الفصل الثاني

4.8K 172 2
                                    

الفصل الثاني

وضعت إيللا معطفها فوق كتفيها وهي تسير بخفة بعيدا عن صالة الاحتفال .. متسللة عبر الباب الخلفي من المنزل .. فتحت الباب متجاهلة الموسيقى القادمة من الداخل .. تحفظ طريقها جيدا رغم الإضاءة الخافتة .. وانسلت خارجا وهي تتأكد من وجود هاتفها ومفاتيحها داخل حقيبتها .. فلم ترى الحائط البشري الذي اصطدمت به وهي تنزل الدرجات القليلة المؤدية إلى الحديقة الخلفية لقصر عائلتها القديم .. جاءت الصدمة مباشرة على أنفها حيث ضربها الصدر القاسي بشدة جعلتها ترتد إلى الخلف تكاد تسقط وقد أصابها دوار مفاجيء .. تمكنت من تمييز آهة رجولية خافتة قبل أن تشعر بيدين قويتين تمسكان بها بسرعة قبل أن تقع .. وصوت يقول بقلق :- هل أنت بخير ؟
فتحت عينيها الدامعتين من شدة الألم وهي تقول :- عدا عن التحطم الذي أصاب أنفي .. أنا بخير
اتسعت عيناها وهي تنظر إلى الوجه المألوف للرجل الطويل الذي لفت نظرها في الداخل .. أخرستها المفاجأة كما سكت هو وهو ينظر إليها بتعبير غريب أثار رعشة غريبة في جسدها وهي تنظر إليه عن قرب .. كان وسيما بطريقة غير عادية .. بعيدا عن مقاييس الجمال المعروفة .. كان وجهه طويلا وحاد التقاطيع .. بتناسق رجولي جعله يبدو بعيدا عن اللين الذي كانت تكرهه في معظم الفتيان اللذين كانت أليس تعرفها بهم .. لم تعرف سبب اختلافه .. إلا أنها لمسته بوضوح .. ارتعادة أخرى سرت في جسدها وهي تدرك بأنه ما يزال ممسكا بكتفيها المغطاتين بقماش سترتها الرقيق .. بينما ما يزال ينظر إليها بتلك الطريقة الغريبة .. وصوت أنفاسه الخشنة يضع ساترا بين عقلها وحواسها
قال أخيرا بهدوء وبلهجة أمريكية واضحة :- أنفك بخير .. سيظل رائعا في المرة القادمة التي تنظرين فيها إلى المرآة
رمشت بعينيها محاولة استعادة تركيزها .. وقالت باضطراب :- لا يتسكع الضيوف عادة في الحديقة الخلفية
ابتسم .. فخفق قلبها بشدة تأثرا بابتسامته المميزة .. كانت من ذلك النوع القادر على اختراق ادرعة فولاذية بدفئها .. قال بتسلية :- فقط إن كانوا يخططون لسرقة أزهار القصر .. احفظي سري حفظت سرك
قال بارتباك :- سري ؟؟
:- نعم .. سر هروبك من الباب الخلفي كاللصوص .. أحذرك بأنني لا أحب الشركاء .. أزهار النرجس لي أنا
أطلقت ضحكة صافية بدت لأذني إيان أشبه بتغريدة عصفور صغير قبل أن تقول :- اتفقنا .. لو كنت مكانك لارتديت قناعا .. هناك كاميرات مراقبة تحيط بالقصر كإجراء أمني لمنع دخول المتطفلين في مناسبة كهذه .. وهذا يعني أن خطواتنا تسجل بدقة في هذه اللحظة لدى موظف الأمن
قال بهدوء :- وهل تبالين ؟
التقت نظراتهما طويلا .. لم تعرف إيللا لماذا أحست بتحدي ما في الكلمتين اللتين نطق بهما .. نوع من الاستفزاز كان يتحداها لتستجيب له .. أخافها هذا من جهة .. إذ ذكرها بأن كل خطوة تقوم بها منذ سنتين كانت تحديا خالصا بالنسبة إليها .. وفي الوقت ذاته أثارها .. قالت بثبات :- لا .. لا أظنني أبالي
ارتفع رنين هاتفها مكتوما من داخل الحقيبة .. فلم تتعب نفسها بالرد .. لقد كانت أليس تستعجلها اللحاق بها وبباقي الفتيات .. أبعد يديه عنها واعتدل في وقفته مبتعدا بينما قالت بخفوت :- أنا .. يجب أن أذهب
ابتسم مجددا ... واحدة أخرى جانبية هذه المرة .. متفهمة وهو يقول :- انطلقي .. وسأحاول سرقة شريط التسجيل لأجلك
ردت له الابتسامة وهي تمر إلى جانبه متجاوزة إياه قائلة :- سررت بلقائك أيها الغريب
راقبها إيان وهي تسير بسرعة رشيقة لتختفي في قلب ظلام الحديقة .. وظل واقفا مكانه يفكر بالصدفة الغريبة التي جمعته بها هي بالذات في هذه اللحظة التي ما كانت لتحدث لو أنه لم يبحث عن طريقه خارجا ليستنشق شيئا من الهواء البارد النقي ... ابتسم وهو يتذكر وجهها اللطيف .. جماله البريء الذي بدا شبيها جدا بآخر لطفلة في الثانية عشرة من عمرها .. وأحس بصفاء غريب يغزو نفسه .. صفاء لم يعرفه منذ سنوات طويلة .. قبل أن يعود إلى الداخل وهو يخرج هاتفه مرسلا رسالة نصية سريعة لأريك يقول فيها :- أنا خارج .. جد لك أحمقا آخر يعيدك إلى بيتك


كما العنقاء(مكتملة)Where stories live. Discover now