الفصل الرابع عشر

1K 66 3
                                    

وقبل ان نبدأ تذكروا .. أن الحب هو الوحي الوحيد الصادق في عتمة الايحاءات الكاذبة
..
..

الإيحاء الرابع عشر: حتى قبّلتُكْ*

الأغنية لـ (إيفيرلي برذرز)

-هل تراكَ إليَّ انتميت؟!
-أوركد السالم

-هل ترتدي معطفكَ حبيبي؟
سألت مايا مكسم وهي تداعب طرف تنورتها الزهرية اللون...
أجابها بصوته الأجش المهذب:
-أجل آنستي الجميلة.. ها أنا ألتف بمعطفكِ... مما يجعل قلبي يزداد شوقاً لكِ مايا...
قال اسمها همساً فارتعش قلبها ....
منذ يومين أخبرها بأن عليه أن يسافر الى روسيا في عمل .. ولأنها تعلم كم ان الجو بارد هناك اشترت له معطفاً ليرتديه ويتذكرها في كل لحظة ووعدها بأنه لن يرتدي غيره طيلة فترة رحلته....
همست له بشوق:
-متى ستعود؟
-هل يمنحني قلبكِ شرف الانتظار لثلاث أيام اخرى
-بل لثلاث أبديات ....
شعرت بأنفاسه تصير أثقل ... وأدركت بأنها اججت نار شوقه أكثر...
-تعلمين بأنكِ مختلفة وكأن نساء العالم كله لا يكفين لتغطية إنجٍ واحد من مساحة جمالكِ.. أليس كذلك؟...
ضحكت وقلبها يخفق اثارة:
-أنت تبالغ
قال بشكل قاطع:
-أبداً...
وقبل ان يتسنى لها ان تقول شيئاً اعقب قائلا:
-حبيبتي علي ان أذهب الآن... اعتني بنفسك ...
-وأنت كذلك.. أحبك..
-أحبك.. الى اللقاء..
ودعته مبتسمة وهي تشعر بالدماء تتدفق في شرايينها بقوة .. اخذت نفساً عميقاً علها تهدئ من ضربات قلبها...
حطت عيناها على حذاء الباليه الذي اهداه لها مكسم وتذكرت قبل أسبوع عندما ارتدته لأول مرة في عرض مسرحية بحيرة البجع... وهذه الذكرى جلبت لها ذكرى اول خلاف حصل بينها وبين مكسم.. ومازالت كلما تذكرته شعرت بالخجل من نفسها .. فعندما فجر جاك قنبلته وغادر المطعم دون توضيح بحجة انه لن يبقى مكسم في مكان واحد.. سألته بشك:
-ما الذي عناه جاك؟ كيف تسببت في طرده؟
أجاب ببساطة:
-هو من تسبب في طرد نفسه
قطبت في وجهه:
-هلا وضحت.. أتدري ان جاك لديه والدة مريضة عليه ان يصرف عليها
عندها نظر اليها بهدوء لكنها استشعرت غضبه من خلف قناع الصمت الذي لف ملامحه.. وعندما طال الصمت ارتفع صوتها لا ارادياً وهي تقول:
-اوضح لي مكسم...
لكنه لم يفعل ... بل دفع كرسيه الى الخلف وهو يقول:
-أستمحيكِ عذراً مايا... لا يمكنني أن أقبل أن ترفعي صوتكِ في وجهي هكذا أمام الآخرين... فأنا ما زلت رغم كل شيء، مكسم هيمسوورث
قال اسمه بكثير من التعالي وكانت تلك المرة الأولى التي يتحدث بها بهذه النبرة... غادر المكان بهدوء بينما بقيت تنظر في اثره فاغرة الفم والدموع تتجمع في عينيها .. لاعبت اصابعها كأس الماء امامها بيد مرتعشة ... لم تفهم كيف تحولت سهرتهما السحرية الى كارثية....
