البداية ..

46.8K 519 148
                                    

في السجون ..

توسطت الشمس السماء ، شعاعها البراق بين الغيوم يتراقص ، عصافير تحلق بالارجاء ، ونور سطع ..
لحظه خروجه من السجن بعد مضيّ اربع سنوات ، انسجن ظلم وبهتان وبلا اي حق ، على رغم من ذنوبه الكثيرة و دخوله لسجن مرات عديدة ، لكنها المرة الاولى اللي يطول لدرجة ذي ، تقدم بخطواته للخارج بثيابه السوداء ، وبيده يربط مجموعه من الالبسه في لباس واحد ، رفع نظره لسماء وقت تخلخلت أشعة الشمس في بؤبؤ عيناه البنّي ، عقد حاجبيه من شدتها وهو يرفع يده السمراء يحجب نورها عنه ، أعتاد الظُلمة حتى ظن ان نور الشمس عقابه ، مرر يده في شعره القصير جدًا بإرهاق ، وتقدم بخطواته لخارج السجن حتى رأى تلك السيارة امامه ،

مد يدينه يرفع صوت الاغنيه لتتسع ابتسامته وقت طلعوا الاثنين امامه بدبكه على نغمات الدبكه ، ماقدر ان يمنع صفوف اسنانه من الظهور بشّدة امامهم وسرعان ما انفتح باب السيارة الخلفي وطلع ذاك الصبي الجميل يردد : بابا !
ابتسم بضحكة واسقط ما بيده وتقدم بعجلة له يرفعه ويحتضنه مقبله بتكرار يردد : هلا بابا هلا
وانحنى لثيابه متقدم لاصحابه وسرعان مافتح يدينه باتساع يضمّ كل واحد منهما بضحكه يسمع تحمدهم له بسلامة رغم ان سلامته داخل السجن أشد من خارجه ..
ركب السيارة معهم ونطق بترقب : كيفها امي ؟
التفت له معاذ وهو يردف : بخير مشتاقه لك
ليردف راكان يمازحه : قابلية انها تستقبلك عشرة بالمئة
اتسع مبسم أَسِيف مردف : يكفي انها بخير
التفت للولد الصغير واللي يسمى " أنيس " ينطق بطفوله: ابي عندك
بحكم انه كان ورى مع راكان ، التفت له أَسِيف وهو يمد يده له ليرفعه ويصبح جالس بحضنه قبله بتكرار وهو يستنشق رائحته وقت نطق أنيس : وحشتني مره موت
تراكمت ضحكاتهم لحظة نطق معاذ : ترى راكان معلمه على كلام ماينسمع
التفت له أَسِيف بضحكة ونطق : وش معلمك عليه الاهبل اللي ورى ؟
كيف سكت أنيس بتذكر لين نطق بطفوله: إيوان
عقد حواجبه باستغراب ليردف راكان باتساع : انا المترجم لكلامه ومقصده حيوان
اتسع مبسمه بضحكه وهو يخلخل اصابعه في خصلات شعر أنيس الطويله والناعمه ويردف : لا تسمع كلام عمك راكان تراه يخربك
ليردف أنيس بترديد لكلامه : إيوان
تراكمت ضحكاتهم حتى وصل معاذ امام البيت توقف ليردف : ننزل معك ؟
ليكمل راكان : تكفى بنشهد لحظة تاريخية
اشار رأسه برفض وهو ينزل بحضنه أنيس ويردف : لا تهقون اني ناسي سواتك انت وهو بنتصافى ان شاء الله
واغلق الباب ليلتفتوا لبعض وقت نطق راكان : حرقنا





رفع نظره للبيت الصغير واللي مكون من غرفه ومطبخ وحمام فقط ، قديم وحييل متشققة جدرانه يكاد من نسمة عابرة ان يسقط ، تنهد وهو يتقدم للباب واللي كان صغير للحد اللي حنى ظهره ليدخل ، كان مفتوح لاجل ذا دخل وهو ينزل أنيس ، رفع نظره وقت داهمه الصوت الشجي يردف : راكان جبت أنيس ؟
وسرعان مالتفت لحضورها امامه لحسنها وجمالها اللي ماقدر ياخذه منها طُلم الزمان ، وقبل مايستوعب حتى اخذت المخدات وهي ترميها عليه بتكرار مردفه : اطلع من عندي مابي اشوفك اطلع
ابتسم وهو يتقدم لها على الرغم انها امه من رحمها ولد الا انها امامه تبدو ضئيلة الحجم ، اخذها لحضنه باتساع رغم محاولاتها بضربه ، حتى وصل له صوت بكاءها في حضنه ، تنهد بتعب يردد : تكفين لا
بكت بضعف وقلة حيلة ، بكت على ولدها اللي وصل لحاله يرثى لها بسببها ، اللي عاش حياته يشتغل كل وظيفه تخطر على البال لأجل بس يوفر لقمه عيش لها ، اللي راح عمره يشقي ويتعب ومن سجن لسجن ومن تهمه بسيطه حتى تهمه كبيره طاح فيها بلا ذنب وبلا قدرة ، ولو ان عندها مال للمحامي كان قدرت تطلعه براءه لكنه مسكين ونحن في زمن لا يصدق احدهم المساكين ، رددت في حضنه : مابقى دمع ابكيه عليك يابني
تنهد وهو يبعدها عنه ويحاوط وجهها القمري بيده يردد : انتِ سارة ليه تبكين ؟
ضربت كتفه وهي تمسح دموعها تردد : من فعايلك وسواتك
ليكرر بتأكيد الكلام اللي يقوله لها من اربع سنين : هالمره مظلوم امي والله مظلوم
اشارت برأسها بالايجاب لتردف : والله لو انك كاذب لاصدقك
ابتسم وهو يرجع يحتضنها لتردف بحضنه : جايع امي مشتهي شي ؟
ابتسم وهو يردف : اللي من يدينك راضي فيه
كان عارف ان مافي شيء اساسًا ينأكل الا القليل ، التفت للفرش بالأرض ولتلفاز الصغير في الارض وسلة فيها ملابس عيشة فقر ، ليردف أنيس : بابا التلفزيون مايشتغل
نطقت امهم ساره وهي بالمطبخ واللي كان متصل مع الغرفه وصغير حيل : ماقلت لك هذا اخوك لا تناديه بابا؟

زهو عُمرك سجَّان وِجداني !Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora