الفصل الثامن عشر

57 1 0
                                    

الفصل الثامن عشر

حين نحترم أحدا ما احتراما عميقا نمتنع عن التسلل إلى خفايا روحه من دون اعترافه هو"

جاء الصباح مختلقا على رزان وكريم ،عندما فتح عينيه لم يجدها ،لكن جاءه عبق القهوة قبل ان يتساءل اين ذهبت ،ابتسم هي هكذا دائما ،لكنه يوما لم يهتم كيف هي زوجة اخيه يوسف ،تذكر عندما جاءه يوسف ليخبره على رغبته في الزواج ،كانا كلاهما في المدينة ذاتها يدرسان في الجامعة ذاتها ،لقد قال له بالحرف "لقد عثرت على فتاة مختلفة " كان رد كريم انذاك عاكسا لحيرته " الانك عثرت على فتاة مختلفة تريد الزواج " رد عليه يوسف "انا اريد الزاوج لاني عثرت على فتاة مختلفة" ،تساءل انذاك ودائما هل سيكون مثل يوسف يوما ويندفع للزواج لانه عثر على فتاة مختلفة ،في ذلك الوقت كان مقتنعا انه لن يندفع كالاهوج للزواج الا اذا اراد ذلك ،قطعا كان يرفض فكرة ان تدفعه انثى لاتخاذ قرار كهذا ،ومع ذلك لاحقا هو تزوج فتاة ليست من دينه ولا من طينة قومه ،كان ينظر الى السقف ،محاولا تحديد مشاعره اتجاه زوجته السابقة ،ومقارنتها مع رزان ،من خلال ما عاشه مع رزان حتى لحظته كان مقرا ان رزان مختلفة حقا ،لقد عرف وادرك وفهم مشاعر يوسف ،امراة كرزان تجلعك تتحول لصياد ،ليس لانها فريسة بل لانها غنيمة ،تمنى الان بكل انانية عاشق محب لو انه تعرف عليها قبل يوسف ،تنهد ونهض قائما ،القدر ليس رسالة نخطها ،انه وضع نوجد فيه نعيش نكابده لا نملك الحق في اعتراض مشيئته إن القدر يقبض على مصائرنا كما تقبض اليد الكبيرة على الدمية ، حاكم صارم لا مهرب منه،مع ذلك فكر وهو يقصد الحمام ،القدر منحه فرصة الحياة مرة اخرى ،لم يتمنى قطعا موت يوسف ،لم يكن موت يوسف اختيارا وقبولا من كريم ،لكن كان قدرا من اجله ومن اجل رزان ،في الاسفل كان رزان قد انهت اعداد الفطور ،كانت مترددة هل توقظ كريم ،لم ترغب في تناول افطارها بمفدرها ،بعد دقائق سمعت صوت المياه في الحمام ،ادركت انه استيقظ ،فجلست تنتظره حتى راته واقفا عند باب المطبخ يشيعها بابتسامة ،ردت له ابتسامته بخجل ،جلس على الكرسي وقال "صباح الخير " ردت " صباح النور "،سالها وهو يمد يده لفنجان القهوة "اذن كيف كانت ليلتك ؟" كان سؤالا بريئا لكنها احمرت خجلا ،ادركت ان ما تشعر به اتجاه كريم مختلف تماما عن ما عرفته مع يوسف ،كانت طوال فترة اعدادها الافطار تحاول تحليل الامر بروية اكثر بعيدا عن مشاعر مختلطة ،وصلت لنتيجة غريبة ليس انها لم تحب يوسف لكنها اليوم تحب كريم ليس لان الشخص مختلف بل لان حبها لهما مختلف ،كانت مستعدة لقبول تقاسم يوسف مع اخرى ،فكرت الان وهي تنظر لكريم انها لن تترك كريم لاخرى ،حتى انها شعرت بشيء من الغيرة ناحية زوجته الاولى التى لم تعرفها قط ،لما لم تجبه فهم ارتباكها الشديد ،قال "كانك خجله " ردت لتحاول التوضيح "كانها كانت المرة الاولى" ابتسم وقال "يسعدني ذلك لا تدركين كم يسعدني " ازداد احمرار وجهها ،ارتشف قهوته وقال مغيرا الموضوع "متى سنذهب للمشفى ؟" ردت وهي تاخذ فنجانها "بعد قليل اذا اردت '" رد "يريد عماد ان يكلمني عنك ،اتساءل فيما يفكر الان " ردت بعد تفكير " لما تظهر هذا الارتباك لا اعتقد ان الامر خطير "سالها "فيما كنتما تتكلمان قبل وصولي ؟" ردت " لا يمكن ان يكون موضوعا محددا ،كنا نتكلم في مواضيع متفرقة " قال وهو ياخذ لقمته "سنرى لاحقا " .
في المشفى جاءت الشرطة مبكرة لاخذ اقوال تمارا ،ابلغت تمارا الشرطة بالتفصيل بكل ما حصل ،ولماذا حصل ذلك ،عندما غادرت الشرطة ،اقترب عماد من تمارا سائلا "هل يعقل ان تكون رواية اهم من حياة انسان ؟" ردت "لا انه نجاح اهم من اي انسان " سكتت ثم اضافت "الواقع فريد كان هكذا دائما ،لربما انت لم تستطع رؤية هذا الجانب المتوحش فيه " ،سالها "وانت هل تمكنت من رؤية جانبه هذا ؟" ردت "متاخرة ،لقد رايته لكن " تابع عنها عماد "بعد ان وقعت في حبه اليس كذلك ؟" ردت وهي تفكر " لا استطيع ان اسمي مشاعري اتجاهه بالحب ،انجداب ربما ،لقد كانت افكاره بالنسبة لي ساطعة باهرة كاشعة شمس قوية ،باي حال لن تتمكن من منع وهج الشمس من ان يعمي عينيك ،احتجت لوقت لاعرف ان تلك الاشعة ليس صادرة منه بل انعكاس لشموس اخرى ،انه كالقمر فالوهج لا يصدر منه بل هي انعكاس لوهج اخر " رد بسخرية "لا يمكنك تشبيهه بالقمر " ضحكت وقالت " لا ..." رد "لا " ،لم يبتسم عماد بينما اعجبت تمارا غيرته الواضحة ،،سالته اخيرا "متى ساغادر هذا السرير ؟" رد "لن يكون في القريب ،سالت طبيبك وقال انه يجب ان تبقي تحت الرقابة لفترة اطول ،لا تستهتري لقد عدت من الموت باعجوبة " ردت بابتسامة "اعتقد ان كل ما اتقنه هو العودة من موت محقق" رد "ليس الامر مسليا كما تعتقدين كدنا نموت خوفا " ردت بعبوس "اجل ادرك وانا اسفة ،لست احب هذا ايضا ،ماذا ستفعل الان معه لدي شعور انك لن تترك الامر للشرطة " رد " سارفع دعوى قضائية فلدي دليل قاطع لا يمكنه بعدها الانكار ،هو لن يسجن لمحاولة قتلك فقط وساسلبه نجاحه المزيف ،لا خطط لا ترتيبات ،اصلا اجد الان الامر غريبا كيف سمحت لك بالتصرف في الامر ،مع انه يتعلق بي انا " ارادت تمارا التبرير لكنه اوقفها بيده قائلا "كفى الان ،ويكفي ما حصل حتى اللحظة " لم تجبه لاحظت كم كان منزعجا منها ،عندما زال قلقه على حياتها ،سمح لبقية المشاعر بالتدفق ،وكان اكثرها الغضب والانزعاج من تمارا ،والغيرة الغير محدودة من فريد ،حتى عماد اعترف لنفسه انه سينتقم منه ليس لسرقته لاكوزانوسترا او لمحاولة قتل تمارا فقط بل لانه سكن قلب تمارا ايضا في وقت ما ،عندما بدات سحب التوتر تملا الغرفة بين تمارا وعماد ،دخلت رزان رفقة كريم ،لاحظت كما لاحط عماد توهجا على وجه كل من كريم ورزان ،نظرت تمارا لعماد وبادلها عماد النظرات ،لاحظا انهما كانا مختلفين يضجان بالحياة بشكل ما ،القت رزان التحية على عماد واسرعت لتعانق اختها ،بينما صافح كريم عماد ببرود واضح توجس منه عماد بغير فهم ،قالت رزان تبدين بافضل حال تمارا " ردت تمارا "حسن اختي رفقا بي لازلت مجروحة "كان رزان تعانق اختها بقوة ،ضحكت رزان وابتعدت عن تمارا ،رزان لم تعانق تمارا بتلك القوة من قبل حتى في يوم زفافها كان وداعهما فاترا ،ردت رزان "اجل ولقد اخبرنا طبيبك انك ستبقين هنا لوقت اطول " تنهدت تمارا وقالت "لا يبدو انه لي خيار في هذا " ابتسم كريم وقال "لا باس " ونظر لعماد وقال "كنت افكر في العودة للمنزل ،اذ سيبقى عماد معك اليس كذلك " انتظر كريم ردا من عماد ،ادرك عماد انه الموضوع الذي اراد كريم محادثته فيه عن تمارا ،فكر عماد في رد ما لكن رزان قاطعته وقالت "كلا طبعا سابقى مع اختي الى ان تغادر المشفى كريم "،قال عماد "هذا صحيح انها اختها "ونظر لكريم وقال "باي صفة كنت تريدني ان ابقى معها هنا ؟" تنحنح كريم فقد شعر ان الضربة رجعت اليه ،بينما انتابت تمارا حيرة بما يقصده كريم ،تكلم كريم "اذن باي صفة امضيت ليلتك هنا ؟" ،لم يجبه عماد ،بينما ارتبكت رزان لقد فهمت تماما ما يدور بينهما ،الى ان قال كريم "كنت تريد الحديث معي بخصوص رزان " رد عماد "صحيح " ونظر للاختين وجدهما تنظران معا الى عماد ،ابتسم لرزان ثم لتمارا ،وقال "هل نفعل هذا في كافتيريا ؟" رد كريم "حسن " وغادرا معا الغرفة ، سالت تمارا رزان "ما الامر يبدوان متشاحنين ؟" ردت رزان " كل منهما يعتقد انه يحاول حماية ما هو عزيز لديه " ونظرت لتمارا وتابعت "قد يبدو الامر صراعا لكنهما في النهاية شقيقين اليس كذلك " نظرت تمارا لرزان وقال "انها اغرب عائلة صادفتها في حياتي " ،ردت رزان وهي تجلس على الكرسي "لكنها عائلة تستحق الحب " اخذت تمارا تعبث بغطاء السرير وقالت "لا افهمهم واخافهم احيانا ،ولا اعرف كيف اتصرف معهم " ردت رزان " كوني كما تملي عليك طبيعتك ﻻ أكثر وسوف تدلك طبيعتك بالتاكيد " ردت تمارا "هل هذا يعني انك لا زلت تريدين العيش هناك ؟" ردت رزان " انني احبهم تمارا إننا وإن لم نرى الحب وإن لم نصل إليه وإن لم نبلغه فهو فينا وهو يحفزنا وهو مثال مطلق ﻻ يغيب عن ضميرنا لحظة وبصائرنا مفتوحة عليه دوما،ولحظة التأمل الصافي تقودنا إليه،ومراقبتنا ﻷنفسنا من الداخل تقودنا إليه ،وبصائرنا تهدينا اليه " ابتسمت وتابعت "انه ليس امر نغصبه على انفسنا ،انه يكون فقط " رغم ان تمارا لم تعجب كثيرا بكلام رزان ،الا انها تمكنت من رؤية ذلك الحب العظيم الذي تكنه لهم ،فكرت وقالت "ارجو ان لا تندمي لاحقا " ردت رزان "قطعا اننا لا نندم على قرارات اتخذناها بملئ قلوبنا ".....

لاكوزانوسترا  لكاتبة مريم نجمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن