الفصل التاسع

69 3 0
                                    

الفصل التاسع

"عندما يطل عليك يوم بصباح شتوي شاحب ،بسرعة مذهلة تنتقل الكابة الى روحك وقلبك ،تمتص عيناك اشعة الشمس الشاحبة ،لا تنطلي عليك حيلتها بمحاولة الظهور بابتهاج ،لاتسمح لها السحب الداكنة حتى بالمحاولة ،انا كعادتي دوما مع هذه الصباحات لا اخون مزاجها ،اعليك مثلا ان تبتسم لانك حي اعليك ان تشكر السماء لانك لا تزال تتنفس ،اعليك تكرار تلك النصائح التى تردد دوما شعارات حتى مروجوها لايؤمنون بها من قبيل "ابتسم لانك تتنفس بلا اجهزة انها نعمة مغبون عليها كثيرون " ،هل اكون جاحدا ان لم استطع الابتسام لاني اتنفس بحرية ،كنت سارد على قائلها "اذا كنت مريضا كان لك امل اكبر في موت قريب " ربما لن اوافق ايليا ابو ماضي في ما قاله عن التفاول "أيها المشــــــتكي وما بك داء كيف تغدو إذا غدوت عليـــــلا

إن شرّ النفوس نفــسٌ يؤوس يتمنى قبل الرحـــــيل الرحيلا

وترى الشوك في الورد،وتعمى أن ترى فوقها النّدى إكلـــــيلا

والذي نفسه بغـــير جـــمال لايرى في الوجود شيئا جـــميلا

وإذا ما أظلّ رأســـــــــك همٌ قصّر البحث فيه كي لا يطـــولا

أيّها المشـــــتكي،وما بك داءٌ كن جميلا ترى الوجود جميلا .
لقد صرت اسال نفسي مؤخرا أيهما أسوأ: المرض أو الوفاة.. أو حياتي بهذا الشكل ،يا لبؤسي لطالما امنت اني املك الحقيقة ،كان صعبا علي ان اكشف اني طيلة حياتي ملكت فقط كذبة ،هل بعد هذا املك ان ابتسم فقط لان هناك من يعتقد اني املك كل اسبابها ".
اوقفت تمارا جهاز التسجيل ،بارتباك شديد كانت تخط كلمات على الاوراق البيضاء،وهي تفكر هل هذه هي ما يسميها رائعته ،انها اسوء من الروايتين السابقتين ،كلها الم ،عبست تمارا التى طالما عشقت النهايات السعيدة كانت متاكدة ان نهاية لاكوزانوسترا ستكون حزينة ،وقفت بغضب رغم انه قال ان نهايته يسطرها قبلا الاان تمارا كانت متاكدة ان النهاية تغيرت ايضا ،من المستحيل ان تكون هناك نهاية سعيدة لهذه الالام ،غادرت غرفة المكتب تاركة كل شيء على حاله وقصدت غرفة عماد ،لم تنتبه وهي تسرع الى الغرفة الى فريد الذي تسلل الي المكتب مباشرة بعد خروجها هي منه ،واقفل الباب ،وصلت تمارا الى غرفة عماد وهي تهلث قرعت الباب ودخلت مباشرة دون انتظار موافقته ،كان يقرا كتابا عندما فوجا بها تهجم على غرفته ،كانت لاتزال تلهث وتنظر اليه ،بدت له غريبة سالها
-"ما الامر مابك ؟"
ردت -"اريد التحدث اليك "رد
- "لقد تناولنا الافطار معا الم تكن فرصة مناسبة ؟" ردت
-"ان الامر يتعلق برائعتك " ،اقفل كتابه وهو يدرك مدى جديتها ،وسالها
-"مابها رائعتي ؟" ردت
-"انك تسير بها الى الطريق الذي سيجعلها اسوء رواية على الاطلاق "ضحك عماد ضحكة صغيرة وقال
- "لقد كلفتك بتحريرها وليس انتقادها " ردت
- "انا اعتبر نفسي قارئة " ،عبس وقال
- "ولا اريد رايك كقارءة لديك مهمة محددة "ردت
-"الا تكفينا الامنا في الحياة الواقعية لما تريد تكريس الالام حتى في القصص الخيالية بامكانك جعلها قصصا تضج بالسعادة اليست انت من قال اننا نعيش داخل ما نقرا لما لا تترك قراءك يعايشون سعادة في كتبك " رد
- "ربما لاننا نحب الكتابة على الامنا اكثر نبرع فيها اكثر تعتبرها حقيقية اكثر وتستحق ان نكتب عنها "سالت -"والسعادة ؟" رد،
- "السعادة لانملك الوقت للكتابة عنها لاننا نعيشها فقط و بسرعة مذهلة كسرعة انتهائها "ردت وهي تتابعه وهو يقف ليتابع منظر السماء الشاحبة من نافذة شرفته ،
-" انت متشائم كبير الحياة امل لما ترفض رؤية ما هو جميل فيها ،الا فكر قليلا فلتزر المحكمة مرة في العام لتعرف فضل الله عليك في حسن الأخلاق، وزر المستشفى مرة في الشهر لتعرف فضل الله عليك في الصحة والمرض، وزر الحديقة مرة في الأسبوع لتعرف فضل الله عليك في جمال الطبيعة، وزر المكتبة مرة في اليوم لتعرف فضل الله عليك في العقل، وزر ربك كل آن لتعرف فضله عليك في نعم الحياة" ،لم يلتفت وقال بنفاذ صبر ،فلم يكن يوما محبا لمن يعارض رؤيته في رواياته ،اليس تلك الروايات تنسب اليه ما شانها هي
- "ان التغابي أسلوب قاتل أكثر من الغباء "،ردت
- "دوما تصفني بالغباء وانت بما تصف نفسك ،تعرف امرا انك مصاب بمرض خطير انه سرطان الروح ،ان سرطان الروح مرض لا تموت به و لكن تموت معه."،ابتسم وقال
- "اما انا فاعتقد اعتقادا راسخا انك تعانين من الانحياز التاكيدي " ،قطبت حاجبيها وقالت
-"انحياز تاكيدي ؟" التفت اليها وقال
-"يُدعى أيضًا الانحياز الذاتي، هو الميل للبحث عن تفسير، وتذكُّر المعلومات بطريقة تتوافق مع معتقدات و افتراضات الفرد، بينما لا يولي انتباهًا مماثلًا للمعلومات المناقضة لها و هو نوع من الانحياز المعرفي والخطأ في الاستقراء ،يدعَم الانحياز التأكيدي الثقة المبالغة بالمُعتقدات الشخصية ويحفظ ويقوِّي المُعتقدات في وجه الأدلّة المعاكِسة.إنَّ التشبُّث بالرأي، مصدر لخِداع الذات ،انت حرة في رايك لكن ليس لك ان تجبريني عن تغيير ارائي فقط لانها لا تعجبك ،في النهاية انا حررتك من قبل لك ان تتوقفي متى شئت "،كانت تمارا تصغي الى عماد بصدمة اعترت وجهها ،قالت وهي تعاند بشكل لم تتوقعه هي في نفسها
-"اليس هذا هو ما تعانيه انت ايضا اعلم ان ديفيد بيركنز وهو عالِم وِراثيات ابتكر مصطلح "الانحياز الذاتي" مشيرًا إلى تفضيل الشخص لرؤية الأمور من زاويته الخاصة ،الست ترى الامور فقط من زاويتك انت وترفض ما يغايرها " ابتسم وقال
-"لا باس بثقافتك ،طبعا انها نتيجة حتمية لصداقتك لفريد لكن انا صاحب الرواية ولي الحق في اتباع رؤيتي لك ان تنتقديها وليس لك اكثر " اقتربت تمارا من عماد الذي كان ينظر اليها بعينين باردتين ،وقالت
-"اعلم انك تتالم انا ايضا مررت بتجربة الالم وانت من مد يده ليساعدني لاجل ذلك انا سابقى ،الامر لا يتعلق بديون او برواية ارغب بمعرفة نهايتها الامر يتعلق بك لاني اعلم ان ما تكتبه نابع من قلبك وارفض ان اقف واتفرج وانا اخط كل يوم الامك في ورقة ،ان الالم معدي كالفرح كالملل والاثارة " رد بدون ابتسامة
- "وانت تريدين ان تنقلي العدوى الي " ردت "انا ايضا أحببت وكرهت.. فرحت فحزنت... ... ضحكت فبكيت... ولكني .... رغم كل الألم ... عشت تعلمت...." زاد عبوس عماد وقال
-"اتتكلمين عن حبك الميؤوس لفريد؟" ،ابتعدت عنه بخطوات كانت نظراته تحمل غضبا مكبوتا ،او ربما كرها خانقا ،ترددت ماذا ستقول اكثر انه بنى الجدار العازل بينهما وانتهى الامر ،ردت بكلمات مبعثرة "انت ......غريب ..."،وغادرت بسرعة ،لم يفهم عماد في اي جهة سيصنف وصفها للغريب وهي التى جاءت تواسي قلبه المجروح بحديثها عن قلبها المجروح ،هل كانت تشفق عليه ام تحاول التحرر من شفقتها على نفسها ،تعب عماد من الامر كليا تنهد وعاد لسريره واخذ الكتاب وعاد ليقرا .......
يتبع

لاكوزانوسترا  لكاتبة مريم نجمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن