الفصل السادس عشر

1K 63 12
                                    

الإيحاء السادس عشر: ماذا بعد؟*

الأغنية لـ (كاظم الساهر)

-وكم كان انتمائي اليك... خداع !
-أوركد السالم

-لقد بدأتُ أفكر بأنك انتقلت الى ولاية اخرى...
رفع رايان عينيه عن التمثال الصغير الذي كان يشذب أطرافه فطالعه وجه أوركد المبتسم.... الوجه الذي لم يكن يريد أن يراه حتى لا يتأكد داخله ذلك الاحساس الذي يراوده عن قلبه كلما فعل...... هذه المرأة ليست له ... انها غارقة في حب رجل آخر وعلى ما يبدو ان شيئاً ما حصل بينهما اذ انهما كانا يبدوان ملتصقين ببعضهما يتبادلان نظرات غريبة بطريقة تعدت حدود الصداقة.... رؤيتهما معاً أطاحت بالجزء الخافق في يسار صدره.... لم يعجبه أبداً ما رأى.. ولم يشعر بالغيرة فقط... بل بعدم الراحة من ذلك الشخص المتعجرف المدعو علي .....
وليوفر على نفسه ذلك الشعور المزعج الذي يصاحب رؤيتهما بهذا التقارب توقف عن حضور السباقات كل ليلة سبت... كما انه غير وردية العمل في المقهى الى وقت متقدم من الليل حتى الفجر لئلا يحصل أي لقاء بينهما اذ ان أوركد ولسبب ما قررت ان تجعله صديقها ..... وهو لن يقدر على لعب هذا الدور... ليس والكائن اللزج يلاصقها اينما ذهبت وهي تبدو في غاية السعادة بذلك.....
نحى جميع أفكاره جانباً .. ورفع حاجبه بسخرية:
-وأنا ظننتكِ متزوجة الآن وطفل في حجرك
ضحكت لكن الجملة ما ان خرجت من فمه حتى اشعرته بالغضب لمجرد التفكير فيها.....
"توقف أيها الأحمق"... نهر نفسه بقوة.... هذه أوركد.. القادمة من طبقة مخملية لا تنتمي اليها... العاشقة لرجل آخر... التي تمتلك أجمل صوت غنائي وأكثر العيون تأثيراً على هذا الكوكب..... انها أوركد اللاذعة اللسان التي تبكي دوماً امامه كالأطفال..... أنها أوركد التي لا تخرج من باله كأنه صار ملعوناً بالتفكير فيها......
رمى التمثال بحدة على المنضدة ليقطع الطريق امام تلك الأفكار الخطرة فأجفلت أوركد وهتفت:
-ما بك يا رجل سوف تكسر التمثال
اعتذر منها:
-اسف... ما الذي جاء بكِ الى هنا؟
رفعت كلتا حاجبيها من طريقته المباشرة في السؤال:
-ما هذا الاستقبال الترحيبي... هل افقدتكَ العيشة وسط الأمريكان حس ضيافتكَ العربي
كتّف ذراعيه أمام صدره:
-توقفي عن محاولة اثارة حنقي ... لن تنفع معي الاعيبك الصغيرة
ضحكت بمرح:
-حسناً..... لقد اختفيت لشهرين كاملين... كلما راسلت اخبرتني بأنك مشغول.. وجدت نفسي اليوم مارة قرب الورشة فقلت لأقوم بمداهمة وارى ما الذي يشغل رايان العظيم
اشار الى الطاولة التي يعمل عليها:
-الكثير من العمل كما ترين
اقتربت واخذت تقلب في التماثيل مختلفة الحجم التي كانت نتنثر على الطاولة ....
-انت موهوب....
قالتها بصوت ناعم وصادق... وتساءل من اين ورثت هذا الصوت؟
اجلى حنجرته:
