الفصل التاسع عشر

2.7K 127 1
                                    

الفصل التاسع عشر




احتوى إيان خصر ميشيل الدقيق بذراعيه ورفعها عن الأرض بسهولة وكأنها لا تزن شيئا وهو يضحك بعدم تصديق :- لا أصدق عيني ... ما الذي تفعلينه هنا ؟ في لندن بين كل بقاع الأرض ؟؟ ظننتك لا تفترقين أبدا عن صغارك ...
ضحكت عندما أعادها لتقف على قدميها قائلة :- صغاري كبروا بما يكفي ليتدبروا أمورهم بأنفسهم ... ما الذي تفعله أنت هنا ؟
انتقلت نظرات إيللا المذعورة بين كل من ميشيل وإيان ... عاجزة عن التحكم بدفق المشاعر العنيفة التي اجتاحتها .. أن ترى شقيقتها الكبرى بين ذراعي الرجل الذي تحب .. يا إلهي ... لا .. ليس من جديد
لقد مر أسبوع على بدئهما لعلاقتهما هي وإيان من جديد .. كان من المفترض بها أن تكون المسيطر والمتحكم في العلاقة التي لم تبرأ بعد من جراحها ... إلا أنه كان في كل لقاء بينهما يطيح بها عن قدميها ... رباه ... في اليوم الذي رأته منتظرا إياها خارج عملها لم تتخيل أبدا أن ينتهي بها الحال تلك الليلة في سريره .. فاقدة لكل ذرة من السيطرة داخلها كما في كل مرة يجتاحها بلمساته ..
تلك الليلة أبت بإصرار أن تنام في شقته .... وأصرت على العودة إلى مسكنها محاولة لملمة كيانها الذي بعثرته يداه وشفتيه ... صباح اليوم التالي ... وجدته أمام باب شقتها حاملا إفطارها المفضل .. لم يتركها تذهب إلى عملها قبل أن تستسلم له من جديد .. مما أخافها ... وجعلها تفقد تركيزها طوال نهار عملها مدركة بأنها مهددة بفقدان نفسها لحسابه من جديد إن لم تملك زمام الأمور ...
حرب معنوية قاسية تلك التي خاضتها خلال الأسبوع الماضي ... كانت تصارع سحر إيان ... تقاتل مشاعرها التي كانت تضربها في الصميم كلما ابتسم لها .. بتلك الطريقة البطيئة الخبيثة ... وكأنه يعرف مخاوفها وأفكارها ... وكأنه يعرف بأنها عاجزة عن مقاومة لمسة منه ... وقد كان محقا ... يا الله كم تكره الاعتراف بهذا ..
بدون نجاح يذكر ... كانت تجاهد لفرض بعض شروطها وقيودها على علاقتهما .. كان تتدبر أمرها لتحافظ على ماء وجهها حتى رأته يحتضن ميشيل بتلك العفوية والحميمية ..عندما صفعتها الغيرة بشدة حتى كادت الدموع تفيض من عينيها ... عندما صفعتها الحقيقة التي جاهدت لتنكرها .. إنها تحب إيان ... بل هي مازالت تحبه منذ سنوات ... منذ رأته يراقبها عبر قاعة مزدحمة بالناس ... يصطادها بعينيه من بين جميع النساء .. يرغبها ... يريدها ... ويقاتل لأجلها .. لا .. لأجل جسدها فقط
شحب وجهها وهي تتراجع بذعر ... لقد ارتكبت خطئا كبيرا منذ سمحت له بالعودة إلى حياتها ... لقد تركت نفسها تحبه من جديد ... تعشقه من جديد .. تدمنه من جديد .. وهذه المرة .. هي تعرف معنى أن تكون له .. ولن يكون من السهل أن تخرجه من حياتها كما ظنت وأوهمت نفسها بغرورها الشديد ورغبتها العمياء في الانتقام منه ... رباه .. ماذا أفعل ؟ .. ماذا أفعل ؟
.. من جهة أخرى ... كان ليو يصارع بطريقة مختلفة تماما ... الغيرة مزقته إربا .. وشعورا طاغيا بالرغبة في تحطيم وجه إيان سكوت اعترته ... غيرته لم تكن عاطفية ... فهو يعرف سارة بما يكفي ليدرك بأن علاقتها بسكوت ليست عاطفية .. المشاعر الفياضة التي طفت من عينيها لم تكن حبا أو رغبة 00 أو أي مشاعر جسدية .. لقد كانت بهجة صرفة .. فرحة صادقة .. بريق من الصبا والمرح التمع في عينيها الداكنتين وهي تحيط إيان سكوت بذراعيها ثم تنظر إلى وجهه الوسيم غير مصدقة .. حتى أنه لم يكن وسيما .. ما الذي يعجب إيللا به بحق الله ؟؟؟
شعور عارم بالعجز والإحباط اجتاحه وهو يراقب الزوج يتبادلان حديثا عفويا :- أنا أقيم هنا الآن ... لقد انتقلت إلى لندن منذ 3 سنوات تقريبا ..
ابتسم إيان غير مصدق وهو يقول :- يا لها من صدفة عجيبة .. منذ متى لم أرك ميشي ... منذ سنوات ..
ضحكت قائلة :- خمس سنوات تقريبا .. واللوم لا يقع علي .. أيها البلاي بوي المشغول دائما بأعماله ومغامراته ..
وكأن خنجرا مسموما انغرز داخل صدر ليو وهو يتساءل عن آخر مرة رأى فيها سارة بهذه العفوية والسعادة .. الإجابة هي .. أنه لم يسبق أن رآها محررة من مخاوفها وعقدها .. أنها أبدا لم تكن معه منطلقة وسعيدة .. كما هي الآن .. عندما قابلت سكوت صدفة .. إدراك هذا صدمه بعمق .. أن يعرف بأنه ربما يقاتل في معركة خاسرة حتما .. بأنه فاقد إياها شاء أم أبى .. عاجلا أم آجلا ..
التفتت ميشيل نحوه قائلا بشيء من الاعتذار :- أنا آسفة .. إيان .. أقدم لك ليونيل برانت .. صديق لي ..
صديق ؟؟؟ ... مد ليو يده مرغما لمصافحة الرجل الذي قال بهدء :- بالتأكيد أعرف السيد برانت .. لقد كنت أتوق لمقابلتك ..
ابتسمت ميشيل قائلة :- ليو ... إيان صديق قديم لي .. لقد كان أحد المتبرعين المنتظمين لمؤسسة شباب المستقبل ... لقد اعتاد الحضور عدة مرات كل عام لقضاء الوقت مع الفتيان في المؤسسة .. في محاولة منه للتحدث إليهم عن السبل الممكنة للتقدم في الحياة ... لقد كان عونا كبيرا لي ..
عبس إيان قائلا :- ليس بما يكفي .. لقد كانت مفاجأة لي أن أتصل بك قبل سنوات فلا أجد إجابة .. وأن أقوم بزيارة المؤسسة لأجدها قد انتهت .. آسف لأنني لم أكن موجودا لأساندك خلال تلك المحنة ..
تمتمت بتسامح :- لا بأس ... أنا هنا الآن .. بين أفراد عائلتي .. أرى بأنك تعرف إيللا بالفعل ..
التفت الجميع نحو إيللا التي التزمت صمتا ثقيلا خلال الحوار .. شيء ما أنذر ميشيل بأن إيللا تعاني .. الألم في عينيها الزرقاوين كان جليا لها وقد قربت الأشهر الأخيرة بينهما ... اختفت ابتسامتها بينما قالت إيللا بهدوء :- أنا وإيان صديقين قديمين أيضا ... إنها صدفة جميلة أن نقابلكما هنا ... ربما نتشارك المائدة إذ يبدو أن هناك الكثير مما يحتاج كل من ميشيل وإيان للتحدث عنه
قال ليو بجفاف :- للأسف .. لقد أنهينا عشاءنا بالفعل .. وقد كنا على وشك الرحيل ..
غادر كل من ليو وميشيل التي اكتسى وجهها بالغموض ... بينما قاد رئيس الندل إيان وإيللا إلى طاولتهما .. قال إيان بعد أن جلسا حول المائدة وأمليا مطلبهما للرجل :- هلا شرحت لي سبب فظاظتك هناك إيللا .. لم تستحق ميشي منك كل هذا الجفاء ..
نظرت إليه بهدوء وتماسك قائلة :- أنا لم أكن جافة .. كما أن علاقتي بشقيقتي ليست من شأنك إيان .. أستطيع التفاهم معها لاحقا ..
قطب قائلا :- ميشيل شقيقتك ؟؟؟ أنا لا أفهم .. لم يسبق أ....
قاطعته قائلة ببرود :- هل سبق وأقمت علاقة معها إيان ؟؟ ليس أن علاقاتك السابقة والكثيرة جدا تهمني بأي حال .. إلا أن فكرة مشاركتي وشقيقتي رجلا واحدا تقرفني ..
اكتسى وجهه ببرود مماثل وهو يقول بغضب مكتوم :- أنا وميشيل مجرد صديقين إيللا ... لمعلوماتك .. أنا لا أعاشر كل انثى يقع عليها بصري ..
قالت بتهكم مرير :- لا .. فأنت تختارهن بعناية ... ثريات .. ينتمين إلى عائلات مرموقة .. ربما تغير رأيك الآن وقد عرفت بأن ميشيل هي برانستون أيضا ... إنها تطابق المواصفات الآن ..
قال إيان بجفاف :- من الأفضل أن تسيطري على غيرتك إيللا ... أنت تتصرفين كطفلة مدللة مهددة بنزع دميتها المفضلة منها ..
مالت نحوه وعينيها تبرقان بغضب :- لقد توقفت عن اللعب في الدمى مذ كنت في الثانية عشرة إيان .. أنا أكره أن ألمس ما لا أراه إيان ... أكره أن أتخبط في الظلام .. وإن كنت تراني طفلة مدللة .. فأنا لا أعرف ما الذي يبقيك حولي ... تستطيع الذهاب والبحث عن النضوج في مكان آخر .. ربما عند ميشيل .. رغم أنني أشك بأن ليو سيسمح لك بالاقتراب منها دون أن يحطم وجهك الجميل بقبضته
نهضت واقفة .. مستلة حقيبة يدها .. واندفعت خارجة من المكان بخطوات سريعة .. إنما رشيقة ومفعمة بالأنوثة ... شتم إيان وهو يراقبها تغادر .. قبل أن يتناول سترته ويلحق بها

كما العنقاء(مكتملة)Where stories live. Discover now