كادت ان تنهض من مكانها لتغادر مكسورة القلب لكنها لمحت مكسم يدخل من الباب مرة اخرى متقدماً نحوها بخطوات واسعة وحالما نظر في عينيها واستشف الدموع المتجمعة فيهما حتى قطب وامسكها برفق من مرفقها وحثها لتقف وقال بصوت أجش:
-إياكِ أن تبكي مايا... أنا لا أسمح لحبيبتي بالبكاء...
وقبل ان تشهق باكية كان ينحني نحوها مقبلاً اياها أمام الجميع.. غير مبالٍ بأنهما في مكان عام ...
همس من بين شفتيها:
-أنا اسف
ثم فك أسر شفتيها ليأخذها بين ذراعيه في عناق دافئ... تشبثت به وكأنها لا تريد ان تغادر حضنه..
بعد لحظات كان يجلس ممسكاً بيدها شارحاً الأمر:
-كل ما في الأمر أنني اعرف هذا الشاب.. لقد كنت في زيارة لمركز الشرطة حيث ان الضابط صديقي وكان قد اوصاني بصنع اسوارة لزوجته .. وذهبت لتسليمها له بنفسي عندما كنت ماراً من جانب المركز لعلمي بإنشغاله .... هناك رأيت ذلك الشاب وكان متهماً بالتحرش بفتاة قاصر.... حين رأيته في الفرقة استغربت... فاتصلت بصديقي الضابط وأخبرته بأني رأيت هذا الشخص وسألته ان كان شخصاً يؤتمن.. فقال صديقي بأنه قد تمت تبرأته لعدم كفاية الأدلة لكنها ليست المرة الأولى التي يتهم فيها بالتحرش ... هكذا شعرت بالقلق الشديد.. خفت عليكِ .. وعلى كل فتيات الفرقة.. فذهبت الى صاحب الفرقة وأخبرته بما أعرف ليأخذ احتياطاته..... لم أكن اريده خارج العمل... لكنني فقد أردت أن أتأكد بأنكِ بخير.... وأنا آسف لأنني لم أخبركِ بذلك من قبلك...... هل تقبلين اعتذاري؟
عندها شعرت بأنها حمقاء كبيرة لأنها قفزت الى اتهامه فوراً... كان عليها ان تعلم بأن رجلاً نبيلاً مثل مكسم لم يكن ليفعل شيئاً بشعاً كهذا الا ان كان هناك سبب وجيه لذلك.....
قالت بصوت معتذر:
-بل انا من يجب ان تكون آسفة.. لقد توترت فوراً دون أن أفهم شيئاً مما يحصل... كان علي ان استمع اليك أولاً
نظر اليها نظرته السماوية اللامعة فاخترقت صميم قلبها .... قال مبتسماً وهو يشد على يدها:
-أنتِ بالذات يا مايا... يحق لكِ ما لا يحق لغيرك.... وأنا لا أريد أن اسمع كلمة "آسفة" تخرج من بين شفتيكِ... أنا الآسف على خطأ يبدر منكِ نحوي لأن هذا يعني بأنني قدتك دون أن أعلم الى استنتاج غير صحيح....
ذابت تعابير وجهها وهي لا تصدق ان هناك رجلاً بهذه الروعة:
-هل تدرك كم انت رجل نبيل يا مكسم
ابتسم:
-أنت تخرجين الجانب النبيل مني يا حبيبتي...
رفعت حاجبها بخفة:
-وهل هناك جانب آخر؟
ضحك وهو يرفع كفه ويحني اصابعه مقلصاً اياها على شكل يد حيوان مفترس له مخالب:
-اجل.. هناك وحش لا تعرفينه
ضحكت لحركة يده ورفعت يدها تحيط بقبضته وترخي اصابعه:
-أعتقد بأن وحشك أكثر نبلاً منك
لحظتها ابتسم لها بلطف دون ان يجيب.. واقترب مقبلاً جبهتها ...
.................................................. ..........................

إيحاء الفضة(الجزء الثالث من سلسلة حـــ"ر"ــــب)مكتملةWhere stories live. Discover now