الفصل الخامس

101 5 0
                                    

الفصل الخامس "ولعل ثقبا اصاب قلبك جعله الله لك عينا ترى به الحقيقة "
تنهدت تمارا وهي تتذكر تلك النظرات الغريبة والبسمة الساخرة لعماد ،انه لم يزد عن تلك الكلمات وغادر الغرفة ،كانت واقفة تنظر للظلام بالخارج ،لم تغادر تمارا غرفتها منذ دخلتها ،وقبعت فيها تنتظر شقيقها بشيء من القلق الذي زاحم قلبها واستقر فيه ،فتحت النافذة وخرجت للشرقة ،هاجمها هواء بارد،بدا الجو يتغير ،رفعت راسها للسماء رات سحبا تغطي النجوم ،الظلام كان حالكا،عادت للداخل واغلقت النافذة وجلست على السرير .
تخطت الساعة منتصف الليل ،لم يصل خالد ،تحول قلق تمارا الى هلع ،لم تستطع البقاء اكثر في غرفتها لذا قصدت غرفة اختها،عندما دخلتها وجدتها جالسة على سريرها بطريقة غريبة ،كانت تتحرك بطريقة مقلقة في جلستها تلك ،اسرعت تمارا لرزان وقالت "اختي مابك ؟"نظرت رزان الى تمارا نظرة فارغة وعادت لجلستها ،تكلمت تمارا "يا الهي انت على حافة الجنون رزان اهدءي"،زادت حركات رزان وبدات بالكلام "يوسف لم يعد بعد شاهدت حلما سيءا "ردت تمارا وقد بدات تكره يوسف"لقد مات اختي سقط من جرف الا تذكرين"لترد رزان "كان هذا في حلمي"بدات تمارا تهز رزان وتقول "ليس حلما غدا سيدفن انت ستعودين معي"دفعتها رزان بقوة حتى سقطت تمارا ارضا،نهضت بغضب وقالت "ماهذا الحب الذي يدفع للجنون "واسرعت لاختها ضربت وجهها بيدها وقالت "لعلك تستيقظين، لقد انتحر يا مغفلة لقد تركك لانك رفضت تركه لقد ياس منك "امام نظرات ذهول رزان تابعت تمارا بغضب شديد "لو كان يعني لك شيءا حقا لكنت تركته لحياته حبك له اناني جدا والان ستتسببين بنهايتك ان استمريت على هذا حياتك ليست لك وحدك اننا لنا جميعا الحق فيها انت لن تغلقي على نفسك بسبب يوسف "امسكتها رزان والقتها على سريرها واضعة يديها على كتفي تمارا ، كانت منبطحة على السرير لتعلوها رزان وهي تقول"ماالذي قلته للتو "،رات تمارا الذهول في عيني اختها ،فقالت "استيقظي اختي يوسف رحل لكنك هنا ونحن معك ارجوك"ردت رزان "ما الذي قلته اعيدي"بدات دموع رزان تسقط على وجه تمارا ،في نوبة غضب تمارا المجنون فقدت السيطرة على لسانها ،هي لم تدرك للان حجم الخطا الذي ارتكبته في حق اختها ،لتسمع نفسها تردد بهدوء وبرود"يوسف لم يسقط لقد انتحر"،جمدت ملامح رزان الدموع فقط استمرت بالنزول على وجه تمارا،بعد مدة تركت رزان كتفي تمارا ،نزلت تمارا من السرير بسرعة ،ومسحت وجهها من دموع رزان ،وقالت "عندما يصل خالد ساغادر معه ماذا عنك ؟"ردت رزان "غادري تمارا"،نفذت طلب اختها وغادرت الغرفة ،فكرت تمارا لقد تاخر ،علمت هذا حتى دون النظر للساعة ،وعادت لغرفتها

استيقظت تمارا بفزع ،لقد نامت لم تعلم متى غفت ، اسرعت الى الشرفة واطلت فرات حشدا من السيارات والرجال الفوضى كانت تعم المكان ،لكنها لم تتمكن من روية سيارة خالد، اسرعت لغرفة عماد الذي كان مستلقيا مغمض العينين ،قالت تهزه "عماد استيقظ هيا "فتح عينيه وقال "انا مستيقظ ايتها المزعجة"ابتعدت عنه سريعا وقالت "اخي لم يصل بعد لم ار سيارته انا قلقة من المفروض ان يصل امس"جلس على سريره وقال"اهدءي "كانت فزعة لاحظ ذلك من ارتجافها ،وتابع "اعطني رقم هاتفه في ورقة وسارى ما يمكنني فعله"ردت"لا يمكنك روية الارقام انا من ستتصل 'ليرد"يا غبية لن نجازف بان تراك امي ،لا تقلقي ساجد من سيساعدني ابقي في غرفتك ساعود قريبا"،كتبت له رقم المنزل ورقم هاتف خالد النقال في ورقة وسلمتها له ،اخذها وغادر الغرفة ،نزل الدرج وقصد غرفة المكتبة اقفل الباب بالمفتاح ،واسرع للهاتف اجرى الاتصال ،لم يرد عليه احد ،جرب رقم خالد ،طال الوقت قبل ان يرد خالد بصوت مضطرب ،اخبره انه تعرض لحادث سير ويحتاج المساعدة ليضيف ان والدته معه وانها فارقت الحياة ،وعده عماد بانه سيحضر المساعدة فورا واقفل الخط بعد ان عرف مكانه ،تسمر امام الهاتف وهو يردد بدهشة "ما الذي يحصل؟ "،اسرع لدليل الهاتف واتصل بالاسعاف والشرطة وابلغهم الامر ،كان عماد متوترا المفروض انه اعمى ،لكنه عجز عن البقاء ساكنا ،وغادر المكتبة وبحث عن شعيب حتى وجده اخبره بالامر ،وطلب منه اخذه للمكان ،بعد اخذ ورد وافق اخيرا شعيب ،وركبا السيارة وانطلقا .

