الفصل الأول

9.1K 214 6
                                    


الفصل الأول

بعد 18 عاما

لم تكن تلك البقعة الخالية الواقعة إلى جانب أحد الطرقات النائية خارج لندن بالمطروقة من الكثيرين ... اعتادت مجموعة من الفتيان والفتيات على اللقاء بين الحين والآخر في هذا المكان .. حيث ينيرونه بأضواء السيارت الساطعة التي صفت إلى جوار بعضها البعض مشكلة إطارا دائريا عازلا .. يشعلون نارا في المنتصف ... ويحتفلون ويرقصون على أنغام الموسيقى الصاخبة .. يحتسون الشراب ..و يلهون حتى طلوع الشمس ..
اجترع باري وليامز ما تبقى من زجاجته .. قبل أن يلقيها جانبا ويتشنج عندما سمع أحدهم يصيح :- هناك شخص قادم
تنبه العديد من الفتيان .. وانتابهم الحذر .. إذ أن الكثير من المحتفلين لم يتجاوزوا السن القانونية التي تسمح لهم باحتساء الكحول .. فكيف بالتسكع مع شلة سيئة السمعة كعصابة باري وليامز ..
لم تكن عصابة خطرة .. إذ أن أفعالهم لم تتجاوز قط التخريب في الممتلكات العامة و( استعارة ) بعض السيارت .. وبعض بلاغات الاعتداء والتهريب .. لحسن الحظ .. ما زالت نشاطاتهم ( الأخرى ) .. والمتداولة بالخفاء .. مجهولة للسلطات التي تتابعهم من بعيد ..
بإشارة من يده .. اختفت اللفافات التي بدأت بالتنقل بين الموجودين منذ بداية الحفلة تقريبا .. وبدأ تنظيف سريع لكل علامة مثيرة للشبهات قبل أن يصيح أحدهم :- إنها أيفي
أطلق باري أنفاسه بارتياح ممزوج بالحنق .. ما الذي جاءت ( أيفي بيكر ) تفعله هنا ؟
تقدم هو واثنين من رفاقه بعيدا عن تجمع السيارت .. ووقف عاقدا ساعديه أمام صدره متحفزا وهو يرقب السيارة الرياضية ذات اللون الأصفر الفاقع .. تقترب بسرعة كبيرة .. لم يتزحزح من مكانه والسيارة تتجه نحوه دون أن تظهر عليها أي بوادر لتخفيف السرعة .. تململ رفاقه بتوتر عاجزين عن التراجع وقد وقف زعيمهم صامدا في انتظار وصول السيارة .. قبل أن يرتدوا إلى الوراء خوفا في اللحظة التي توقفت السيارة بحدة قبل متر واحد من حيث يقف باري .. الذي احتفظ بثباته وصرامة ملامحه أمام السيارة التي أخذ محركها القوي يزمجر في وجهه .. قبل أن يفتح الباب .. وتترجل الفتاة الرشيقة بخفة تحسد عليها .. وقفت وراء باب السيارة المفتوح .. تنظر إلى باري بتحدي .. وقد انعكست الأضواء الصفراء القادمة من حيث تجمعت باقي السيارت على شعرها الأحمر الثائر .. وعينيها الخضراوين اللامعتين .. تململ باري منزعجا من تأثيرها عليه .. إذ من الواضح أن تأثير أيفي بيكر عليه بجمالها المتمرد .. ورشاقة جسدها النحيل بالملابس المثيرة .. لم يخف قط .. قال بفظاظة :- ما الذي جئت تفعلينه هنا أيفي ؟ لم أظن بأننا سنراك مجددا منذ آخر مشكلة سببها لنا قبل أشهر .. وأنا لن أسمح لك بتسبيب المزيد
