الفصل الأول

2.8K 40 14
                                    

1
(أمنيتي)

في الصباح الباكر .. وضعت جيهان آخر طبقَين على المائدة التي تضم أصنافا من طعام الإفطار ثم جلست على يمين رياض الذي يترأس المائدة بينما يقرأ في جريدته .. التفت إليها بطرف عينه قائلا بتساؤل:
_"هي وتين اتأخرت كدة ليه؟"
قبل ان تجيبه أتاه صوت محبوبته الغالية من نهاية البهو قائلة بنبرة متفائلة:
_ "أنا هنا يا بابا."
تقدّمت منهما حتى قبّلت يد أبيها ومن بعده أمها ثم جلست جانبها بينما يقول رياض بدلال:
_ "صباح الخير يا وتيني."
_ "صباح النور يا بابا."
قالتها بابتسامة واسعة كامتنان لدلاله ثم أردفت:
_ "اطّمنت على ريم قبل ما اجي .. ما كانتش راضية تاكل خالص لولا أصريت عليها."
مطّت جيهان شفتيها بحزن بينما تقول بقلة حيلة:
_ "البنت دي لسة تعبانة والدوا ما جابش فايدة معاها!"
ربتت وتين على ساعد والدتها كي تبثها بالطمأنينة قائلة:
_ "كلنا عارفين مناعة ريم أد إيه ضعيفة .. عشان كدة بتاخد وقت على ما يروح البرد منها غير أي بني آدم طبيعي."
تناول رياض فنجان الشاي من فوق المنضدة ثم قال قبل أن يرتشف منه بحنو:
_ "ربنا يشفيها .. هبقى ابعت الدكتور عشان يطمننا عليها."
تحدثت جيهان مبتهلة:
_ "إن شاء الله."
التفت رياض إلى وتين التي كانت تضع شريحة الجبن الرومي بين شريحتيْ توست، ثم قال بجديّة:
_ "اعملي حسابك .. هنخلص الشغل بدري النهاردة عشان نحضر خطوبة الرائد بدر."
تركت الخبز والجبن من بين أناملها ثم نظرت إلى والدها بعينين واسعتين قائلة بدهشة:
_ "يا ربي! .. دانا كنت هنسى خالص!"
ثم فتئت بنبرة هادئة:
_ "هبقى اجيب هدية لتقوى بعد ما اقفل المكتب."
أكملت جيهان ملفوف الخبز والجبن لابنتها ثم ناولتها إياه متسائلة بشيء من الاستنكار:
_ "طب ما تلغي الروحة للمكتب النهاردة يا وتين .. كل البنات بيفضوا نفسهم عشان المناسبات دي."
ابتلعت مضغة الطعام التي كانت تلوكها بين أسنانها ثم التفتت إلى والدتها قائلة بنفي:
_ "ماقدرش يا ماما .. وبعدين التأخير في دراسة القضايا هيجيب مشكلة لمكتب رياض تمّام المشهور."
قالت الأخيرة بشئ من المداعبة لتجيبها جيهان بنبرة طبيعية:
_ "ابعتي الملفات لمحامي تاني."
وهنا تناول رياض زمام الحديث عن ابنته قائلا بشيء من التصميم:
_ "لا يا جيهان .. مش معنى ان أبوها صاحب المكتب يبقى تقدر تتخلى عن مسؤولياتها!"
حاولت إثناءه بقولها بتعجب:
_ "لكن..."
قاطعتها وتين ببساطة:
_ "ما تخافيش يا جوجو .. هاجي بدري والله .. المهم خلي بالك انتي من ريم."
أطلقت تنهيدة خفيضة الصوت قبل أن تقول مُستسلمة:
_ "دماغك ناشفة زي ابوكي!"
أماءت لها بقوّة إشارة إلى الإيجاب تزامنا مع الضحكات التي أطلقها ثلاثتهم .. فهذه البكريّة ورثت العديد من والدها بالفعل .. التصميم أساس تكوينها .. وإثبات الذات من أهم غاياتها .. ومبادئها فوق الجميع .. حب جيهان لرياض أنجب ثمرتهما الأولى "وتين" التي صارت تشبهه بكل شيء حتى في ميوله العلميّة .. فأصبحت محامية بمكتب والدها مولعة بالقانون مثله .. وأساس استخدام هذا السلاح لإخراج الأبرياء وزجّ المجرمين بالسجون.

اغتصاب لرد الاعتبارWhere stories live. Discover now