١٧ - 《شاركيني》

505 70 145
                                    

بينما تحاول أن تترجم الأحداث، قاطعها مشهد لرجل ضخم بملابس رثة ورائحة خمر يسير بجانبها شعره مجعد اجتاحه اللون الأبيض، يمشي وهو يترنح... ارتعشت أوليفيا وشعرت بأن الأرض تدور حولها، وخاصة عندما وقف الرجل أمامها تماما ودون إرادة منها، رفعت عينيها، تتيقن إن كان والدها هو الشخص ذاته أم لا، بينما داخلها كان يخبرها بأن تتجاهل، فرؤيته لن تجلب غير كل شر، كما أنها لن تتيقن من ملامحه، ولكن مال العجوز السكير باتجاهها قليلا، وأردف بلسان متثاقل ونبرة مستفزة وعيون ماكرة:
- هيا... أمم يبدوا أن هناك دجاجة خائفة هنا!

ارتجفت أوليفيا فلطالما كانت هذه جملة أبيها الذي يقولها، عندما تختبئ منه، سواء بالخزانة أو تحت الفراش، ثم انتفض جسدها، حتى إن توماس شعر بقلبها ينتفض إلى الحد الذي سيخرجه عن قفصها الصدري، فوقف توماس أمام هذا الرجل في لحظة سريعة، حتى أخفى جسد أوليفيا تماما كحائط سد منيع بين السكير وبينها، وأمسك بذراعه قائلا بنبرة غاضبة:
- إلى أين؟ الطريق ليس من هنا!

كان الرجل غارقاً في سكره، ولكن عينيه لا تزال تحدق باتجاه أوليفيا، مما أزعج توماس، فوضع كلتا يديه على سواعد السكير، وأبعده بنفسه القليل من الخطوات التي كان يتقهقرها السكير خطوة وراء الأخرى، وقال بنبرة منزعجة:
- أين تسكن! سأطلب لك سيارة لتوصيلك.

نظر له الرجل قال بنبرة هيستيرية ومتثاقلة:
- أعطني أموالا! أريد مزيدا من الخمر....

لم يعره اهتمام لحديثه عن الأموال، ثم قام بطلب سيارة أجرة للمسن، الذي رفض أن يجلس بالعربة، حاول توماس الوصول لبطاقته الشخصية بأحد منافذ جيوب سترته، فلم يعط له السكير الفرصة لذلك، فسرعان ما أمسك السكير بياقة توماس، وقال بصوت غاضب متثاقل وهيستيري:
- اتركني!

تأفف توماس، وتنهد بالأخير هو أراد أن ينتهي من هذا الرجل لكي يطمئن على أوليفيا، التي تحولت لأول مرة كقطة خائفة مرتعدة.

تمكن من إدخال السكير، حتى استقر بالمقعد الخلفي بالسيارة، بالرغم من ضخامة جسده ولكنه كان بذهن وإرادة مسلوبة، لذا نجح في التخلص منه، وأخبر السائق أن يأخذ منه بطاقته الشخصية عندما يغط في النوم، فكان من الجلي أنه إن استمر هذا العجوز، عشر دقائق أخرى سيغفو ساقطًا.

أغلق توماس باب السيارة، ثم هرول باتجاه أوليفيا، التي لا تزال في حالة اضطراب وقلق، كانت تضع كلتا يديها بوضع متعاكس على صدرها، كانت وضعية تشبه رمز الإغلاق.

حقيقة أن الجسد يستمع إلى مخاوفنا صحيحة تماما، كما هي تفعل الآن، جسمها يتحدث معها، ويخبرها أنها تحتاج إلى الحماية أو الاختباء كما كانت تحبس نفسها، وتحتمي ممن يفترض أن يكون حصنها وسدها المنيع.

جلس توماس بجانبها، ونظر إليها مطولا، ألم اجتاح قلبه، لا يعرف ماذا يفعل هل تكون الكلمات في هذه الحالة شافية، أقسم داخله أنه لولا أن فعله ليس لائقًا، لكان أمسك بيديها، وقام بكسر هذه الحماية على قلبها، وعانقها في تهويدة تخفف عن حزنها.

مِذياع توماس.✓Where stories live. Discover now