيا أولا ولم ينبهها دماغها، أنها تستطيع أن ترى ملامحه ، بل تناغم أصوات بكاءها مع أصوات بكاءه وتعالت أصواتهم مما جعل الطاقم الطبي، يحاول أن يخرجهم خارج الغرفة لتكمل الجثة طريقها إلى المشرحة.

خرج كلا منهم بعيدًا عن الغرفة ، دون أن يتحدث أحدهما إلى الآخر، ثم جاء الشرطي ليجمع الأدلة لملابسات وفاة  السيدة ليلي، بسبب أنها توفت جراء حادث سيارة وأحدهم أبلغ بأن هناك قتل متعمد، فكان لابد للشرطة أن تقوم بعملها حتى تغلق القضية وتخرج شهاة الوفاة للسيدة.

حينما وصل ظابط الشرطة إلى أوليفيا، قام توماس بالانضمام مستفهمًا عما يحدث فأخبره الشرطي، فانتبه لأوليفيا ونظر إليها نظرة طويلة ثم تذكر أن والدته كانت دومًا تخبره بأن هناك فتاة  ترعاها وأحيانا تقوم الفتاة برعاية والدته، فتنهد داخله حاقدًا لوهلة عن تلك التي عاشت مع والدته بدلًا منه ثم سألها الشرطي:
- هل تتذكرين أي شيء عند وصولك للسيدة ؟ 

أجابت أوليفيا بصوت مرهق وحزن عميق تخلله البكاء:
- عندما وصلت ، كانت السيدة ليلي غارقة بالدماء ، هناك صوت للمذياع كان عاليا .

تابع الشرطي السؤال:
- متى كانت آخر مكالمة بينكما؟ 

- قبل الحادث بحوالي نصف ساعة تقريبًا  ولكن بدا لي  أن صوت المذياع كان يعلوا على صوت نغمة الهاتف وقتما هاتفتها وأيضًا عندما وصلت... 

- أي كنتِ تتحدثين إليها قبل حدوث الإصطدام؟

- أجل، كانت السيدة تتحدث إلي لتطمأن على حالي ، فآخر ما سمعته كان أنها تطلب من السائق أن يزيد من السرعة للحاق بي.

وأعقبت جملتها ببكاء ونحيب  فالدموع كانت تساب دون سيطرة منها ثم تابعت قائلة وهي على وشك الإنهيار:
- كل ذلك بسببي ، لقد آتت مسرعة من أجلي ... 

حاول أن يهدأ الشرطي من روعها وردد: 
- أهدأي يا آنسة أوليفيا ..أرجوكِ ... هذا لن يفيد

مِذياع توماس.✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن