الفصل السادس

84 7 0
                                    

الفصل السادس
ايها الحزن الدفين ،لك ان تخرج لك ان تتصل بالنسمات الباردة في الليل الحالك ،لك ان ترتفع بشهقاتك عاليا ،ضاربا بكل الاعراف المعروفة ،ان ادفن دموعي داخلي ان ابتلع غصة وراء اخرى ،هذا تماما ما لن افعله ،هكذا كلمت تمارا نفسها هناك تحت شجرة عارية الاوراق ،وكانها تعاني هي الاخرى الوحدة ،تذكرت تمارا اخر كلماتهامع والدتها ،ثم رحلتها مع اخيها ،التى بدت لها قصيرة.... قصيرة جدا ،قصيرة بحيث لم تشبع منه ،ارادت ان تضمه الان هي ارادت ان تبكي على كتفه ،ارادت ان تلاعبه ان تسمع تهكمه منها ،ان تغضبه ان تضحكه ،ارادت رؤيته ،بكت فقط لو تمكنت من رؤيته لمرة وحيدة اخيرة ،لو علمت ان ذلك سيكون لقاؤها الاخير معه ،اننا لا نعلم متى سيكون اخر لقاء مع احبائنا ،لن نعلم اننا لن نراهم مجددا ،انه لن تكون هناك فرصة اخرى ولقاء اخر ،قررت لحظتها ان تعيش كل لحظاتها مع احبائها حتى لا تندم لاحقا ،علمت الان كم هو مؤلم فراق الاحبة انه تماما كالعين الجارية الّتي بعد ما إخضرّ محيطها نضبت،سقطت على الارض باكية ،تردد مؤلم فعلا مؤلم ،تمارا التى لم تعرف معنى الفراق ،اغرقها حزنها في دوامة لا نهاية لها ،والدها لاتتذكره لذا لم تعاني فعليا من فراق احد ،فجاة بين شهقاتها سمعت صوت عماد القوي يوقظها بكلمات كان يقول
"كم يسألون
لمن ترى تنشدين هذه الأغاني النّاعمات الحنون
دافئة مشرقة كالضّياء
مثقلة بالعطاء
ومن هواك الكبير هذا
الّذي تسفحين وتبذلين له كنوز الشعور
من ذاتك المليئة الخيّرة من روحك النّضرة المزهرة
لعلّه أطيب إنسان لعلّه أجدر إنسان
بكلّ هذا البذل، هذا السّخاء
وأخفض الطّرف وأبقى على صمتي المريب،
غامضة لا أجيب لكن صوتاً ساخراً في ألم
منبعثاً من قلب جرح النّدم
ينصب في أغواري المبهمة
مردّداً في غنّة مفعمة بالهزء
بالضحك الحزين المرير
لعلّه أطيب إنسان لعلّه أجدر إنسان
بكلّ هذا البذل هذا السخاء
واخجلي ،واخجلي لو أنّهم يعلمون
ما أنت أو ما تكون"
التفتت اليه بدهشة بين دموعها ،كانت عيناها على اتساع ،شفتاها اللتان كانتا ترتجفان من ثواني سكنتا ،وسط ذلك الظلام ،تمكنت اخيرا من رؤية ملامحه ،كان واقفا غير بعيد ،تكلم وهو يقترب "انها كلمات لفدوى طوقان ،لا ادري لما تذكرت هذه الكلمات ربما لانها تصف تماما حالتك "مسحت دموعها واعتدلت في جلستها وقالت "ماذا تفعل هنا ؟"رد "وانت ماذا تفعلين هنا ؟"ردت "اردت بعض الوحدة " رد وهو يسير ليجلس بقربها "اردتها للبكاء وللكثير من الشهقات ولتختبئي في الظلام "ردت "انت كيف وجدتني وسط الظلام ؟" رد "ان الظلام والنور عندي سيان لا يعني الليل والنهار شيءا للاعمى وربما كذلك للحزين " ورفع راسه الى السماء التى غطتها الغيوم الداكنة ،قالت "اظن ان البكاء هو نتيجة حتميه للحزن بل هو نتيجة قاهرة "رد "ان البكاء يزيل كما هائلا من الحزن لذا ان لم يبكي الحزين فهذا لانه يملك قوة داخلية بامكانها قمع كل اشكال الحزن او شتى المشاعر التى تزدحم في قلب الانسان تلك القوة لا اظنك تملكينها ،ان تمسكت بعدم البكاء فستنهارين تماما ،لذا ارى انك في تحسن "نظرت اليه وقالت "قد لااوافقك الراي " ارتعش من البرد ،فوقف وقال "لايهم ان اقتنعت ام لا المهم هو انه عليك العودة " ردت "لما اعود ذلك ليس منزلي ثم اني مطرودة "ابتسم عماد لقد عادت اليها روحها القتالية من جديد ،راته يبتسم فقالت "لما تبتسم ؟" رد "لانك شجاعة ،الشجاعة في نظري هي الاستعداد لمواجهة المصائب التى لا مهرب منها برباطة جاش تماما كما قال بيجوفيتش ،وانت بدات الاستعداد للوقوف كما ارى "،نهضت وقالت "بالفعل نحن لا يمكن أن نتعلم الشجاعة والصبر إذا كان كل شيء في العالم مليئاً بالفرح ،وانا اريد ان اعرف هذه الصفات داخلي " رد عليها " هذا جميل لقد استرددت عافيتك " ردت وهي تسير عائدة "لعل النفس تحتاج للحظات لشحن قوتها من اجل الاستمرار قدما حتى لا تنهار ،البكاء والالم كانا ضروريان ،في كل ما نعيشه علينا الانصات لانفسنا ،وقت الالم والحزن علينا ان نبكي ،كي نتمكن وقت الفرح من الابتسام "،سار الى جانبها ،اعجب بثقافتها الواسعة يمكن ان تكون افكارها جيدة في روايته الجديدة ،التى لم يقرر بعد عنوانها ،سارت ممسكة بيد عماد لتسير به وسط الظلام وهي تقول "مع ان المي لم يزل لكنني ساحاول الاعتياد على هذا الواقع وساحاول في ايامي القادمة ان اجنب نفسي مرارة هذه التجربة مع من تبقى لي من احبة "رد وهو يسير جانبها "اوافقك ".
وهكذا عادت تمارا للمنزل لتقضي ليلتها التى اعتقدت انها ستكون الاخيرة فيه ،وهي تفكر في ايامها القادمة والتى ستكون فيها رفيقة وحدتها وانيسة عزلتها ،في منزلها البارد ،استلقت على سريرها ،تذكرت ضربة شقيقها لراسها عندما مازحها بخفة وقت وصولهما الى هذا المنزل ،ولم تشعر الا بتلك الدموع الحارقة وهي تكتسح خديها ،في سريره كان عماد يصغي لصوت بكائها الذي عجزت عن اخفائه ،فكر في كلماتها "ان لمها لم يزل".

لاكوزانوسترا  لكاتبة مريم نجمةUnde poveștirile trăiesc. Descoperă acum