الفصل السابع عشر

49 2 0
                                    

الفصل السابع عشر

"اين تحفظ ما لا طاقة لك بخسارته """""[

عندما فتحت تمارا عينيها كان اول ما راته وجه شقيقتها رزان ،لاول مرة رات تمارا في شقيقتها شبها بخالد ،ابتسمت رزان لها بحب وقالت "اهلا بعودتك للحياة عزيزتي ' ابتسمت تمارا ،رات كريم يقف الى جانب رزان تعلو وجهه ابتسامة راحة واطمئنان ،فكرت في عماد مباشرة ،فتحت فمها قائلة "هل علم عماد ؟" استغرب كريم سؤالها على عماد وقال "لم يعلم بعد لم نتصل به كنا قلقين عليك لم نفكر في الاتصال باحد قبل ان نطمئن " ،اخرجت زفرة كان جسمها قد بدا يخرج من حالة التخدير ،وبدات تحس بلسعات الم مكان الرصاصة ،سالتها رزان "اذن من فعل بك هذا ؟ ولماذا ؟" ردت وقد بدا الشحوب يغزو وجهها " ان الامر معقد لا ادري ان كنت قادرة على شرح الامر " رد كريم "عليك ذلك سترغب الشرطة بتوضيح لما حصل انها محاولة قتل " تنهدت وقالت "اعرف ،اعرف " وسكتت ،نظرت رزان لكريم تستفهم فقال "علينا تركها لترتاح لقد خرجت من عملية حرجة "وافقت رزان وعادت تنظر لاختها قائلة "سابقى هنا ان احتجت شيءا ناديني فقط " ردت تمارا "انا اتالم استدعي الممرضة اختي " ردت رزان "حسن سافعل ارتاحي انت " وخرجت رفقة كريم ،فور خروجه سال رزان "ماذا بين اخي واختك ؟" ردت رزان " لا اعلم حقيقة .....ولا افهم سبب سؤالها عنه " قطب كريم حاجبيه مفكرا وقال "ساتصل به ،نادي الممرضة " ردت "سافعل " تركته بمفرده ،فقام بالاتصال بالمنزل ،كانت والدته من رد ،وليكسب الوقت قال "امي ارغب في مكالمة عماد " ردت من الجهة الاخرى "انتظر قليلا " غابت لثوان عادت بعماد الذي قال وهو يخفي توتره "ماذا يريد الم يقل لك ؟ "ردت بلقيس "لا انه حتى لم يسال على ابنته " اخذ عماد الهاتف وتكلم "ما الامر كريم ما الذي حصل ؟ " رد كريم " تمارا تعرضت لمحاولة قتل نحن معها في المشفى ،اخرجت الرصاصة وقد استعادت وعيها " قال كل ذلك وسكت بينما كان عماد متجمدا يصغي ،رد بصوت قوي متحجر "ساقتله ان فقدتها اقسم اني سافعل " ساله كريم "من هو اتعرف من حاول قتلها ؟" رد "هل هي بخير ؟" رد كريم "اجل قال الطبيب انها كانت قوية جدا " ترك عماد السماعة لامه واسرع لغرفته ،قالت بلقيس لكريم "ما الذي يحصل ما الذي يحصل ؟ " اخذ كريم نفسا واخرج اخر وقال " لا شيء يدعو للقلق لقد طلبته الى هنا " احساس غامض نبه كريم بعدم اخبار والدته بما يحصل ،اقفل الخط بدون ان يسال عن ابنته ،كان ذهنه مشغولا بامر اخر ،تساءل ما مدى الخطا في الامر وهل يعتبر خطا ،ان الصورة بدات تخرج من ضبابها ،فكر لقد بدا يستوعب وهو يتذكر نتفا من الايام الماضية بالجبل ،طبعا ما كان ليكشف الامر لولا ما يحصل الان ،اغمض عينيه مفكرا ،انه قطعا لن يتدخل في هذا الامر ،هذا اكثر ما سيفعله لتمارا كشكر على عدم تدخلها في مسالته هو ورزان ،كان يعلم انها غير موافقة لكنها لبت طلبه بعدم التدخل ،هذا الامر شفع لها عنده ،وقصد كافتيريا المشفى ليشرب