عندما وصل شعيب لمكان الحادث وجد ان الاسعاف سبقه ،قال يكلم عماد"لقد وصل الاسعاف ابق في السيارة ساخرج لارى الوضع "،وفتح باب السيارة وخرج ،بينما بقي عماد يراقب الوضع من مكانه ،عندما وصل شعيب الى سيارة الاسعاف راى خالد هناك ،اسرع اليه وقال "خالد هل انت بخير بما تشعر؟"رد خالد بضعف شديد "لا اشعر بجسمي الامر ليس مطمءن "رد شعيب وهو يدقق في جسم خالد"ستكون بخير "،جاء مسعفين يحملان حمالة وضعت فيها والدة خالد التى فارقت الحياة ،اشاح خالد بنظره عنها بالم ،بينما بقي شعيب معه حتى انطلقت سيارة الاسعاف ،عاد بعدها لسيارته ،سال عماد"ما الخبر ؟"رد شعيب وهو ينطلق بالسيارة"لايبدو الوضع جيدا حالته سيءة " لحق شعيب بسيارة الاسعاف ،مكتفيا بهذه الكلمات التى اخنزلت الوضع كاملا.
في غرفتها لم تتحمل تمارا القلق الذي كان يتاكلها،لذا قصدت غرفة اختها ،وجدتها واقفة عند النافذة ،تكلمت "اختي كيف انت ؟" لم ترد رزان ،فاقتربت منها وقالت "يوسف قد رحل وحزنك هذا لن يعيده رحل جسده وبقي جسدك رحلت روحه وبقيت روحك اهتمي بنفسك اكثر" نتهدت رزان وقالت "اصمتي انت تزيدين الوضع سوءا بكلماتك " ،ردت تمارا " ربما انا لا اعرف كيف ازين كلماتي فتخرج كقنابل ،انا احيانا اكون قنبلة موقوتة ،لكني لا ادنس لساني بالكذب ،وان كنت اتسرع في الكلام بلا مقدمات وان عجزت عن تزيين كلماتي فاني لا اخرج عن الحقيقة ،الحقيقة لا تحتمل التاجيل "،التفتت رزان وقالت "لعلك تحفظين ما تقولينه كل ما تقولينه هو كلمات وخبرات الاخرين لم تاخذي من الحياة عمق تجاربها "ردت "ربما لكني اخذ بنتاءجها كعبرة"قالت رزان "لا تعرفين عن الحب شيءا وتتكلمين عنه كانك عشته لا تعرفين عنه الا ما قراته من تجارب الاخرين كل ما تقومين به هو اسقاطها على حياتك وحياة من حولك "،كلمات قاسية هذا ما فكرت به تمارا وهي تزدرد ريقها ،هل هذه اختها ام شخص اخر ،قالت بعد صمت "لا تعذبي نفسك ان كنت تحبين يوسف حقا ،لان ما تفعلينه لنفسك يعذبه هو لانه يحبك اكثر من نفسه "ضحكت رزان ضحكة جافة قاسية ساخرة وقالت "والان تمارا من اي رواية اخذت هذه الكلمات؟"ردت تمارا "من قصة حبك انت ويوسف"قالت هذا وغادرت الغرفة.

