البارت الثلاثون

4.8K 132 0
                                    


  البارت الثلاثون من " لامجال للعوده "
في الصالون الخاص بمنزل "محمود لاشين "
جلس أحمد بهيبته وهو يتطلع لمحمود بنظره ذات مغزي , تنم عما سيقوله بعد لحظات ليبدأ محمود الكلام قائلا بترحيب
- نورت يا أحمد تشرب إيه بقي
ليرد أحمد بنبره هادئه
- انا مش جاي أتضايف يا محمود أنا هقولك علي حاجه وأمشي
ليستغرب أحمد من نبرته وهو مثركزاَ ببصره علي أحمد قائلا بصوت عالٍ
- لا إزاي .. يا حنين إتنين قهوه
ليتنحنح أحمد قبل أن يتحدث معه عما جاء من أجله , وهو يعرف كم سيؤثر ذلك علي محمود وشهاب حينما يعلمان بالحقيقه المُخفاه عنهما
أردف أحمد بحذر وهو يتطلع لتعابير وجهه محمود التي أُهقت أثناء فتره تواجده مع إيناس
- هو إنت وشهاب إتكلمتوا في حاجه يا محمود
ليمتقع وجهه إثر ذلك السؤال المُباغت , ليقول بحنق وهو يسلط بصره إلي الامام
- جه يكلمني وأنا نهيت الموضوع اللي مش لازم يتفتح , وأظن إنت عارف هو إيه
أصبح أحمد يري أنه من الصعب أن يُقنع محمود بما جاء من أجله , فنطق بهدوء عكس ما يخفيه من كلمات صاخبه سيكون لها وقع علي أذن محمود تالياَ
- ولو أنا قُلتلك إن شهاب كمان كان ضحيه
إلتوي ثغره بإبتسامه سخريه علي الحديث الاحمق الذي يتفوه به صديقهونطق علي نفس تهكمه
- والله لو هو ضحيه أمال أنا أبقي إيه , أنا المُجرم مش كده !
ليصحح أحمد حديثه قائلا بهدوء
-لا أنا مقلتش كده , بس الحقيقه إن في حد ورا الحكايه دي
تابع محمود بلامبالاه مريره
- مش فارقه إن كان حد هو اللي وراها أو لا ,, الكلام فات أوانه في الموضوع ده
هتف أحمد بعصبيه وهو يري السخريه واللامُبالاه في عيني صديقه
- إنت عاجبك حالك يعني و إنت قاطع علاقتك بصاحبك اللي هو زي أخوك
لتتصاعد البراكين داخلمحمود قائلا بوهج
- مش أنا اللي عملت كده , هو اللي صدق عليا كلام محصلش وبعد عني بعد ما شُفت أبشع النظرات في عنيه
نظره الإحتقار اللي كانت في عنيه دي عُمري ما هنساها أبداَ
الواحد لمايبص لصاحبه كده , إعرف إنهاخلصت يا أحمد
نطق احمد بإنفعال لينهي تلك المهزله التي إستمرت أوذت أكثرمن حقها بمراحل
- إيناس مراته هي اللي عملت كده يا محمود , وإنت عارف أنها بتكرهكوا من زمان
لينصدم هو مما قاله ويظل فاتحاَ جفنيه بشده يتطلع لآحمد بنظرات إستفهام وكأن علي رأسه الطير
ليتابع أحمد قائلا
- هي اللي إتفقت مع الراجل عشان يعمل معاك كده , هي الشُعله الاساسيه في الموضوع
ليقول محمود بشرود داهمه
- وهي كمان اللي ورا حكايه البيت صح
ليستفهم أحمد
- بيت إيه
ليتطلع إليه أحمد شاخصاَ بصره إليه
- أيامها بردو صاحب البيت ده جه وقال إننا لازم نسيب الشقه رغم إننا السُكان الوحيدين في العماره إللي قالنا كده
بس بعد ما فضلنا نتحايل عليه قالنا إن حد قاله يعمل كده
