الفصل الثالث: لماذا مُراد؟

1.6K 123 71
                                    


كنت أود إخبارك بأن الجميع قد خذلني إلا أنت لكنك خذلتني قبل أن أخبرك.

- محمود درويش.
__________________

𝕄𝕒𝕝𝕚𝕜𝕒
مـالـيكـا

استيقظت في تمام الساعة السادسة صباحًا على صَوت المنبه الذي يصدُح في أبعد ركن بالغرفة بعدما وضعته أمس حتى أضمن استيقاظي نظرًا لثِقل نومي، نهضت بتكاسل وخطوت تجاهه بشكل مترنح حتى وصلت له وأغلقته، ولدت داخل رأسي فكرة العوده للفراش لمدة خمس دقائق أخرى وخطوت تجاهه لكن سرعان ما أجهضتها وشجعت حالي للدلوف للمرحاض، فاليوم مميز لا يجب عليَّ التأخر، لدي مقابلة عمل في تمام الساعة العاشرة، وأنا أستهلك وقتًا طويلًا في الصباح.

توضأت وصَلّيت الضحى بعدها دلفت للمطبخ وضعت اللبن فوق الموقد وكذلك الأبريق الخاص بالشاي، ثم وصل لأنفي رائحة كعكة البرتقال التي تخبزها خالتي بالأعلى من خلال نافذة المطبخ، إذًا الفطور كعك اليوم، نظرت تجاه الرف الخاص بأكوابي الفخارية والخزامية، أمسكت كوب مجسم على شكل سحابة، لكنني عدلت عن الشرب به، هذا يليق بالشتاء، أحتاج إلى كوب يشجعني على تقبل حر هذا الصيف، أخترت كوب آخر مزخرف بالألوان أحضرته أمي لي بعد انفصالي عن ملك الحمقى؛ كُتب عليه بالإنجليزية.

"إنها لا تحتاج إلى بطل فهي البطلة"

دلفت للشرفة الواسعة بعدما حضّرت الشاي بلبن الخاص بي الذي لا يمكنني بدأ يومي من دونه، أحب تقضية صباحي في الشرفة أمام النيل والتعرض للشمس صباحًا لتنظيم إفراز الكرتزون، هذه عادة جديدة اكتسبتها في رحلة علاجي من الأكتئاب بعدما كنت أفضل الشرفة ليلًا؛ وضعت الكوب جانبي على سور الشرفة، واستندت بمرفقي على السور ونظرت أمامي ناحية النيل حيث تعبر مركب يهتز شراعها الأبيض بفعل الرياح.
أخذت نفس عميق، تخلل أنفي رائحة الأزهار الممزوجة برائحة النيل، استمعت لصوت زقزقة العصافير الصادر من شرفة خالتي عزة، ثم بدأت فقرة إزعاج جيراني اليومية وشرعت في الغناء.

بعد دقيقتين خرج "عم حسين" جاري وعم مراد الذي يسكن في الطابق الذي يسبقني والذي يبلغ من العُمر سبعين عامًا، خرج بجزعه العلوي لخارج الشرفة ونظر للأعلى بابتسامة مشرقة أظهرت فمه الخالي من بعض الأسنان وقال بنبرة محببة:

- صباح الخير يا ماليكا، غنيلي الأغنية اللي بحبها بقى.

ضحكت بخفة ثم شرعت في غناء اغنيته المفضلة القديمة بعدما رددت له التحية، الجميع يحب صوتي، الجميع عدا "مراد"، دائما يقول أن صوتي عبارة عن "نشاز" وأنني ازعج الجميع، ولماذا لا احتفظ بصوتي لنفسي؟

أثناء انشغالي بالغناء شعرت بالسلة المصنوعة من الخوص تصطدم برأسي تأوهت بخفة ممازحة تزامنًا مع فرك رأسي بشكل دائري وأنا أنظر للأعلى ناحية خالتي "عزة" التي صدح صوت ضحكاتها عليَّ عاليّا:

أنوبيس Where stories live. Discover now