حُفرة الخطيئة <٣٣>

3.8K 112 120
                                    

_ بسم اللّٰه الرحمن الرحيم. 🖤

جميعنَا نرتكُب الأخطاء..

فحُفرة الخطيئة، باهتة، وعَميقة جدًا، نسقط فيها بجهلٍ وحين تنكسر ضلوعنا، نتوب، حتى سانتِيغو وبرغمِ سنه ووقاره، سقط في الحُفرة الغائرة فخسر إبنه وزوجته ومحبوبته.. خسر والده، وخسر أملاكه وأخوه.. والأدهى من ذلكَ أن شيطانه لمْ يَندم، بل لمْ يرمش لوهلة بينما يُراقب عالمه يصير رمادًا غير مَلموس.

بالنسبةِ لهُ.. كانت فرصته الأخيرة للحياةِ مع إيڤالين، الوحيدة التي لمْ يبتغي خسارتها بعدمَا فقد كُل ما يملك في سبيلها.. لذا أوقد أخر شعلة من الشموعِ الحمراء، ثم جلس على الطاولة النظيفة في مُنتصفِ جناحه المُتفحم، فبرغم ما خلفتهُ النيران من خرابٍ، كانت الطاولة جميلة ودافئة.

عيناه تتسمر على مدخلِ الغُرفة بلوثةِ مُراهق عاشق في موعدهِ الأول لا يرتجي سوى فتح الباب..

وعدها أن يتلاشى منها، إن قابلتهُ..

وعدها أن يكون لقائهما الأخير في حالِ رفضتهُ..

لذا لبت هي نداه، وفتحت بابه فقط لتهرب من حُبهِ ومن عالمه البشع..

تغوص أعينه فيها حين شهد هيئتها.. وكأنمَا يراها للمرة الآولى في هالةِ المراهقة التي سرقته، منذ أن خطت بقدميها الجميلان حدود قصره.. فكم كانت فاتنة في فستانها الأسود الطويل، وعيناها المَرسومة آسرته، وشعرها المرفوع قيده.. وبالفعلِ للمرة الثانية، أستطاعت إيڤالين أن تنزع روحه من بين ضلوعه.

كانت أجمل امرأة رأها في حياتهِ.. بل وأجمل واحدة قد يراها مُستقبلًا.

لمْ يستطع أن يُزيح عنها أهتمام حادقتيه، خوفًا من رحيلها، وكم كانت حجته رائعة، فأبى الأعتراف أن من جمالِ هيئتها الأربعينية، لمْ يستطع أن يرمش عنها حتى بعدما جلست أمامه ويدها مَعقوصة أسفل صدرها، تتبع عيناه العاشقة بآخرى حزينة باهتة:

"سانتيغو.."

همستها، فشعر بالحياةِ تتغلغل دواخله القاتمة، لتكسر قيود عتمته، وكل حرف خرج منها، كان كشرارة من اللهيب أوقدت مشاعره كافة، الجنسية منها والعاطفية، فتمتم مُتأثرًا:

"يا إيڤالين.. لمْ أعرف أن أسمي جميل هكذا."

دندن مع نبرة ثقيلة خافتة، والتأثر واضح في لهجته الساهمة، وعيناه الهائمة، فذمت شفتيها بتبرمٍ، وأشاحت وجهها للجانب الأيسر مُحاولةً كبح دموعها لقول الكلمات الثقيلة من الحقِ:

"وعدتني أن يكُون لقائنا الأخير إن أتيتُ."

"أنتِ جميلة جدًا يا إيڤالين."

"وأنــتَ لا تـــفــهـم.!"

رفعت له عيناها الحزينة أثناء الهدير القاطع الذي تسرب من ثغرها المُرتجف. دموعها كانت كثيرة وداكنة، أستطاعت أن ترويّ أرضه القاحلة، فبالنسبةِ له، كانت أثمن جوهرة سوداء، قد رآها طوال حياته المُرفهة:

سيڤارWhere stories live. Discover now