- ليحك أحمد ذقنه بتفكير
- أكيد هي مفيش غيرها
لينهض أحمد قائلا
- أنا قلتلك اللي عندي , ليك حق الاختيار بس بلاش تنسي إننا كُنا أصحاب زمان
ليهتف محمود بتنهد
- طب إستني يا أحمد
ثم تابع بضيق تجليّ علي وجهه
- إنت فاكرني يعني مبسوط باللي حصل , بس الكسره اللي اتعرضتلها ساعتها كانت مغيمه عليا
ليجلس أحمد مره أخري بتنهد
- عارف والله , بس زي ما في وحش في الحلو , ولازم نرجع الحلو بقي
طرقت حنين علي الباب ثم دخلت وهيتمسك بفناجين القهوه ,لتضعها عليي الطاوله لينظر لها أحمد بدقه قائلا بإبتسامه
- إزيك يا حنين
ردت هي بإبتسامه مُجامله
- الحمد لله
ليرد والدها قائلا بتمني
- أصل النتيجه هتظرإنهارده وهي خايفه
ليومأ أحمد وهو يرتشف من قهوته
- عارف عارف ,, ميس عملالنا قلبان في البيت .. تعالي يا حنين معايا وأهو تونسوا بعض لما النتيحه تبان
نظرت حنين لوالدها لتأخذ الاذن ليقول بدوره بإلتسامه
- معنديش مانع إنك تروحي طبعا
لتومأ هي بطاعه , قبل أن تخرج من الصالون مُتجهه لحُجرتها لتتجهز !
,,,,,,,,,,,,,,
في المشفي
بعد مُحايلات عده إستطاع عبد الرحمن أن يدخل لوالدته للاطمئنان عليها , ليجدها جالسه علي الفراش بوهن والابره مغروسه في ساعدها وتتصل بأنبوبه بلاستيكيه توصل محلول ما ,,
جذب كُرسياَ ناحيه الفراش ثم قال بندم
-عامله إيه يا أمي
لتتطلع هي إلي وجهه وتمد كفها الذي وهن بسبب المرض وتتلمس وجهه
- أنا كوبسه إني شُفتك يا حبيبي
لينهال علي يدها الموضوعه علي وجهه يقبلها قائلا بعيون دامعه
- أناأسف يا ماما , أنا السبب
لتُحرك رأسها يميناَ ويساراَ قائله بضعف
- لا يا حبيبي إنت ملكش ذنب في أي حاجه , أنا المفروض كُنت أقولك
لتُكمل بإبتسامه مُتألمه
- عشان إنت أكتر واحد خايفه عليه لو مُت
ليقول هو بلهفه وقد شقت العبرات طريقها لوجهه وقد إقترب منها مُمسكا يد والدته التي إنحدرت من مُقلتيها الدموع الساخنه
- بعد الشر عليكي يا ماما أنا أموت لو حصلك حاجه
لتربت هيعلي وجنته قائله بحنان جارف
- ربنا ميحرمنيش منك يا حبيبي
ليدلف شهاب قائلا هو الاخر بحنيه غير معهوده لإيناس
- عامله إيه دلوقتي
لترد هي بذلك الضعف الذي إنتشر فيها كُلياَ
- الحمد لله
ليقول هو بلطف
- خلاص فاضلنا يومين ونسافر
لينطق عبد الرحمن بقوه
- أمال مين اللي هياخد باله من الشُغل
ليرد شهاب قائلا وهو ينظر إليه
- إنت طبعا
ليهب عبد الرحمن واقفاَ وعندما هم بأن يعترض حدثه شهاب بهدوء قائلا
- مش هينفع نروح إحنا لاتنينونسيب الشغل ومحدش عارف مُمكن يحصل إيه
خليك هنا ولاخبار هتوصلك أول بأول
ليتنهد عبد الرحمن بأسي قائلا
- طيب بس ياريت متتأخروش عشان مش هقدر أقعد من غيركو أكترمن كده
ليبتسم له والده والدته ثم يجلسان مع إيناس الذي شق المرض طريقه إليها ..