حل المساء لم تغادر تمارا غرفتها ،ولم تخرج رزان من غرفتها ايضا ،لم يكن القلق فقط ما كانت تشعر به تمارا بل ايضا الحزن الالم وشعورا عظيما بالخيبة ،لم تعلم كم انها كانت بعيدة عن اختها حتى هذه اللحظات ،مع ان اختها كانت تعرف جانبا من شخصيتها لكنها لم تعرف هي كيف تفكر اختها كيف تشعر ،لا شيء عن الامها عن احلامها عن ما يسعدها او يحزنها ،ولم يهمها ان تعلم فيما سبق من ايام.
في المشفى استقبل عماد وشعيب خبر وفاة خالد بصدمة بالغة ،توقف قلبه في العملية هذا ما ردده الطبيب ،اظلمت الدنيا في وجه عماد وشعيب ،كيف سينقلان هذا الخبر الصادم لتمارا ورزان ،بدا شعيب سريعا اجراءات استخراج الجثمانين ،وقرر دفنهما معا في مقبرة عاءلتهما،عادا بعدها الى المنزل ،كان قد غادر المعزون وتم دفن يوسف ،عندما وصلا كانت بلقيس في انتظارهما في غرفة المعيشة مع كريم واحمد ،وقبل ان يواجها تعنيفها ابلغها شعيب بسبب عدم حضوره الدفن ، كان الوقع صادما ومفاجا عليهم ،اكتفت بلقيس بالتاسف على الوضع وتركتهم وقصدت غرفتها ليبقى الاخوة معا ،تكلم كريم "علينا ابلاغهما"سال احمد "لكن اين هي تمارا منذ طردتها امي لم ارها ؟"رد عماد"انها هنا هي لم تغادر " قال شعيب "فلنجتمع معهما صباحا ونخبرهما وننهي الامر" ، فكر عماد فيهما وفي تمارا على الخصوص ،لكنه اكتفى بالصمت ،وسار قاصدا غرفته ،
استلقى على سريره بثقله محدثا صوتا قويا،سمعته تمارا في الجهة المقابلة ،دقت على الجدار ،فرد عليها بدقة واحدة ،قفزت على اثرها من سريرها ،قاصدة غرفة عماد ،عندما دخلت نظر اليها ،فوجا بها ترتدي ثوبا قصير الدراعين يزيد عن الركبة بقليل بلون زهري فاتح ،بدت فيه فتاه فاتنة كاملة الانوثة ،فكر انه اعمى في نظرها لذا ستظهر امامه بهذا الشكل بلا خجل ،استراح نظره على وجهها ،بينما خفق قلبها لتلك النظرات فسالت "ما بال نظراتك ؟"سالها "كيف هي نظراتي؟"ردت وهي تقترب "تبدو عينيك متوهجتين انك لا تبدو اعمى "،رد ساخرا "كيف يجب ان يبدو الاعمى والبصير؟" ،اقتربت من وجهه وحركت يدها امام عينيه وقالت متشككة "عيناك فيهما بريق خاص تبدو كانك ترى كل شيء" وجلست على الكرسي المقابل فرد "ماذا ان كنت ارى تخافين ان ارى بشاعتك "ابتسمت وقالت وهي تمسد شعرها الذي كان مسترسلا "طبعا اخاف عليك من بشاعتي قد يتوقف قلبك " جلس على السرير وقال "كيف اذن اعتقدت انه احبك ؟"سالت "من تعني ؟" رد "حبك الضاءع "تركت شعرها وراى عماد هذا وقالت " لقد جءت لاسالك عن اخي انتظرتك طيلة النهار بقلق وخوف " رد "اجيبيني اولا من كان "ردت "ساخبرك كيف كان " تابع نظراتها وهي تحدق في الفراغ وتابعت تقول "كان لطيفا علمني ان احب نفسي علمني ان امنحها قيمتها وان ارى جمالها جعلني اومن بما كنت اكذبه التقت افكارنا في فلك واسع هو المعرفة لقد كان مختلفا "اتزعج عماد وقال "اتسمين هذا حبا "ردت "انت من اسميته حبا ضاءعا " مد يده يلمس وجهها ارتعشت تمارا فقال عماد "الحب هو رعشة قشعريرة الم حلو في المعدة هل عرفت هذه المشاعر معه "ردت وهي متجمدة"نحن ناقشنا افكارا والتقينا في عوالم الفلاسفة ونافشتا عقولهم انه لم يلمس شعرة من راسي لاشعر بما تصفه "،اقترب منها اكثر وقال "هل تعلمين الحب يناقش الافكار والاحاسيس انه الاتصال الداءم بين الروح والقلب والجسد انت لم تحبي ابدا " ابتعدت عنه وقالت "ربما علي المغادرة "ووقفت وقف عماد وقال "الحب هو الشعور الذي يدفعنا للهرب خوفا من المشاعر التى تختلجنا بسببه "ادارت له ظهرها وقالت "ان كنت لن تخبرني عن اخي فتصبح علي خير " ،لمس شعرها الناعم وقال وهو ياخذ خصلاته ويقبلها "ان كنت لم تومني بتعريفي للحب فاخبريني ما هو الحب عندك اعطيني تفسيرا اخر "عند هذه الكلمات غادرته ،فكر وهو يستلقي كانت فرصة جيدة لاخبارها بامر اخيها لكنه عزف عن ذلك لا يريدها ان تبكي ،لا يريد لهذا الجمال ان يبكي.

لاكوزانوسترا  لكاتبة مريم نجمةWhere stories live. Discover now