ارتسمت ابتسامة عابثة على شفتيها المطليتين بالأحمر القاني .. وهي تقول :- ما الأمر باري؟ لم أعهدك جبانا إلى هذا الحد .. لم أحسبك من نوع يهاب صديقته السابقة بهذا الشكل ..
تعالت ضحكات خافتة من رفاقه سرعان ما اختفت مع النظرة النارية التي رمقهما بها .. قبل أن يعيد توجيه اهتمامه نحوها وهو يقول :- أنا لا أخافك أيفي .. أنا لا أثق بك .. لقد رحلت قبل أشهر بضجة كبيرة سببت لنا الكثير من الانزعاج .. وعودتك الآن تفاجئني وتثير ريبتي
اختفت ابتسامتها وهي تقول بهدوء :- ما زلت شكاكا وضعيف الشخصية باري .. لقد جئت إليك لأنك أفضل من يقيم حفلات صاخبة مع كل المستلزمات الضرورية لقضاء وقت ممتع .. أم تراك تخشى فقط أن أجرك إلى منافسة جديدة أفقدك فيها ماء وجهك كالأيام الخوالي
ارتفعت صيحات الإثارة من الجمع الذي تحرك ليحيط بهما .. بدأ الصياح التشجيعي :- سباق .. سباق .. سباق ..
توتر باري وهو ينظر حوله بضيق .. هو لا يرغب بمسابقة أيفي المجنونة .. هو يعرفها جيدا ليدرك متى بالضبط يفضل أن يتحاشاها .. مرت أشهر منذ هجرته وأهانته أمام العشرات .. لم يرها بعد ذلك حتى الآن .. ورغم أنه لا يكون عادة متسامحا مع أي تطاول من صديقاته .. إلا أن أيفي كانت دائما مختلفة .. لقد جعلته بسطوتها وجنونها كالخاتم في إصبعها قبل أن ترميه ورائها كقطعة من الخردة وقد انتفت حاجتها إليه .. ورغم غضبه ويأسه منها .. لم يستطع إلا أن يفكر بوفاة والدها وشقيقها قبل ثلاثة أشهر .. والذي تحدثت عنه الصحافة كثيرا بحكم مكانة والدها الاجتماعية العالية .. والذي قد يكون سببا غير مباشر لعودتها إلى مكان ما كانت لتطأه لو ما رغبت حقا بأن تنسى .. مما ذكره مجددا بأن أيفي لم تكن ابدا صديقة عادية .. لقد كانت أجمل وأرقى وأغنى صديقة حظي بها يوما .. وأكثرهن إثارة على الإطلاق .. لقد كانت تتجاوزه بمراحل كثيرة رغم سنها اليافعة .. هي وحدها .. النقطة السوداء في تاريخ كبريائه الرجولي العريق
سباق .. سباق .. سباق .. نظر حوله بانزعاج .. بينما اتسعت ابتسامة أيفي الساخرة مستفزة إياه أكثر ... حسنا .. فليكن .. سيلقن فتاة المجتمع الراقي درسا قاسيا عندما يهزمها أخيرا بسيارته الجديدة .. وبعد أن يقدم لها كبادرة سلام زجاجة بيرة باردة ..مضروبة بإحدى حبوب الهلوسة الجديدة الذي بدأ مؤخرا بالترويج لها .. وتداولها بين زبائنه الأوفياء .. سيأخذها بعيدا .. وينال غرضه منها بعد أن يذلها بما يكفي بحيث تعرف من هو السيد .. آه .. سيعجبها الأمر كثيرا .. هو واثق من هذا .. وربما تندم بعدها على رحيلها وتتوسله أن تبقى معه .. بعد أن تدرك بأن كونه تاجر مخدرات صغير من الدرجة العاشرة وهو ما قالته له حرفيا بعد اكتشافها لمهنته الحقيقية .. وقبل أن تهجره مباشرة .. لا يقلل من رجولته
ابتسم بإثارة وقد بدأت الدماء تضج في جسده .. وهو يقول :- فليكن أيفي .. ليكن السباق .. وليفز الأفضل

كما العنقاء(مكتملة)Where stories live. Discover now