الفصل الرابع والعشرون: ليو الصغير.

1.6K 121 54
                                    


سلام عليكم جميعًا حبايب قلب أم ليونار
لو سمحت محدش يحط اللينك أو اسم الرواية في أي بوست ليا علشان بيوقع ريتش البوست ومش بيوصل لحد وبالتالي الرواية مش هتتشاف .. عارفة أنكم يتعلموا كدا علشان بتحبوا الرواية فقولت افهمكم، خدوا حضن 🫂

________
متنسوش التفاعل.

شهادة جامعيّة, وأربعة كتب، ومئات المقالات، وما زلت أخطئ في القراءة .. تكتبين لي "صباح الخير" وأقرؤها "أحبك".

- محمود درويش

______________ ︻╦デ╤━╼
𝕒𝕟𝕦𝕓𝕚𝕤
≼ أنـوبـيـس ≽

مرحبًا من جديد.
هل اشتقتم لي؟
سحقًا، لا يهم.
أنا متحمس للغاية.
لدي موعد مع أمي اليوم!


أقف منذ خمسة دقائق أمام منزل الحاوي لكنني لم أخبر أمي بذلك، أشعر بالحماس الشديد الممتزج بالخوف، سوف أحصل على أول عناق لي مع أمي اليوم، لكن المشلكة في رأسي، اختيار سييء لليوم، فاليوم جميع جروحي فُتحت من جديد وتنزف بغزارة، لقد توقف النزيف لبعض الوقت عندما كنت مع الغجرية الساحرة لكن الآن، أوه! عادت من جديد.

آه ماليكا، ليتني ابقى معك على جزيرة بمنتصف المياه دون قارب نجاة أو صواريخ استغاثة حتى لا ترنا الطائرات.

"أمي تحبني أنوبيس"

حسنًا ليو، ذكّرني بذلك طوال الوقت، حتى أصفح عنها اليوم.

ارتفع صوت ماليكا الخارج من مشغل الموسيقى الخاص بالسيارة فشعرت بالإرتياح قليلًا على الرغم من أن صوتها بعيد نسبيًا فقد كنت أسجل لها وأنا بالشارع بينما هي في الدور الثالث، حسنًا، أنا كاذب لقد كنت أسجل لها وأنا بالشرفة الخاصة بالطابق الذي يسبقها والتي تكون خاصة بشرفة "فريد" ابن ماهر اللطيف، في أحد المرات خرج ولم أشعر به لكن أقنعته أنني "سوبر مان" واتخفى حتى أقبض على الأشرار لذا لم يكشف هاويتي لهم، أوه كم أحب براءة الأطفال!

على الرغم من قرب المسافة إلا إن الصوت مازال بعيد، لا يوجد معي سوى مقطع واحد وهو الذي بعثته لي بصوتها الواضح وأنا لن أطلب منها ذلك مجددًا فقد كانت في لحظة ضعف عندما بعثته لي، كانت خائفة عليَّ حتى لا أؤذي حالي، ربما ظنت أن هذا الابتهال ربما ينقذ حياتي، وهذا صحيح.

نعم، لم أتطرق لما حدث معي عقب مقطع السفاح، فقد كنت أشعر بالحزن، ماليكا تمت خطبتها، وليو لم يكن يرغب في الحياة، فأنا كنت ابقيه بالداخل حتى لا يرى وحشة العالم حوله وماليكا ايقظته من جديد بحبها، عاد الألم دفعة واحدة، شعرت بكل شيء حدث معي في السنوات السابقة، عادت لي الكوابيس من جديد، لهذا كنت أحافظ عليه بالداخل، أمنع مشاعري.

الحب ممنوع
الصراخ ممنوع.
البكاء ممنوع.
الأنهيار ممنوع.
الشفقة ممنوعة.
الاعتذار ممنوع، أنوبيس لا يعتذر.
جميع المشاعر ممنوعة أنوبيس.

هذا ما ردده الحاوي على مسمعي طوال السنوات اللآتي كان بها مدربي، حاول سلخ المشاعر من فوق جلدي كما تُسلخ الشاة، سابقًا كان ليو يتمسك بالحياة من أجل غزل، وهي قتلته وقتلت كل شعور داخله، صار كل شيء عاديًا لم يترك أي شيء أسمعه تأثيرًا داخلي، أذعنت لحديث حاوي، لكن ماليكا أحيت ليو من جديد، يؤآمن الفراعنة بالبعث بعد الموت كان هذا مجرد هُراء حتى بُعثت من جديد، ليس كل البعث بالطريقة التي أظنها، سحقًا لكِ ماليكا.

لقد كنت على وشك الإنتحار من جديد بعدما شعرت أن العالم مؤلم للغاية لكن وجدت حالي أمسك هاتفي وأرسل لها تلك الرسالة، لقد تمسكت بالشيء الوحيد الذي دائمًا يُنير طريقي ويخفف عني الهم. 

يجب أن اخبر أمي حتى تهبط، فأنا أكره هذا المنزل البغيض بقدر كرهي لمالكه. ترى هل هو بالداخل؟
لما لا أهبط وانتزع قلبه وأصنع منه حساءً أقدمه لها على العشاء، ستكون فكرة رائعة للغاية، لكن ماذا يمكن أن أطبخ بجانبه؟

يمكن أن أصنع أرز لا، لا، سأصنع بطاطا مهروسة وبعض الخضار، لا، ما هذه الفكرة السيئة! أن قلبه سوف يُفسد الطعام، إنه أسود وبلا طعم، يمكنني أن استخدمه للصباغة، حسنًا هذه فكرة جيدة سأنتزع قلبه وأصبغ به سترة لأمي حتى ترتديها على العشاء قبل أن أغرس سيفي في قلبها.

"أنوبيس، أمي تحبني، إنها فقط مريضة لكن تحبني"

نعم، حسنًا لقد أخبرتك إنها تحبك عندما كانت على وشك تقبيلة القبلة الأخيرة، وأنت داهمتك نوبة هلع! أتعلم من بين جميع البشر لم أرى بحياتي أحد معدوم الكرامة بقدرك!

أخرجت من جيبي لوح شكولاتة ممزوج بحبوب القهوة ثم دسست قطعة في فمي بتلذذ، فشعرت بنكهة الشوكولاتة الداكنة وقرمشت قطع القهوة المريرة المحببة التي انتشرت داخل جميع براعم التذوق، ثم أخرجت هاتفي وبحثت عن صورة ماليكا لإنه هذه الشكولاتة الداكنة تذكرني بُحبها.

ليتني بقيت بجانبك لكن معاد إنتهاء العمل البغيض الذي يشبه حكم الإعدام قد أتى، فأنا كل يوم أذهب حتى أراكِ وفي نهاية اليوم يضعوا حبل المشنقة حول رقبتي ليعلن عن إنتهاء وقت السعادة بدأ وقت الموت.

حسنًا، بعدما اعلنت ماليكا زوجة مستقبلية لي بسبب ما حدث من قبل، صرت أتبادل أنا ورائف ونيلان حمايتها فبعض الأيام أبيت أسفل منزلها بالسيارة، لكنه غير كافي فهي مازالت بعيدة عني، أوه! لقد جائتني خاطرة الآن، لذا فتحت صفحتي الشخصية وكتبت ما بُعثر فوق صفحات ذهني.

⟪ حُبك مثل الشوكولاتة الممزوجة بحبات القهوة، مُر لكنه يرفع هرمون الدوبامين الخاص بالسعادة، لكن للأسف يتلاشى تأثيره عنّي بمجرد بُعدك ⟫

نشرتها وانتظرت دقيقة، سحقًا، لقد شاهدتها بالفعل وكأنها تجلس تراقب حسابي، لكنها لن تعلق كعادتها ولا حتى ستضغط زر الإعجاب، شكرًا لك أخي "بكر" على هذا التطبيق فلولاه لما علمت إنها تراقبني؛ ضغطت على صفحتها فظهر لي آخر منشور انزلته منذ عشرة دقائق.

" أحيانًا يختلط عليَّ الأمر فلا استطيع التفرقة بين هل أحلم أم هذه حياتي؟ فأنا بين يوم ليلة تم القاء بي بين جدران السرايا الصفراء "

ضحكت بخفة ضحكة ممتزجة بالألم عندما تذكرت ما حدث فقد اتصل بي شمس الزناتي عقب قص حكايتي على مسمعها، فرددت عليه وفتحت مكبر الصوت حتى يتسنى لنيلان الإستماع لما سيقوله بعدما تبادلنا نظرات الدهشة، فلماذا سيتصل بي شمس؟


- حبي، أنا عامل مهرجان النهاردة اسمه ملوك الجحيم ولازم تيجي، علشان عندي ليك مفاجأة.

- إيه هتقتلني؟


قلتها بنبرة باردة تحمل السخرية بين طياتها تعقيبًا على حديثه الذي خرج بنبرة حماسية بعيون تبرق من الشغف رأيتها تشع منه على الرغم من إنه ليس أمام عيني بينما ظهر التخبط على وجه ماليكا الممتزج بالأمتعاض منه، فهي تخاف منه وهذا واضح للغاية، حسنًا هذه مشكلة يجب حلها في المستقبل.

- هديك جائزة أفـضـل قـاتـل السنادي، الحقيقة أنا مبهور بيك، إنت تغيب تغيب وترجع بمواجهات ضرب نار.

- الحاوي هيستلمها مكاني، شكرًا لإهتمامك بموهبتي، عقبال ما استلم جائزة مواجهتي ضدك.


قلتها بنبرة جامدة قبل أن أغلق في وجهه تعقيبًا على حديثه الذي خرج بدرامية وهو يشدد على الكلمات لا أعلم أي جنون سيحدث اليوم لكن لم استفسر عن الأمر بسبب جحوظ عيون ماليكا بسبب حديثه عن جائزة أفضل قاتل؟

تبًا، جائزة أفضل قاتل!
تبًا ماليكا، تبًا لحياتك ماليكا ولأختيارتك البغيضة.

