الفصل الثالث و الأربعون

6.3K 232 225
                                    

«الفصل الثالث و الأربعون »

‏*صل علي سيدنا محمد *

أزاح زجاج الشرفه قبل دخوله ليسند ذراعيه علي السور يرفع رأسه عالياً يتأمل صفاء السماء... اشاعه الشمس الذهبية ونورها الساطع في كل مكان ....أغمض عيناه يتنفس بقلب مطمئن لدقائق حتى فتح عيناه يطالع تلك المباني المرتفعه كارتفاع الأبراج الشاهقة.

حتي جالت عيناه علي تلك اللوحه الكبيرة التي رُسمت عليها صورة طفله ذو ملامح بريئه شبيها بتلك التي جائته في المنام مسبقاً مع أختلاف السن.
ليبتسم سريعاً أبتسامه هادئه يردف داخله بوعد لنفسه: ستجدها يا عمر...ستجدها فأطمئن.!

أستدار بجسده يستند بظهره علي سور الشرفه يناظر تلك الحقائب الموضوعه علي فراشه بشكل عرضي.
ليتقدم ناحيتها يأخذ أخر صورة وضعها علي الكرسي يطالعها بابتسامه هادئه .

أردف بنبره شبه حزينه: وحشتني أوي يا حبيبي.
وحشني وجودك جمبي وخوفك عليا .
تنهد يردف بصوت مرتعش: كان نفسي تكون جمبي أوي ...وجودك كان هيغير حاجات كتير....لكنها إراده ربنا وأنا راضي بيها.

صمت يطالع الصورة للحظات ومن ثم هتف بنبره حزينه محبه في ذات الوقت: هستناك في الجنه باذن الله.
رفع الصورة بالقرب من شفتيه يقبل رأس والده بحب ومن ثم تحرك ناحيه الحقيبه بعدما مسح تلك الدمعه الساقطه علي وجنته اليمني .

يضع الصورة بعنايه تبعه غلقه للحقيبه ومن ثم الثانيه والثالثه حتي جلس على الفراش .
يتذكر حديثه بالأمس مع شيخه عبر الهاتف عن قراره النهائي بالرجوع لبلاده الحبيبه ...وأنهائه كل شيء كان يجمعه بإيطاليا.

عازماً علي عدم الرجوع مرة أخرى إلا لو أحب زيارتها يوماً ما.
رغم أن الأمر لم يكن بتلك السهولة إلا أن رغبته في فعله هي ما دفعته لذلك .

تنهد يناظر ساعته ليري كم تبقي من الوقت علي طائرته ... ليتنهد قبل أعتداله يرتدي حذائه لينزل يتمشي قليلاً قبل ذهابه للمطار بعد ساعه من الآن.

أراد توديع إيطاليا بقلب ليس بحزين...تجاوز عمره التسعه والعشرون لم يعش منهم في مصر إلا عده شهور معدودة... عاش بها سنوات طفوله بريئه مليئه بالذكريات السعيده .
طفوله يقسم بأنها من أجمل سنوات قضاها بحياته بسبب وجود والده معهم.

حتي أنتهت بموت والده و أنتهي معها شبابه ليبدأ حياه المسؤوليه والحمل الكبير.
رغم ما حققه من نجاحات وانتصارات عظيمه إلا أنها لم تغنيه أبداً عن حلمه الذي طالما حلم بالوصول إليه.
لم تمده بأي شيء سوي بقليل من السعاده تنتهي بعد ساعات تُعد علي أصابع اليد الواحدة.

قوة تحمله لوفاه والده و أفعال والدته التي لم ترأف بحاله وقتها جاعله أياه ينزل رغماً عنه ليتابع أشغال والده .
يدرك تماماً بأن تلك القوه مصدرها الأساسي قربه من الله عز وجل...ومناجاته في كل وقت تضيق به الحياه .

تائهه بين عشقك و قسوتك بقلم مياده وليد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن