كان آسر قابعا خلف مكتبه يجمع شتات عقله كى يستطيع انهاء الأعمال الكثيرة التى تأخر البت فيها ، لكنه كلما أمسك بملف تقفز فى مخيلته تلك المجنونة التى جعلته يحدث نفسه كثيرا فى تلك الآونة الأخيرة " يا ترى مالها ؟! ليه قلبت فجأة كده؟! و مستغرب ليه انت من يوم ما عرفتها و انت عارف إنها مجنونة .. لا بس هى فيها حاجة متغيرة كأنها زعلانة من حاجة .. المشكلة انى مش فاكر حاجة من اللى حصلت امبارح بعد ما روحت البار "
أخذ يفرك جبهته فى محاولة لتحفيز ذاكرته لكن دخل عليه السكرتير بعدما طرق الباب مقدما له عدة ملفات فصاح بغضب : ايه كل الملفات دى مش كفاية اللى ادامى.حامد : يا آسر بيه دى عقود مهمة لازم حضرتك تمضيها .
آسر بزفر : هات .
أخذ آسر يمضى الأوراق قائلا : ايه آخر حاجة وصلتولها فى عقد الباشمهندسة كارين؟
حامد : اديت التصاميم للباشمهندس إبراهيم قال هيخلص الشغل اللى معاه و يبدأ فيهم .
آسر : تمام .. اتفضل الورق يا سيدى .
حامد : شكرا يا آسر بيه .
انصرف حامد و عاد آسر يحفز جملته العصبية من جديد فى محاولة تذكر ما حدث الليلة السابقة .
أغمض عينيه يتذكر بداية من وصوله البار و طلبه للمشروب الأول فالثانى فالثالث .. ثم تطرق إلى ذهنه حوار دار مع أحمد لكن لا يتذكر فحواه
" ايوا .. ايوا و بعدها أحمد وصلنى البيت . . و بعد كده.. يااا ربى.. ليه مش قادر افتكر حاجة . "و بينما كان على وشك فتح عينيه ، رأى بأسلوب العرض السريع كارين و هى تسانده من باب المنزل إلى غرفته فقال محدثا نفسه " أوووف .. معقولة شافتنى فى الوضع ده .. طب و ايه اللى زعلها ف كده !! معقول أكون قولتلها حاجة تزعلها ؟!! لا لا ما اعتقدش "
________________
عودة إلى الحاضر :
عاد آسر مساءا إلى المنزل متجها إلى غرفة ابنته ليطمئن عليها بعد يوم طويل قضاه فى المستشفى ، فتح الباب و صدم حينما وجد طفلته غارقة فى دموعها فهرع إليها و احتضنها يمسح دموعها بكفيه الحانيين مرددا : لوچى.. حبيبتى مالك؟
تعالت شهقات بكائها فسكب كأسا من المياه و أسقاها حتى هدأت قليلا و قالت بصوت متقطع : بابى.. هى كارين فين ؟ هى ليه مشيت و سابتنى لوحدى.. هى وعدتنى انها هتفضل معايا .. و كمان حتى مسابقة الرسم وعدتنى انها هتخلينى آخد المركز الأول بس هى سابتنى و مشيت من غير حتى ما تسلم عليا .
أغمض آسر عينيه يعتصرهما فى حزن شديد ، و امسك وجهها الصغير بين يديه يمسح دموعها المتدفقة عليه قائلا : كارين مش هتسيبك ابدا .. هى بس تعبانة شوية و كان لازم تروح المستشفى علشان تاخد الدوا .
YOU ARE READING
الوجه الآخر للذئب(الجزأين)
Romanceلأنّى أحبّك عاد الجنون يسكننى و الفرح يشتعل فى قارات روحى المنطفئة لأنّى أحبّك عادت الألوان إلى الدنيا بعد أن كانت سوداء و رمادية كالأفلام القديمة الصامتة و المهترئة عاد قلبى إلى الركض فى الغابات مغنيا و لاهثا كغزال صغير متمرد فى شخصيت...