فنجان قهوة شعر انه بحاجة ماسه له ،عادت رزان الى غرفة تمارا برفقة الممرضة ، التى وضعت لها محلولا ليهدا المها ،ظلت رزان تراقب اختها الى ان غفت اخيرا ،كان وجهها لا يزال شاحبا ،لكن ما كان يهم حقا انها عادت للحياة مجددا ،فكرت رزان انها المرة الثانية التى تعود فيها تمارا من الموت ،هل يجب ان تكون هناك ثالثة لتعي ضرورة الاعتناء بها ،اخرجت نفسا حارا ،تمارا هي مسؤوليتها ولن تتركها ابدا ابدا .........
لم يدخر عماد وقتا ولا جهدا بعد سماع ما حصل لتمارا ،اسرع قاصدا المدينة ،كان يقود بسرعة واضحة ،المسافة بعيدة وست ساعات سير تفوق قدرته على الصبر ،فكر وهو يقود إن من لايعرف معنى الفقد ، لن يعرف أبداً الوجه المرعب للحب ،كان لا يزال يفكر هل هذا الخوف هو ما يشحن الحب ما يمنحه بعدا اخر بعدا اقوى ،ما يثبت جدوره اعمق واعمق ، هل نحتاج أحياناً إليه ، لكي يشغلنا عن التفكير بالانعتاق منه او بالاعتقاد على امتلاكنها هذه القدرة على الانعتاق ،عرف عماد كم تورط في مشاعره اتجاه تلك الفتاة الغريبة ،هذا الشعور الرهيب بالقلق والخوف هو ما يؤكد ذلك ،لقد قرا مرة في كتاب ما ،لقد صار يتذكر ما في الكتاب اكثر مما يتذكر العنوان "الُعزلَة مطمئنة, إنها تعطيني مساحة كافية لأقترب ماشئت , وأبتعد ماشئت . ان تختار عزلَتك, لا يعني ان تكف عن الحضور في قلب العالم, إنها في أبسط أشكالها,تعني ان تحضر بإختيارك, وان تباشر حضورك ضمن حدودك الخاصة بحيث لايسع احدا أن يسرقك من ذاتك على غفلة, أو يشكل وجهك وفق مايريد, أو يؤذيك أو يلوي عنق بوصلتك.” تاسف فرغم جمال الحب الا انه مرعب فهو ياسرنا يسجننا في شخص من نحب ،نصبح اسراه احلامنا فرحنا حياتنا تصبح اقصاها عند حدوده ،هل هذا هو الحب ،اخرج نفسا عميقا ،الى اي مدى يرغب هو في هذا الاسر ،انه عذاب متواصل ورق بدون عبودية ،حيث الحب أشد ... يزداد الخوف عمقًا ،ليس منه وانما عليه ، اذ معه يُصبح النسبي هو المُطلق الوحيد ، و يُصبح التغير هو نقطة الثبات الوحيدة ،وتفقد الطبيعة كل معطياتها ،فلا تنجلي لنا الحياة الا معه فقط ،هذا الامر لم يعجب عماد ولم يحب ما يحصل داخله من الم مدوي ،لكنه لم يكن يملك القدرة على كبح لجامه ،او الانعتاق ،لم يكن هو من اصابته الرصاصة لكن كان هو من يتالم ،ان ما نعرفه هو ما نعيشه ،ولن نعرف امر وعمقه ما لم نعشه ،هو لم يعرف عمق الحب الا هذه اللحظات ،لحظات الخوف من الفقدان ،ان كل ما في الحياة نسبي الى ان نعرف فيصبح مطلقنا الوحيد ،فكر هذا هو انه قوة طاغية،يلتهم فريسته،يسلبه أي قوة دفاع،يطمس عقله وإدراكه،يصب الجنون في جوفه حتى يطفح به،إنه العذاب والسرور واللانهائي و في لحظات الفراق، الحب هو الألم........
التحقت رزان بكريم في الكافتيريا ،كان كريم قد انهى فنجانه الاول والثاني ولحقت به رزان وهو يرتشف من فنجنه الثالث ،صدمت وهي ترى الفناجين على الطاولة الصغيرة ،جلست الى جانبه وقالت "ما بالك مع القهوة اليوم ؟" ابتسم وهو يضع فنجانه وقال "وحدهم من يرون خلاصهم في القهوة، يفهمون أنها ليست إدماناً أو عادة" ردت رزان "القهوه لمن يعرفها مثلي هي أن تصنعها بنفسك، لا أن تأتيك على طبق، لأن حامل الطبق هو حامل الكلام، والقهوة رفيقة السكون" اتسعت ابتسامته لطالما احب هذا المستوى من الكلام ورزان وحدها من كانت تتقنه ،زوجته السابقة كانت تتقن قتل جمال الكلمات ،فكر ربما لانها ليست عربية جاءته من زمن السرعة في كل شيء ،كانت تتقن اختصار الجمال بكلمة واختصار الكلمات بضحكة واختصار الالم بهمسة ودمعة ،عاد الى حاضره ونظر الى رزان ،كانت متعبة وجهها بدا يفقد بريقه ،القلق من فقدان اخر كان مرعبا لها ،رد عليها بعد رشفة اخرى "فناجين قهوتي اليوم اختلطت فيه الأحاسيس، تارةة تسمو بي ، وتارة تأخذني الى مشارف الجنون، وبين هذا وذاك وجدتني أتارجح ، وأرتشف قهوتي بمرارها وحلوها ،هل اطلب لك فنجانا " ردت " لا شكرا ،لكن ماسبب اختلاط احاسيسك ؟ " وضع فنجانه الثالث على الطاولة ورفع بصره الى رزان وقال "كنت افكر ان عماد ربما يحب اختك لكني متاكد ان اختك تحب عماد " ردت وكان الامر لم يفاجاها "حسن وماذا في الامر ؟" سالها "هل كنت تعلمين ؟" رزان لم تكن تعلم لانها لم تكن تهتم باختها كما يجب ،ادركت في اعماق قلبها انها لو اهتمت باختها قليلا لكانت علمت ذلك قبلا فالحب لا يمكن اخفاؤه ،ردت وهي تبتسم " المحبة ليست مطلقا كلاما معسولا يردده اللسان ،انها مشاعر صادقة نراها في سلوك الانسان " رد بامتعاض "اذا الامر كان واضحا جليا وانا كنت اعمى " اخذت رزان كاس الماء وشربت منه جرعة وقالت "ما الذي يزعجك في الامر ،ان المسالة تخص تمارا وعماد ما شانك انت بهما ؟" رد "لا ليس الامر هكذا ،انا فقط قلق "ردت "لماذا ؟ الا يسعدك ان يجد عماد امراة يحبها " رد "ان الامر لا يتعلق بما يسعدني انا ،انما امي " ردت مباشرة " ان امك لن تملك ان تتدخل في الامر عندما يقرر قلبان فانه على الجميع الاذعان " كانت عيناها قد اتقدتا غضبا وانزعاجا ،امسك كريم بيدها وقال "ماذا عن قلبك انت الم يقرر بعد ؟" هدا غضبها سريعا واحمر وجهها خجلا وطاطات راسها ،فسالها مجددا "الن تبوحي لي بمشاعرك ؟" ردت وهي ترفع بصرها اليه " إنَّ البوح يميت الحب والكتمانُ ييحييه " ضحك كريم وقال "تبا لقد عكستها الاحرى بك القول إن البوح يحيي الحب والكتمان يميته " ردت على ضحكه بابتسامة "هناك فرق شاسع بين من يمنحك حباً ومن يمنحك كلاما" ،ابتسم وقال" حسن الحب الذي لا نعترف به يغوينا" ،كان هذا كاف لكليها ادركت رزان مدى عمق الاختلاف بين يوسف وكريم وبين ما شعرت به ليوسف يوما ،وبين ما تشعربه لكريم اليوم ،انه اعمق واقوى واكثر شفافية من ان تعترف به او ان تختزله بكلمة ،كانت تشعر ان قول تلك الكلمة قد يطفا شرارته ،قد نضيق الحب بكلمة ،انه اكثر اتساعا من ان تجمعه كلمة ،كانت ترغب في ان تقول كل هذا لكريم ،لكن حتى هذا ارادته لنفسها ولنفسها فقط حتى لا تفقد جماله الساحر .....

لاكوزانوسترا  لكاتبة مريم نجمةWhere stories live. Discover now