-شكراً
رفعت وجهها اليه:
-حسناً جئتكَ في أمرين.. الأول اريدك أن تصنع لي تمثالاً بحجم كف اليد او أكبر قليلاً على شكل راقصة باليه لديها اجنحة... زفاف أقرب صديقاتي غداً.... أريد أن تكون هذه هدية عرسها
رفع حاجبه بسخريه:
-ألم تأتي متأخرة قليلاً.... سيكون انجاز هذا صعباً
بدت الخيبة على وجهها وقالت بصدق:
-لقد وعدني علي بأن يجد هدية مميزة لها لكنه نسي تماماً في خضم دراسته .... لذلك اتيت اليك وأنا اعلم بأنك تستطيع ان تنجز المهمة.....
ثم رقت ملامحها واكتسى صوتها بنبرة رجاء:
-مايا مهمة جداً بالنسبة لي.. هل تستطيع مساعدتي؟
ورغم كرهه للجوئها لذلك الـ "علي" قبله لكنه لم يستطع ان يلمها... بالتأكيد سوف تلجأ لصديق طفولتها وحبيبها قبل أن تأتي اليه....
-حسناً.. سأفعلها لأجل صديقتكِ...
صفقت بانتصار وهي تهتف بسعادة:
-أنت رائع
كشر:
-أجل أعلم..... وما السبب الثاني؟
اخرجت دعوة من حقيبتها الصغيرة:
-أحب ان تحضر زفاف مايا.. انها من عائلة ميلر لا بد وأنك سمعت بها
هز رأسه موافقاً فعائلة ميلر مشهورة جداً كما ان صورها مع افراد هذه العائلة تحظى بضجة كبيرة على حسابها في الانستجرام...
سألها:
-ولماذا تقدمين لي دعوة، أنا لا أعرف أحداً منهم
ابتسم بتفاخر مصطنع:
-انت تعرفني انا...
ثم قالت بجدية:
-هذا الزفاف سيحضره شخصيات مهمة والكثير منهم يهتمون باقتناء الاشياء الجميلة والمميزة... وفكرت لربما هذه فرصة لتتعرف عليهم وتريهم بعض اعمالك لربما طلبوا منك ان تصنع لهم شيئاً....
لامس تفكيرها فيه قلبه... وخفق بحماقة سعيداً باهتمامها لكنه حاول ان يذكر نفسه بأن الأمر مجرد محاولتها لمساعدته بنية طيبة وليس لمكانة خاصة في قلبها...
اخذ الدعوة منها وقال:
-شكراً لكِ أوركد... هذا لطف منكِ.... سأحضر بالتأكيد
ابتسمت بسعادة:
-رائع واحرص على وجود بعض الصور لأعمالك لتريها لهم...
ثم انفرجت اساريرها وقالت بحماس:
-يا الهي كيف فاتني الأمر.... اسمع لماذا لا تقوم بعمل صفحة لك على الانستجرام تعرض فيها أعمالك... سأقوم بنشر حسابك في حسابي وسأضمن لك انتشاراً واسعاً
كان حماسها لعمله مؤثراً جدا.... رؤيتها مرحة، سعيدة، مهتمة وجميلة... جميلة جداً..... جعلت قلبه يتشقق
أبعد نظره عنها ليشتت أفكاره ويضبط ملامح وجهه لئلا تشي بما يجول في خاطره .... وتظاهر بأنه يرتب ادوات النحت على طاولته
-فكرة جيدة ... سأفعل ذلك بالتأكيد
بعد عشر دقائق من ثرثرتها اللطيفة تركته وقد أخذت وعداً منه بأنه سيحضر الزفاف وهديتها لصديقتها معه ......
حالما خرجت نظر خلفها وشعر بغصة مزعجة ...... تشابه غصة من ينظر الى القمر ويعرف بأن نصيبه من هذا الجمال رؤيته من بعيد فقط...

إيحاء الفضة(الجزء الثالث من سلسلة حـــ"ر"ــــب)مكتملةWhere stories live. Discover now