٢٣- خداع ذاكرة

12K 343 24
                                    

كان آسر قابعا خلف مكتبه يجمع شتات عقله كى يستطيع انهاء الأعمال الكثيرة التى تأخر البت فيها  ،  لكنه كلما أمسك بملف تقفز فى مخيلته تلك المجنونة التى جعلته يحدث نفسه كثيرا فى تلك الآونة الأخيرة  " يا ترى مالها  ؟! ليه قلبت فجأة كده؟!  و مستغرب ليه انت من يوم ما عرفتها و انت عارف إنها مجنونة   ..  لا بس هى فيها حاجة متغيرة كأنها زعلانة من حاجة  ..  المشكلة انى مش فاكر حاجة من اللى حصلت امبارح بعد ما روحت البار  "
أخذ يفرك جبهته فى محاولة لتحفيز ذاكرته لكن دخل عليه السكرتير بعدما طرق الباب مقدما له عدة ملفات فصاح بغضب  :  ايه كل الملفات دى مش كفاية اللى ادامى.

حامد  :  يا آسر بيه دى عقود مهمة لازم حضرتك تمضيها  .

آسر بزفر  :  هات  .

أخذ آسر يمضى الأوراق قائلا  :  ايه آخر حاجة وصلتولها فى عقد الباشمهندسة كارين؟

حامد  :  اديت التصاميم للباشمهندس إبراهيم قال هيخلص الشغل اللى معاه و يبدأ فيهم  .

آسر  :  تمام  ..  اتفضل الورق يا سيدى  .

حامد  :  شكرا يا آسر بيه  .

انصرف حامد و عاد آسر يحفز جملته العصبية من جديد  فى محاولة تذكر ما حدث الليلة السابقة  .
أغمض عينيه يتذكر بداية من وصوله البار و طلبه للمشروب الأول فالثانى فالثالث  ..  ثم تطرق إلى ذهنه حوار دار مع أحمد لكن لا يتذكر فحواه
  " ايوا  ..  ايوا و بعدها أحمد وصلنى البيت  .  .  و بعد كده..  يااا ربى..  ليه مش قادر افتكر حاجة  . "

و بينما كان على وشك فتح عينيه   ،  رأى بأسلوب العرض السريع كارين و هى تسانده من باب المنزل إلى غرفته فقال محدثا نفسه  " أوووف  ..  معقولة شافتنى فى الوضع ده  ..  طب و ايه اللى زعلها ف كده  !!  معقول أكون قولتلها حاجة تزعلها  ؟!!  لا لا ما اعتقدش  "

________________

عودة إلى الحاضر  :

عاد آسر مساءا إلى المنزل متجها إلى غرفة ابنته ليطمئن عليها بعد يوم طويل قضاه فى المستشفى  ،  فتح الباب و صدم حينما وجد طفلته غارقة فى دموعها فهرع إليها و احتضنها يمسح دموعها بكفيه الحانيين مرددا  :  لوچى.. حبيبتى مالك؟

تعالت شهقات بكائها فسكب كأسا من المياه و أسقاها حتى هدأت قليلا و قالت بصوت متقطع  :  بابى..  هى كارين فين  ؟  هى ليه مشيت و سابتنى لوحدى..  هى وعدتنى انها هتفضل معايا  ..  و كمان حتى مسابقة الرسم وعدتنى انها هتخلينى آخد المركز الأول بس هى سابتنى و مشيت من غير حتى ما تسلم عليا  .

أغمض آسر عينيه يعتصرهما فى حزن شديد  ،  و امسك وجهها الصغير بين يديه يمسح دموعها المتدفقة عليه قائلا  :  كارين مش هتسيبك ابدا  ..  هى بس تعبانة شوية و كان لازم تروح المستشفى علشان تاخد الدوا  .

الوجه الآخر للذئب(الجزأين) Where stories live. Discover now