الفصل الرابع

3.7K 150 6
                                    

الفصل الرابع

لم يبد على إيان أي أثر للدهشة من انفجار إيللا المفاجيء ... ظل ينظر إليها بهدوء متفحص جعلها تقول من بين أسنانها :- أنا لن أطأ ذلك المكان بإرادتي الحرة حتى لو رافقني موكب ملكي ...
قال بهدوء :- لقد لاحظت تحاشيك التام للتطرق لكل ما يمت لماضيك بصلة إيزابيللا ... إلا أنني لم أدرك حتى إلى أي حد تكرهينه
قالت بتمرد :- لا تناديني بإيزابيللا
:- لماذا ؟؟؟ هواسمك .. صحيح ؟؟؟ إيزابيللا برانستون
أخذت نفسا عميقا تسيطر خلاله على أعصابها ثم قالت :- إيزابيللا برانستون .. ذهبت إلى غير رجعة منذ سنتين إيان .. أنا إيللا الآن ... إيللا برانستون ... مجرد امرأة ترغب فقط بعيش حياتها بشكل طبيعي
قال برقة وهو يحثها على متابعة السير إلى جانبه ببطء فوق الرصيف :- أنت إيللا ... إلا أن هذا لا ينفي وجود إيزابيللا قابعة داخلك في مكان ما .. مختبئة في انتظار الوقت المناسب لتظهر من جديد ..
ظهر الحزن على وجهها الجميل وهي تقول :- لا إيان .... مغنية الأوبرا المعروفة ... الطفلة المعجزة التي أبهرت الملايين ... لم تكن أنا حقا ... بل هي لا تمثل أي جزء مني .. من إيللا الحقيقية على أي حال
ساد صمت لثوان بينما هما يسيران الهوينة .. تمتمت عندما طال صمته :- آسفة إن كنت قد خيبت أملك إيان .. الكثير من الناس لا يستطيعون النظر إلي كإنسانة عادية طبيعية .. حتى الآن .. الكثيرون لا يرون عندما ينظرون إلي أكثر من طفلة صغيرة يتيمة ... ذات موهبة كبيرة عوضتها عن عجزها ... تلك الموهبة ... ذلك الصوت الذي أبهر الناس .. والذي اكتشفته والدتي فجأة في حداثتي ... لم يكن يمثلني ... لقد كان مجرد وسيلة استعملتها أنا نفسي لأعوض بها عن حاستي المفقودة ...
تمتمت بهدوء :- أنا لا أراك إطلاقا كطفلة عاجزة إيللا ... وإيماني بموهبتك لا يقلل من تقديري لك كإنسانة
قالت باكتئاب وهي تضم معطفها إليها :- لقد تعرفت إلي منذ رأيتني أول مرة في حفل عائلتي ... لقد رأيت هذا في عينيك إيان ... أنت تعرف القصة .. كالكثيرين غيرك ... سأظل دائما في عينيك وعيون الآخرين تلك الطفلة التي فقدت بصرها في حادث قتل والدها ... والتي سطع نجمها لسنوات طويلة ... تلك التي كان الناس يحتفلون بها .. يغمرونها بمشاعر الإعجاب والشفقة أينما ذهبت
زفر إيان وهو يوقفها مجبرا إياها على النظر إليه وهو يقول :- عندما لمحتك أول مرة ... لم أعرفك إيللا ... لقد كنت أكثر امرأة رأيتها في حياتي رقة جمالا وأنوثة .. لم أعرف حتى اسمك ... إلا أنني رغبت بتحطيم انف ذلك الرجل الذي كنت تتعلقين بذراعه وكأنه يعني لك الكثير .. لطالما ظننت نفسي رجلا متحضرا إيللا .. إلا أنك تثيرين فيي غرائز بدائية ظننت بأنني قد تخليت عنها منذ سنوات طويلة مضت
اعترافه هزها .. وقفت تنظر إليه باضطراب عاجزة عن قول كلمة ... همست أخيرا :- ذاك كان ليو .. صديق العائلة منذ سنوات ..

هز رأسه قائلا :- لقد عرفت هذا فيما بعد .. ما أقصده هو أن كل ما رغبت بفعله عندما وقع بصري عليك في تلك الحفلة هو أخذك بين ذراعي .. اختطافك بعيدا عن الأعين .. كي لا يراك سواي ... كي لا يلمسك سواي
كان صوته يزداد خشونة وهو يتحدث مما جعلها تزدري ريقها باضطراب وهي تهمس :- وبعد أن عرفت الحقيقة ... ماذا حدث ؟
ابتسم ... بتك الطريقة الرقيقة التي تسلب لبها .. والتي تظهر كم يخفي هذا الرجل القاسي المظهر تحت جلده من رقة وحساسية .. وقال بهدوء :- لقد أخافني هذا في البداية .. أن أعرف بأن المرأة التي جذبتني هي تلك الطفلة التي أبهرتني بصوتها الشجي عندما سمعتها أول مرة .. لم تستطع صورتك كطفلة تقف بفستان أبيض على مرأى من العشرات .. تشدو لتسيل الدموع وتثير الشجن من مغادرة ذهني .. فكرة أن أقترب منك .. أن أستسلم لرغبتي في لمسك ... في استغلال كل ذرة أنوثة لديك أصابتني بالمرض .. أحسست كمن يرغب باستغلال طفلة صغيرة .. مما جعلني أغادر القاعة عل مشاعري تهدأ قليلا .. حسنا .. كان هذا مستحيلا وقد لحقت بي واصطدمت بي أثناء تسللك خارج الحفلة ...
احمر وجهها وهي تهمس :- أما زلت تشعر بنفس الطريقة ؟
لوى فمه بابتسامة ساخرة وهو يقول :- بعد أن أحسست بجسدك يعذب جسدي بحرارته .. بملمسه ورائحته .. بعد رأيتك صدفة في الملهى وصديقتك تحثك على اصطياد أي رجل يرافقك .. لا يا عزيزتي .. كل مرض أحسست به في أي وقت مضى .. كل إحساس بالذنب اختفى تماما وما عاد يشغل بالي سوى شيء واحد .. أظنني سأقضي نحبي يأسا وإحباطا إن لم أناله في أقرب فرصة
تعالى لهاثها وهي تنظر إليه وروحها ترتعش اضطرابا :- ما ... ما هو ؟؟
:- أنت ...
احمر وجهها وهي تخفض نظرها كي لا يفضحها شوقها ... كان إحساسها بالعالم الخارجي من حولها قد تلاشى تماما ..وما عاد يعنيها سوى الرجل الواقف أمامها .. يكاد يلتهمها بنظراته .. بنظراته فقط .. لا لمساته .. همست :- أنت لا تتصرف وكأنك تعني ما تقول ..
قال بهدوء وهو يخفض رأسه نحوها كي يزيد من عزلتهما عن محيطهما المزدحم :- ألأنني لم أحملك منذ النظرة الأولى إلى سريري ؟؟ .. كنت لأفعل .. لو لم أكن أحترمك كما أفعل .. صدقيني إيزابيللا ... لا أرغب أكثر من أخذك معي الآن .. في التو واللحظة إلى شقتي .. لأنسيك ماضيك الذي ترفضينه .. وحاضرك الذي تخشينه .. لأمحو أثر أي رجل آخر مر بحياتك .. عندما نكون معا .. سنكون لأنك تريدينني كما لم ترغبي برجل قط .. لأنك تعشقينني كما لم تفعلي قط ..
رفع ذقنها بأنامله .. وأجبر وجهها المتورد على مواجهته .. نظرت إلى عينيه الرماديتين محبوسة الأنفاس .. إلى نظرات الشغف الحارقة التي أطلت منهما .. رباه ... هل عليها إخباره بأنها لم تعرف قبله أي رجل آخر ... بأنها لم تشعر قط بالرغبة في الاستسلام بشكل مطلق لرجل ما قبل أن تعرفه ؟؟ لا .. ليس الآن .. خبرتها القصيرة .. والمستقاة من تجارب صديقاتها وأحاديثهن حول الرجال .. تخبرها بأن معرفته بعذريتها ستخيفه .. ستبعده عنها .. وهي لا تريده أن يفعل ... ستموت إن فعل ..
ابتسم وكأنه قد أساء فهم صمتها واضطرابها .. وقال مطمئنا :- تعالي معي ... سأوصلك إلى منزلك قبل أن يتأخر الوقت

كما العنقاء(مكتملة)Where stories live. Discover now