,,,,,,,
في فيلا ط أحمد رشوان "
وصلت حنين لغرفه ميس ولكنها لم تجدها لتسأل شيرين التي كانت تجلس في الاسفل تعبث بهاتفها النقال قائله
- خرجت مع أحمد يا حنين , أصلها كانت قلقانه من النتيجه وأحمد خرجها
لتغتاظ حنين من صديقتها التي لم تخبرها , فمسحت علي وجهها وهدأت قليلا ثم أخبرت شيرين برحيلها
- طيب أنا همشي بقي يا طنط ولما تيجي قوليلها حنين جاتلك
لتُماطل شيرين معها في البقاء
- طب إقعدي إستنيها يا حبيبتي
لتجيب حنين قائله بحرج
- لا خلاص مش مُشكله هبقي أجيلها في وقت تاني
ليأتي في تلك اللحظه مروان من الخارج فيجدها تتحدث مع والدته ليقول بترحيب مُصطنع أمام والدته
- إزيك يا حنين
لتجيب هي بخجل
- الحمد لله
ليتفحصها هو سريعاَ قائلا بلطف
- إيه ماشيه ليه
- أصل ميس مش موجوده هقعد أعمل إيه
لتقوم شيرين من المجلس تاركه حنين ومروان ينظران لبعضهما
فحنين تحمل نظرات عاديه ليست نظرات هيام كمثل قبل , أما مروان فنظراته كانت أشد وقعاَ ,, فقد كانت نظرات ندم وخجل منها
ليردف بصوت راجي مُتمنياَ الاجابه ما سيقول
- حنين عايز أتكلم معاكي شويه
لتعبث هي بأصابعها ناظره أرضاَ لتخفي إرتباكها المسيطر عليها , فهتفت بصوت مُضطرب
- هنتكلم في إيه إحنامش خلصنا كلامنا
ليظل نظره مُعلقا علي عليها ويهتف مُصراَ
- لا لسه مخلصناش ياريت تقعدي عشان نتكلم
جلست وهي تحاول إخفاء توترها , لتضع حقيبتها جانباَ وتنظر إليه مُنتظره ما سيقوله , ليهتف هو بنبره حزينه لم تنتبه لها لتطغي عليها الصرامه
- إيه اللي بينك وبين عبد الرحمن يا حنين
لتضطرب من سؤاله وتنحسر الكلمات بين شفتيها وتنطق هي بتهدج واضح
- م م مفيش حاجه بينا , إنت جبت الكلام ده منين ؟
ليضحك هو بسخريه علي حديثها الغير المُتقن
- ليه فكراني أهبل مثلا , ليظل علي حديثه الصارم التي تختلط فيه لمحات الحزن
- إنتي بتحبيه يا حنين , إنتي مُشفتيش نفسك وانتي بتبصيله لما كُنا في المثستشفي ولا لما لقيتك هناك كُنت حاسس إن اللي جوه دي تخصك إنتي مش هو كُنت شايف قلقك وخوفك عليه
لم تنطق هي بحرف وإنما إحمرت وجنتيها خجلا , فلم تتخيل ذلك الحدث الذي تجلس فيه هي ومروان وهو يعرف بحبها الاخر ... إستعادت ذكرياتها عندما كانت تنتظر من مروان نظره واحده أو كلمه ولكن ما وجدت سوي النفور ..
لتتحدث شفتاها لكن قلبها هو الذي ينبثق منه الكلام , فقد كان قلبها هو الذي يتكلم
- أنا معرفش إزاي ده حصل , بس عبد الرحمن فعلا مش زي زمان بالعكس ده إتغير خالص وانا هفضل مُتمسكه بيه
بجد أنا اول مره أشوفه كده ,, أنا مش عايزه منه حاجه أو حباه عشان حاجه حتي لو هو مش بيحبني أنا هفضل أحبه ,, مش لازم كُل اللي تحبهم يحبوك أمال الناس قلبها يتكسر إزاي
عندما أنهت حنين حديثها لمحت نظره الحُب في عينيه لكنها ظلت ناظره أرضا بعد كلامها ذاك ,, أما هو فظل ينظر إليه بإندهاش ف حبيبته ورفيقه أخته وطفلته التي تربت معهم وعلقت في قلبه , والفتاه التي دق قلبه لاول مره لها تُحب أخر والاخر يكون صديقه المُقرب
لكنه قرر النسيان في تلك الموجه العاتمه التي كادت أن تقضي عليه بقذفهٍ إلي قاع المحيط , لكن مجاديف النسيان ستنقذه من الغرق في بحور حُبها ,,
إنسلت ضحكه حزينه لكنها عازمه وبصوت هادئ قال
- ربنا يوفقك يا حنين , إنتي زي ميس بالظبط
لتنظر له بإرتياح قائله
- وإنت كمان ,, زي مُصطفي بالظبط
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
في المشفي
دلفت سالي مُسرعه إلي غُرفه إيناس وبعد طرق مُستمر اُذن لها بالدخول لتهتف بلهفه جارفه
- خير يا طنط مالك أنا شفت بالصُدفه والله
لتبتسم إيناس قائله
- عادي يا حبيبتي مفيش مُشكله
جلست بجانبها ونظرات عبد الرحمن مُعلقه عليها وهمهم قائلا بدون أن تسمعه
-إيه اللي جابك دلوقتي , إفرض حنين جت هعمل إيه
ليظلا يتحدثان هُما الاثنان وعينا عبد الرحمن مُعلقه علي الباب , ليجلمه حديث والدته
- إطلعو بره بقي سيبوني أرتاح
لينظر إلي والدته بعتاب حتي يفيق منن صدمته علي صوت سالي وهي تقول بغنج
- يلا يا دوبي بقي نسيب انطي ترتاح
لينهض هو ناظراَ إليها بنفور ومن الاسم الذي أطلقته عليه فهو يمقته ويجده إسماَ لدب محشو للاطفال !
ليسير خارج الغُرفه وهو ينظر لوالدته بعتاب زائف وقد حافظ علي مسابقه مُناسبه بينه وبينها
,,,,,,,,,,,,,
في سياره أحمد
تحدثت ميس بقلق وهي تضيق عينيها
- ده مش طريق المُستشفي يا أحمد
لينظر لها أحمد باسماَ
- منا عارف
لتتسأل هي قائله
- أمال إنت موديني فين إنت خاطفني
ولم تنتظر رده وإذ به يتفاجأ بأنها فتحت الزجاج وألقت برأسها خارجاَ تُنادي بإستغاثه
- إلحقووني ده خاطفني
ليمسك بيده اليُسري المقود ويده اليُمني يمسك بذراعها ليدخلها مره ثانيه إلي السياره , ويغلق الزجاج بالزر الالكتروني الذي يجعله يتحكم في نوافذ السياره بأكملها ,, ليلهث هو ويصرخ فيها قائلا
- إنتي مجنونه يا بت ! ,, حد يعمل كده أمال لو كُنت حد غريب
لتقول هي بمرح بعد أن رفعت أحد حاجبيها
- مش هعمل حاجه طبعا
ليصرخ هو بغضب إحتله وأوقف السياره فجأه , لتنظر لعينيه لتجد أن الغضب يتأجج داخلها حتي أصبحت كعاصفه هوجاء عبث بأمواج البحر فتلاطمت بشده
- نعم ! ده يبقي أخرك يوم في عمرك يا ميس   

لا مجال للعـوده.. بقلم سارة عاصمWhere stories live. Discover now