مكنون القلب

أعظم خطيئة

بينما تفكر في أول وأعظم خطيئة في الكون وهي رفض إبليس أمر الله عز وجل بالسجود لآدم عليه السلام سيتبادر لذهنك مباشرة السبب المتعارف عليه الذي أدى إلى عصيان إبليس ألا وهو الغيرة ولكن دعوني أصدمكم بأن الدافع الأقوى لعصيان إبليس لم يكن الغيرة، إذًا ما هو؟!
نعم ليس الغيرة فالمتأمل في قول الله تعالى في الآية (34) من سورة البقرة متحدثًا عن حال إبليس عندما رفض أمر ربه بالسجود {إِلَّآ إِبْلِيسَ أَبَى وَاْسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ اْلْكَافِرِينَ} انظروا لبلاغة القرآن هنا في بيان سبب عصيان إبليس وهذا السبب هو {أَبَى وَاْسْتَكْبَر} ولم يقل غار من آدم فالإباء والاستكبار عندما يدخلان القلب يقودانه للكفر كما قال ربنا {أَبَى وَاْسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ اْلْكَافِرِينَ} وهذا ما حدث بالفعل مع إبليس ولم تقوده للكفر فقط بل ظن نفسه ندًا لله وأراد أن تعبده الناس من دون الله وهذا ما حدث مع النمرود أول من ادعى الألوهية ومع كل جبار في الأرض وكل من رفضوا الإيمان بالأنبياء والرسل، كل كافر على وجه الأرض رفض الاعتراف بوجود الله تجده في الغالب إما مَلِكًا أو سيدًا من سادات قومه وبحكم رفعتهم وقوتهم وتسلطهم أنفوا أن يؤمنوا بإله آمن به شعبهم أو فقراء قومهم وعبيدهم فالفكرة التي تسيطر على عقولهم هي فكرة النِدية؛ كيف أتساوى أنا السيد القوي مع عبدي الضعيف ونعبد نفس الإله بعدما كنت أوهمهم أنني إله بل كيف أصبح تابعًا لنبي وأنا ملك البلاد؟ هذا ما يسيطر على عقول هؤلاء العتاة الجبارين الذين يظنون أنهم مخلدون وأن لا حياة بعد الموت ولا عقاب، ظنوا أنهم سيتنعمون في خيرات الدنيا للأبد ولن يحاسبوا ونسوا أن الكبرياء والعظمة لله وحده فمن نازعه فيهما قصمه وملكه وحاسبه حسابًا عسيرًا ومن هؤلاء إبليس الذي يعلم نهايته جيدًا ومع ذلك ما زال يزداد عتوًا وطغيانًا ويرسل جنوده من شياطين الإنس والجن ليقلدوه في كل زمان ومكان وينهون الناس عن الإيمان والنجاة ويجرونهم جرًا للكفر والفساد والهلاك. والآن بعد أن عرفتم لماذا أعظم خطيئة هي الكبر لأنه يؤدي إلى أكبر الكبر والذنب الذي لا يُغتفر وهو الشرك بالله فالآن فقط تفهمون لماذا قال رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" لأن الكبر والإيمان متنافران لا يجتمعان في قلب واحد بل أن الكبر والكفر مقترنان لا يتفرقان فمن دخل الكبر قلبه حتى لو كان ذرة فمؤكد ذلك القلب إما كافر أو سيكفر عافانا الله وإياكم.
#خاطرةبقلمي
#هبةالله_رزق_عيسى