استطعت قراءتها في عيناها على الرغم من صمت شفتاها، سحقًا لك شمس، سحقًا لك، هل كان ينقصني شيء لتؤكد عليها كم أنا مسخ بشع بقرون؟!

بحثت عن مقطع على هاتفي أحتاجه الآن وبشدة، ظهرت أمامي صورتي عندما كان عمري شهور تقريبًا ويجلس بجانبي أبي يلعب معي فوق الأريكة بينما تجلس أمي على المقعد بالناحية الأخرى تقرأ شيء ما، كانت تبدو جميلة بقصة شعرها القصير، أعطاني أبي سالم واحدة من البسكويت من نوع "الكوكيز"  فأمسكتها بكفاي الاثنين وأنا أشعر وكأنني على وشك الرقص من السعادة ثم وضعت جزء منها في فمي على الفور.

نهض أبي من مجلسه وأختفى من الصورة بينما تابعته أنا بنظراتي التي تحولت للحزن الممتزج بالخوف والرهبة لكن انتبهت لأمي التي تجلس على قرب مني فعدت لآكل البسكويت من جديد أنتظر عودة أبي بينما انتبهت أمي لخروج أبي ونظرت ناحيتي حيث أجلس بمفردي على الأريكة قبل أن تنتفض من مجلسها وتنتقل لتجلس فوق الأريكة بجانبي وهي تبتسم لي بسمة مطمئنة لرؤيتها القلق داخل مقلتاي، لقد تركني أبي!

أخرجت البسكوتة من فمي ببراءة طفولية تناسب سني في ذلك الوقت ثم قسمت منها جزء بقدر قوتي الضعيفة ومدتت يدي بها لأمي فأنا معتاد على المشاركة، ضحكت بخفة وأخذتها مني بسعادة وأكلتها بتلقائية دون أن تعبأ إنها كانت بفمي بالفعل فأنا كنت صغير للغاية على المضغ.

- سالم جي.

قالتها أمي بنبرة هادئة تعقيبًا على حديثي المغمغم بكلمات لم افهمها شخصيًا لكن هي فهمت أنني أسال عن أبي سالم، فحركت رأسي بالموافقة ورضى أثناء انتظاري لأبي حتى يعود ثم حدثها ليو الصغير من جديد وهو يشير ناحية الطاولة، فالتقطت أمي كوب الحليب من فوقها ووضعته أمامي.

ضحك ليو الصغير ضحكة طفولية سعيدة معتادة وكأنه امتلك العالم قبل أن يضع كفه القابض على قطعة البسكويت داخل الكوب بأكملها مما أدى لسكب الحليب فوق الأريكة وعلى ملابسه لكنه لم يعبأ وأخرج يده ناحية فمه أثناء تحريكه لجسده كأنه يرقص، فضحكت أمي عاليًا وهي تحرك رأسها بدون تصديق على ما أفعله ثم وضعت الكوب جانبًا وطرقت على قدمها أثناء غنائها لي بينما رقصتُ بمرح.

- وطبلي على الدربكة كمان، هرقصلك زي بديعة زمــــان.

- طبيلي على الدربكة كمان، آه آه.


خرجت هذه من أبي سالم الذي دلف وهو يطرق على دف أثناء غنائه ثم سحب أمي ليرقصا سويًا على غنائه وَسط ضحكاتي التي ارتفعت وأنا أشاهدهما.

- آه! أنا لسه محميه.

قالها أبي بعدما نظر لي بتمعن ووقع فوق الأرض متظاهرًا بفقدان وعيه مما أدى لارتفاع ضحكات أمي عليه، فنظر لها أبي بسخط ثم نهض من مجلسه وهتف بنبرة متهمكة:

- إنتِ اللي ادتيلو اللبن يبقى تحميه معايا تاني.

تجمدت أمي لثواني بينما بدأ عقلها بالتلاعب بها ليتلبسها الخوف لكن أبي سحبها من كفها بعدما حملني وصعد بي الغرفة ومنها إلى المرحاض بينما تمشي أمي شيرين خلفهما بالكاميرا بعدما التقطتها من المكان الذي خبئتها به حيث تم ترتيب الأمر فهذا كله اختبار لأمي.

خلع أبي ملابسي وبدأ في تحميمي من جديد وأمي ساعدته في سكب الماء فوق جسدي تحت إرشادات أبي ثم احضرت المنشفة وأخرجت لي ملابس بينما البسني أبي كما يفعل دائمًا قبل أن ينتهي المقطع.

أتعلمون لماذا حدث كل ذلك؟ لماذا يختبروا أمي؟

منذ ولادتي وأمي لم تقترب مني مطلقًا، لا تتعامل معي ولا تلمسني تعتبرني جرثوم تخاف لمسه حتى لا تمتلئ بالبكتريا وتمرض وكان هذا اختبار لها حتى يشاهدوا رد فعلها إذا اضطرت للتعامل معي، هل ستتركني؟

منذ ذلك اليوم الذي ولدت به تتعامل معي من بعيد، تراقبني بعيناها وأنا بعيد عنها، لم تحتضنني قط، لم تلمس سوى كفي فقط، وعندما تشعر إنها ترغب في اخباري إنها تحبني كانت تداعب شعري بكفها.

لم تكن لي أمًا قط فكانت دائمًا تأتي في المركز الثالث بعد أمي شيرين وأمي دهب، فعندما عادت من الكشف عقب ولادتي رفضت تقبل كونها أمي، فأخذتني أمي "دهب" وأهتمت بي رفقة فارس وكأنها انجبت توأم ففارس أخي بالرضاعة، لكن بعد أسبوعين من ولدتي طفح كيل جدي سياف من أفعال أمي التي لا تعلم شيء عن الأمومة بهذه اللحظة، فهو لا يستوعب كيف لأم أن ترفض لمس ابنها؟

- خد ابنك وخلي مراتك تبطل دلع.

قالها جدي سيّاف بنبرة جامدة وهو يأخذني من بين ذراعي أمي دهب ويضعني بين ذراعي أبي ثم هتف بنبرة محذرة إلى أمي دهب لإنه يعلم ما الذي سيحدث بالمساء:

- أقسم بالله يا دهب لو الواد ده بات في أوضتك ما هيحصل طيب، مش كفاية متجوز بنت اللي قتل أخويا، لا كمان مش عايزة تقوم بواجبها كأم!

تنهد أبي بعمق وصعد بي غرفته حتى لا تحدث مشاكل أكثر من ذلك حيث كان عمي هارون مسافر رفقة أمي شيرين وهو الوحيد الذي يمكنه التفاهم مع جدي سيّاف، وأصبح هو من يهتم بي في المساء حيث أظل مستيقظ طوال الليل بينما تبكي أمي بجانبي عجزًا، لكن في الصباح تأخذني أمي دهب من جديد حيث يكون جدي سيّاف بالعمل وأبي كذلك.


_ إيه ده؟

قالها عمي هارون بنبرة مستنكرة عندما طرق أبي باب غرفته مساءً في يوم عودته من السفر ثم وضعني بين ذراعيه على عجالة قبل أن يستوعب عمي ما يحدث، فقال أبي ببساطة وهو يرفع كتفه للأعلى:

- عايز أنام بقالي اسبوع منمتش، أصله عايز أمه.

- حد قالك اني أمه؟!


قالها عمي هارون بنبرة عالية من الدهشة التي احتلت قسمات وجهه وجمدته لبرهة وهو ينظر للحقيبة التي علقها أبي في كتفه والتي تحتوي على أشيائي الخاصة، فضحك أبي بخفة ثم قال بنبرة مازحة:

- فيك من حنانها.

- بطل استهبال، أنا لسه راجع، إنت معندكش دم؟


قالها عمي هارون بنبرة متهكمة بعدما أخرج صوت ساخر من فمه وهدى عقله أخيرًا لما يحاول أبي حشره به، فضحك أبي بهزل وهو يضع كفه فوق كتف أخيه قبل أن يقول بنبرة وقحة:

- لا معنديش، إنت فاكرني هقولك عندي وكده، بعدين وطي صوتك عمي هيسمعنا .. متنساش ترضع الواد يا هارون.

هتف بآخر جملة وهو يركض للأعلى من أمامه حتى لا يعطيه فرصة للنجاة من المصيبة التي أوقعها فوق كاهله، تنهد عمي هارون بعمق ثم طبع قبلة فوق جبهتي واستدار أثناء شرود تفكيره بشيء ما ليخبر به زوجته التي لم يمر سوى أسبوعين على زواجهما وها هو يعطيها طفل صغير!

- أوه، إنه جميل للغاية، قلبي لا يستطيع تحمل كل هذا اللطف هارون.

قالتها أمي شيرين بنبرة متلهفة وهي تحملني من بين ذراعي زوجها بحماس بعدما برقت عينها بوميض لامع وكأن لعنة أصابتها، لتبدأ دورها كأم لي من تلك اللحظة، ومنذ ذلك اليوم وأنا انتقل بين غرفة أبي وعمي هارون، لم تاخذ أمي دورها أبدًا طوال حياتي؛ في أحد المرات وأنا في السادسة عندما كان أبي مسافر، استيقظت من نومي بفزع فقد حلمت حلم سيئ خاص بأبي، فأمسكت كف فارس وذهبنا إلى غرفة أمي حتى أنام بجانبها.

- الراجل مش بيخاف يا ليو، مش إنت راجل؟ خليك شجاع ونام في أوضتك.

هتفت بها أمي بنبرة هادئة وهي تبعثر خصلات شعري بكفها المرتعش فقد كانت تشعر بالرعب فأنا على وشك النوم داخل حضنها لكن عقلي الصغير لم يستوعب مرضها واضطرابها بعد موت أختي فداخلها يصدق أنني قتلت أختي داخل أحشائها، فخرجت من الغرفة بهالة سوداء قاتمة من الحزن تلبستني، لم أستطع النوم ليس من الخوف لكن من الحزن فقد ظننت انها ستأخذني بين ذراعيها وتطمئنني لكنها لم تفعل.

هل أخبركم سرًا؟
في الحقيقة أنا لم أذهب إليها لأنني خائف، فقد فكان يمكنني الذهاب لعمي هارون ببساطة كما أفعل طوال الأسبوع لأن قلبي يطمئن بقربه، لكن كنت أرغب بشدة في عناق منها، هي لم تحتضنني قط ولا مرة في حياتي، فعقلي الصغير ترجم ذلك إنها لا تحبني.

- ماما بتحبك بس هي مش بتعرف تعبر عن الحب زينا، يعني لما بتلعب في شعرك كدا، بتقولك بحبك يا ليو.

قالها أبي بنبرة هادئة رزينة وهو يبعثر خصلات شعري السوداء التي تشبه خاصة أمي عندما أخبرته إنها لا تُحبني عندما سألني عن سبب حزني، فأبي يشعر بي دون حديث ولم أكن أخفي شيء عنه فهو صديقي المقرب، نحن نخبر بعضنا البعض كل شيء حدث في نهاية اليوم عندما يضع رأسه فوق قدمي أو أضع أنا رأسي فوق صدره أسمع صوت نبضات قلبه المحببة لقلبي، فشعرت بالسعادة من جديد بعد حديثه خصوصًا إنه في المساء جعلني أنام بغرفته وتعمد أن يجعلني شبه ملتصق بأمي وهي لم تصدر أي رد فعل يدل عن النفور حيث إن أمي تتحول كليًا عندما تكون رفقة أبي، تصبح بحالة جيدة فقط معه وكأنه الترياق الخاص بمعاونتها على التعامل مع العالم.

هل شعرتم بالشفقة لأجلي؟
لا تفعلوا فقد كنت طفل سعيد للغاية، حسنًا كنت أريد حضن أمي لكن كنت اتفهم مرضها كما كان لدي الكثير من الأمهات، ماما شيرين وماما دهب وماما داليا -والتي تكون أمي بالرضاعة كذلك- جميعهن يؤدين دور الأم على أكمل وجه، من احتضان، قبلات، وحكايات قبل النوم.

ماما دهب كانت تحكي لنا كل يوم حكاية جيدة ذات مخزى لنصبح فتيان صالحين وكأنها سوف تنقذ مصيرنا المكتوب بالحكايات!
لكن المفضلة لديَّ حكايات أمي شيرين فكانت تختلق حكايات خيالية أبطالها أبائي، كنت استمتع بها بشدة، وهذا كان ليلة الجمعة عندما يأتي باسل ويعقوب وداغر الوغد لنبيت سويًا فهم يقطنوا في الجهة الأخرى من المنزل داخل مبنى المامبا لأننا الخمسة أخوة مقربين.

هبطت من السيارة عندما رأيت أمي تخرج من المنزل فعلمت إنها رأتني بالأسفل من خلال الشرفة حيث كانت تنتظرني، ابتسمت باتساع وأنا أنظر إلى هيئتها حيث ارتدت فستان باللون الأخضر مصنوع من القماش الثقيل يصل إلى الكعب ويقبع بالمنتصف حزام عريض، حذاء ذو كعب عال باللون الأسود، وترتدي العقد البغيض الذي أكرهه بينما تترك غرتها لتغطي منطقة جبهتها فتظهر في شكل لطيف بقصتها القصيرة بعدما طالت خصلاتها بشكل لطيف، كما ترسم عيونها بالكحل العربي على الطريقة الفرعونية فتبدو مثل ما يقول أبي بالضبط:

" ملكة فرعونية هربت من مقبرتها لتنزل لعنتها على عقلي وقلبي ويصير بين قبضتها "

- ما كل هذا الجمال يا مولاتي؟

قلتها بنبرة متغزلة وأنا أمد يدي لها بالسلام، فعانقت كفي بخاصتها الدافئ الحنون، أطلت السلام فقد حُرمت من لمسة أمي لسنوات عديدة ثم انحنيت وطبعت قبلة هادئة فوق ظهر كفها بلطف، شعرت بكفها يرتعش قليلًا وكأن صاعقة اصابتها من الداخل، حسنًا هذا يسعدني.

" سحقًا أنوبيس لا يجب أن تفعل ذلك بأمي، لا توترها إنها ليست جاهزة بعد! "


_ أُصبح جميلة فقط عندما تقع عيونك عليَّ أيها القائد، فجمالك مُعدي.

قالتها أمي بنبرة رزينة تليق بملكة مثلها وهي تبتسم بسعادة تقفز من مقلتيها جعلت قلبي ينبض بتناغم راقص، إنها تسعد عندما تكون بقربي!

شعرت بالألم بمنتصف حلقي عندما داهمتني الغصة، فأنا أرغب بالبكاء الآن، ليو هو الذي يرغب فقد انتظر تلك النظرة طوال حياته لذا حمحمت بخشونة حتى أسيطر على المشاعر التي داهمتني ثم ضحكت بخفة حيث ذكرني الإحساس بهرمونات عاليا؛ فتحت لها الباب مثل النبلاء، انتظرتها حتى تصعد ثم أغلقت الباب وتحركت لأجلس بمقعد السائق.

أمسكت هاتفها ووصلته بالمسجل ثم بحثت عن أغنية ما قبل أن يصدح صوت أبي مغني "الروك أند رول" بأغنية رومانسية كان يقصدها بكل كلمة بها، فأمي تحيا على تلك الأغاني، ابتسمت بهدوء قبل أن تتلاشى ابتسامتي بترو عندما وقع بصري على هذا العقد البغيض من جديد، عقد فرعوني باللون الذهبي الممتزج بالأسود مرصع بلآلئ خضراء ويقبع بالمنتصف قط أسود اللون، أكره هذا العقد بقدر حبي لأبي.

اتعلمون لماذا أكره هذا العقد؟

في صغري كانت لُعبتي المفضلة هي "عسكر وحرامي" لكنني طورتها كعادتي التي تحب المغامرة والتجديد، فكنا نقيم فريقين واحد يرتدي ملابس خاصة بالشرطة وفريق يرتدي ملابس خاصة باللصوص، ثم نقوم بوضع خطة لسرقة شيء من القصر وتبدأ اللعبة بتنفيذ الخطة.

كنت أهوى لعب دور الضابط قائد الفريق وداغر يلعب دور اللص الزعيم، لكن فارس كذلك يحب لعب دور اللص، فكنت وداغر نتبادل الأدوار من أجله فطالما سألعب دور اللص يجب أن أكون الزعيم، زعيم العصابة، فأنا لا أحب الأدوار الثانوية لذا أنا من سيصبح الملك، لكن هذا ليس موضوعنا الآن.

لماذا لا يلعب فارس في فريق داغر؟

لأنني وفارس لا نفترق أبدًا فهو نصف روحي، احتياجي له مثل احتياج الحوت الأزرق للمياه، إذا خرج منها ينقطع أنفاسه.

كنت ألعب دور اللص الزعيم ويتم الإمساك بي في بداية الجولة، نعم! الزعيم يُقبض عليه أولًا!

كان داغر رأس الأفعى يركض خلفي بسبب تنافسنا الدائم وهو أسرع مني في الركض لذا يمسك بي سريعًا، أو الخيار الآخر هو عندما يمسك فارس كفي أثناء الركض ويقوم "بسحلي"، لا أمزح إنه أسرع من الجميع، في بادئ الأمر يسحبني ثم يبدأ مرحلة "الجرجرة" حيث أقع وأنهض وبعد ذلك تأتي مرحلة السحل حيث أقع ولا أنهض لكنه يستمر في الركض وهو ممسك بكفي وأنا أقبل الأرض.

- أبوس أيدك سيبهم يمسكوني.

أقولها دائمًا عندما يبدأ جسدي يأن من الألم وتنقطع أنفاسي، لكن هيهات، لا يتركني حتى نصبح ببر الأمان ونفوز كالعادة، فهو الشخص الذي يحمل المسروقات دائمًا وكما أخبرتكم إنه أسرع من الجميع.

ماذا كنا نسرق؟

هنا يمكن أساس كُرهي لذلك العقد، جدتي جلنار -حرقها الله في جحيمه-  كانت ترفض دلوفي لغرفتها لأنني مشاغب وهي تخاف على الأشياء القيمة التي تملئ غرفتها، مما خلق الدافع الشديد داخلي لجعل غرفتها الهدف الأول لعمليات السرقة، حيث يقوم فريق اللصوص بسرقة أحد الأشياء القيمة من غرفتها واللعب بها وعند الإنتهاء نعيدها من جديد دون أن تشعر بذلك، كنت استخدم ذلك الأسلوب كنوع من التمرد عليها.

في أحد المرات سرقنا ذلك العقد والذي يكون عقد عائلة الجابري المتوارث فهو عقد فرعوني قديم، وأثناء ركض فارس به إلى منزل الأمان والذي يكون منزل خشبي مبني فوق شجرة ضخمة، وقع منه العقد ولم يعلم ذلك، بحثنا عن ذلك العقد البغيض في كل أنحاء الحديقة لكن لم يفسر بحثنا عن شيء.

عمي هارون، هذا أول اسم فكرنا به بالطبع عندما يأسنا من إيجاد العقد فهو حافط أسرار جميع مصائبنا، فبدأ البحث معنا بهدوء في نفس الوقت الذي علمت به جدتي بفقدان العقد وقلبت القصر رأسًا على عقب، ثم اتهمت إحدى العاملات بسرقته، فعاد عمي هارون ودافع عن العاملة ببسالة حتى لا يتم ظلمها.

- اعترف بغلطتك ليو.

قالها أبي بعينيه وليس بلسانه وهو يثبت نظرته الحازمة بي حيث فهم الأمر بعدما لاحظ الصمت الذي تلبسنا على غير العادة حيث نكث داغر رأسه للأسفل بينما أنا بدأت بمضغ شفتي السفلية من التوتر.

- نانا أنا آسف، أنا اللي ضيعت العقد في الجنينة.

قلتها بنبرة ندامة وأنا أطرق رأسي للأسفل بعدما تقدمت منها خطوة ثم ابتلعت ريقي بصعوبة بسبب حلقي الذي جف وصار ينغزني كأشواك الصبار قبل أن أبدأ في قص عليها حقيقة الأمر بالكامل، ثارت جدتي عندما سمعت حقيقة لعبنا بأشيائها الثمينة، واندفعت تجاهي بوجه يتوهج من الغضب وهي ترفع يديها للأعلى في نية منها لصفع وجهي

- أقسم بالله لو مديتي أيدك لأقطعها.

قالها عمي هارون بنبرة عالية حادة مهددة بعدما أمسك كف جدتي التي كانت على وشك صفعي ثم دفعها للخلف مما أدى لفقدانها التوازن ووقوعها على الأرض بعنف متناسيًا عمرها حيث إنه يحتقرها طوال حياته لإنها السبب في قتل أمه وأبيه، بينما نهضت جدتي من فوق الأرض بمساعدة أمي التي نظرت لعمي هارون بسهام قاتلة ونار متأججة انبعثت منها.


- ينفع اللي حصل ده؟! مفيش لعب اللعبة دي تاني لمدة شهر، كل واحد على أوضته.

هدر بها عمي قاسم بنبرة صارخة في وجهنا متدخلًا في الأمر قبل أن ينشب شجار بين أمي وعمي هارون ويقع أبي في موقف لا يحسد عليه، ثم غمز لنا من خلف ظهر الجميع حتى نفهم إنه يمزح ولا نحزن بشأن صراخه في وجهنا بتلك الطريقة، فهو لا يتعامل معنا هكذا لكن العقاب لم يعجب جدتي ورأت إنه غير كافي.

- لو ملقتش العقد مش هسامحك أبدًا في حياتي علشان إنت طفل مـخادع، شيـطان، وهتتحـرق في الجحيـم وهتفضل تعيط وتصرخ ومحدش هيجي ينقذك.

قالتها جدتي بنبرة صارخة في وجهي جعلت قلبي يرتج من الخوف داخلي وكأن بناية قُصفت بداخلي، وتردد صوتها داخل رأسي كزئير جميع أشباح فارس الوهمية، ركضت للخارج من جديد لأبحث عن القعد رفقة الجميع حتى وجدته،  لكنها لم تسامحني على الرغم من تكراري الأعتذار أكثر من مرة، فركضت لغرفتي جلست في الزاوية ضممت ركبتي لصدري وأحطتها بذراعي ثم انفجرت في البكاء من الخوف بينما تصاعدت خفقات قلبي بقوة، فقد صدقت حديثها بشأن ذهابي للجحيم.

سحقًا لكِ جدتي جلنار، وكأنك كنتِ تربينني على أن أصبح محفظ قرآن بالمسجد!
لن أسامحك على دموع ليو الصغير، سنتقابل في الجحيم ووقتها لن أرحم أحد.


_ البقاء لله يا جماعة.

قالها الطبيب بنبرة هادئة يغلفها الحزن بعد شهر من تلك الواقعة حيث مرضت جدتي بعد أسبوعين والآن ماتت بسبب ضعف عضلة قلبها، نعم، جدي سياف قتلها.

لقد قتلها بالأدوية الطبية فقد رأيته يضع دواء ما إلى محتوايات حاوية الطعام التي كانت في طريقها لغرفتها لكن عقلي الصغير لم يفهم الأمر بهذه الطريقة فقد فسرت ذلك عندما كبرت حيث علمت لماذا؟

فقد رأيت الرعب لأول مرة في عيون جدي سيّاف تلك الليلة عندما دفع عمي هارون جدتي جلنار، لقد ارتعب من فكرة أن يتشاجر أبي وعمي هارون، أن يبتعد أبي عن العائلة لذا تخلص منها لأنها أساس كل المصائب حيث إنه رأى قالب أمي الحقيقي، فهي ضعيفة وهاشة دون سالم، وعندما تبتعد تلك الحية عنها سوف يسود السلام في المنزل.

ليو الصغير صدق بالفعل إنها ماتت نتيجة المرض وحزنت بشدة وقتها، ليس لأنني أحبها فهي لم تسقي بذرة حبها داخلي ولو بقطرة ماء واحدة لكن لأنها ماتت قبل أن تسامحني، فقد جلست بغرفتي طوال الوقت وتخيلت أبواب الجحيم كلها تفتح على مصرعيها أمامي ويصدح منها أصوات مرهبة جميعها تدعوني كي أنضم للأشخاص السيئين وأحترق ثم أصرخ وأصرخ وأصرخ ولن أجد أحد لكي يساعدني.

وفي المساء عندما عاد الجميع عقب دفن جسدها الذي سيصبح طعام للديدان التي تتوق كي تنهشه كما أتوق أنا كذلك، ثم تركني فارس الذي كان يحتضنني طوال الوقت ودلف المرحاض تسللت لخارج القصر حتى أذهب لرؤيتها بعدما داهمتني فكرة طفولية بسبب أعوامي السبعة حيث صدقت إنها ربما تسامحني إذا ذهبت وطلبت منها السماح من جديد.

مشيت في الطريق المظلم الذي يشبه الصحراء حتى وصلت لمنطقة المقابر الخاصة بشعب مملكتنا حيث إنها قريبة من القصر مسافة نصف ساعة مشي على الأقدام، خطوت بخطوات مهتزة من الخوف بين القبور بينما يصدح صوت دقات قلبي عاليًا وأنا أقرأ الأسماء فوق شواهد القبور المختلفة "عائلة الجابري" قرأتها فوق مساحة واسعة من الأرض المربعة والمحاطة برخام أبيض اللون بينما تتناثر الزهور فوق المنطقة المخصصة لجدتي، تقدمت ناحية القبر ثم وضعت زهرة قطفتها من الحديقة وأنا أقول بنبرة مُحشرجة من أثر البكاء:

- نانا أنا آسف، ليو مش شيطان، ليو مش شرير، ليو مش مخادع، ليو طيب وبيحب كل الناس، ممكن تسامحي ليو؟

- بتقول إنها سامحت ليو، وكمان بتقول ليو ده ألطف حد في الدنيا.


قالها أبي سالم من خلفي بنبرة واثقة قبل أن يقترب مني ويحملني فوق ذراعه، ثم طبع قبلة فوق وجنتي بأنفاس لاهثة بينما شعرت بسرعة وتيرة خفق قلبه من خلال كفي الموضوع فوق صدره ناتجة عن ركضه المسافة خلفي حيث إنه علم باختفائي من فارس عندما خرج من المرحاض ولم يجدني ثم لحق بي، بالطبع لم أكن بمفردي فكان "سفن" يتبعني منذ البداية لكنه لا يُظهر حاله حتى لا أعلم بوجوده.

فأنا كنت أحب المغامرات والهرب خارج المنزل وعندما أعود أقص كل شيء على مسمع أبي ولأنه ذكي ولا يحب تقيد حركتي، تمالك النوبة القلبية التي كان على وشك الإصابة بها والفتك به من هرب ابنه ذو الستة أعوام الذي يكون حفيد واحد من أكبر زعماء المافيا والذي لديه أعداء بعدد شعر رأسه، ثم ابتسم لي بسمة منبهرة من حكايتي قبل أن يصفق بحماس وتركني لمغامراتي وروح الأستكشاف داخلي لكن وضع حارس فوق رأسي حتى يطمئن قلبه.

- أنت سمعت إزاي هي قالت؟

- قالت لماما قبل ما تروح عند ربنا إنها بتحب ليو أوي وإنها سامحته، بس ماما تعبانة دلوقتي ومقدرتش تقولك.


قالها أبي بنبرة هادئة وهو يمسح فوق ظهري برفق أثناء عودته للمنزل من جديد بخطوات سريعة حيث إنه ترك أمي بمفردها في تلك المحنة تعقيبًا على سؤالي الذي خرج بنبرة متشككة من ما قاله حيث أنني لم أسمعها، فشعرت بالراحة تعود لي من جديد حتى وصلت للمنزل وشعرت بالسعادة عندما أكدت أمي بصوت ضعيف مبحوح ما قاله أبي.

أعلم الآن أن الاثنان كاذبان فهي لم تفعل ذلك لكن وقتها شعرت أن جناحاي عادا لجسدي من جديد، فأنا كنت طائر حر لم يُسلم من قص جناحيه طوال حياته.

- ده عقد تيتا ليلى هتتبسط اوي إنكم هتلعبوا بيه.

قالها عمي هارون بنبرة سعيدة وهو يضع أمام نظراتنا عقد أمه "ليلى" المرصع في اليوم التالي لنلعب به بدلًا من مجوهرات جدتي بعدما شعروا أن حالتنا النفسية تحتاج إلى الأنقاذ، أخذنا منه العقد ونحن نطلق صيحات مرحة ثم عدنا للعبتنا المفضلة وشاركنا اللعب أبي وعمي هارون حيث لعب أبي دور اللص الزعيم بالطبع ولعب عمي دور الضابط.

______________ ︻╦デ╤━╼

أنوبيس Where stories live. Discover now