الفصل العشرون

2.6K 126 1
                                    

الفصل العشرون


تمكن ليو من إبعاد الفتاة من بين أحضانه بكل ما يملك من صبر وأناة ... نظر إلى الفتاة الشقراء .. التي رمشت بعينيها الغارقتين بالهيام نحوه ... وقال :- أليس ... لقد تحدثنا كثيرا عن تصرفاتك الطفولية هذه
تراجع محدثه منسحبا تاركا إياه وحيدا مع الفتاة التي قالت بعناد :- لم تكن تصرفاتي هذه تزعجك فيما مضى ليو .. ما الأمر .؟ .. أما عدت تحبني ..
أغمض عينيه للحظات متمالكا أعصابه قبل أن يقول بنفاذ صبر :- طبعا أحبك أليس .. أنت ستبقين دائما شقيقة كاثرين الصغرى ...
عبست وقد اعتلت ملامحها معالم الغضب والمرارة :- فقط ؟
هز رأسه قائلا برقة :- فقط أليس ... أنت تستحقين رجلا يعشقك كما يجدر بالمرأة أن تعشق .. أن يطاردك أينما ذهبت فارضا نفسه على قلبك ...
ارتسم الألم في عينيها فحاولت مداراته ناظرة من فوق كتفها :- لا تحدثني عن المطاردة ..
نظر إلى زاوية الصالة حيث وقف شاب مألوف كان يرمقها بإصرار صياد حدد فريسته ... إنه إريك شيء ما ... رجل معارض الفنون على ما يذكر ... لقد رآه كثيرا في مناسبات والدته الاجتماعية ..
ضحك قائلا :- حسنا ... لا تستسلمي بسهولة أليس ... لا أحد يحب الطريدة السهلة
من وراءهما ... كانت ميشيل تراقب الفتاة وهي تضرب ليو على ذراعه بسخط ضاحك قبل أن تتركه .. ليستدير مواجها إياها .. رمش بعينيه لرؤيتها قريبة منه إلى هذا الحد .. عبس في وجهها .. فلم تعرف إن كان غاضبا أم قلقا .. هل تمكن من قراءة أفكارها يا ترى .. اقترب منها قائلا :- ما الأمر سارة ؟
أشارت برأسها نحو الفتاة التي وقفت تتجادل على ما يبدو مع شاب أشقر في الزاوية وقالت :- من تكون ؟
نظر إلى أليس قائلا :- أتعنين أليس ؟؟ صديقة قديمة ... في الواقع .. هي شقيقة كاثرين الصغرى
قالت ميشيل بصوت مكتوم :- تبدو أكثر من مجرد صديقة ... وكأنها تأمل أن تحل محل شقيقتها الراحلة
قطب ليو .. ممسكا بذراعها آخذا إياها إلى مكان قصي بعيد عن مسامع الآخرين .. سحبها لتواجهه قائلا بجفاف :- ما الأمر سارة ؟ هل تغارين ؟؟ عليك إن تخبريني إن كنت كذلك إذ هذا يعني أنك لست باردة العواطف كما تحاولين إفهامي منذ فترة طويلة ..أنك تحسين بشيء اتجاهي بعكس ما تدعين
أجفلت مرجعة رأسها إلى الوراء قائلة باضطراب :- أنا لم أنكر قط مشاعري نحوك ليو .. أنت مهم بالنسبة إلي .. ورؤية تلك الفتاة تقبلك كانت ...
صمتت بعجز بينما أصر مزمجرا :- كانت ماذا سارة ؟ مؤلمة .. حارقة .. وكأن خنجرا حادا ينغرز في صدرك شيئا فشيئا .. يقتلك ببطء .. وببرود .. وبسادية حتى تكادين تتوسلين الرحمة ؟
اتسعت عيناها صدمة وهي تنظر إلى وجهه الوسيم الأسمر .. لم تجده قط غاضبا بهذا الشكل .. لقد بدا ... وكأنه قد فقد كل ما لديه من صبر .. وكأنه قد وصل إلى آخر مدى قدرته على التحمل .. تابع بصوت منخفض وعينيه السوداوين تظلمان بالمرارة والإحباط :- أخبريني سارة .. ماالذي تشعرين به بالضبط .. بالضياع .. بالحيرة .. بالتهديد ؟؟ .. أخبريني إذ أنني سافهمك أكثر من أي شخص آخر .. فأنا أعاني من كل هذا منذ قابلتك
شهقت هامسة :- ليو
هز رأسه رافضا التأثر بالبراءة والضعف في عينيها الواسعتين .. قال :- لا سارة .. ما عدت بقادر على الركض وراءك دون أن أعرف موقعي في حياتك .. المشكلة هي أنني أعرف بأنك تحبينني كما أحبك بالضبط .. إنما حبك ما عاد يكفيني .. أنا أريدك كاملة سارة .. أريد قلبك ..روحك .. ثقتك .. أريد أن تسنح لي الفرصة لاحتواءك بين ذراعي دون أن تظلل شكوكك ومخاوفك حبنا .. دائما هناك ذاك الحاجز اللا مرئي بيننا ... دائما ترفضين إدخالي إلى تلك الحلقة من العزلة التي تحيطين نفسك بها منذ عرفتك ...
أخذ نفسا عميقا وهو يقول :- سأتركك تفكرين سارة ... لا مزيد من الركض وراءك .. اعرفي ما تريدينه بالضبط .. ثم تعالي إلي ..و أنت تعرفين جيدا أين تجدينني ..
قبل أن تفتح فمها لتقول شيئا كان ليو قد اختفى بين الجموع ... حدقت حولها بحيرة واضطراب ... تخشى أن ينظر إليها أحدهم فيجد حالة الضياع التي كانت فيها .. كان الأمر شبيها بحالتها قبل عشرين عاما ... عندما تركتها باربرة برانستون في العراء وحيدة .. لقد أحست نفسها مهجورة .. ولم يكن إحساسها هذا جديدا .. إنما لأول مرة لم تكن هي الضحية ... لقد تسببت هي نفسها بنفور ليو منها ... إلى متى توقعت أن يصبر على خوفها الغبي ... رباه .. هل خسرت ليو إلى الأبد ؟

كما العنقاء(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن