12_الفصل الثاني عشر " مراسم"

1.9K 203 56
                                    

الفصل الثاني عشر.
«مُعَانَاة كَالسُكَر»

_______________________

رُبما التشبيه الأقرب لمراحل سير الإنسان فالحياة؛ مَسار القطار..
محطاتٍ بشتىٰ أنواعها، نتحرك بها سنوات ونتأقلم لسنواتٍ أُخرى، يذهب من يذهب ونبقى نحن نُلملم الجراح وألم الفُراق،
ثم يعود كُل مِنَّا ينتظر محطته دون وعيّ لما فات فالمحطةِ السابقة، البعض يمضي بالطريق تَحَسُبًا لعدم تكرار الأخطاء، والبعض الآخر يمضي بتنويمٍ مغناطيسيّ يستكمل بِنَاء جُدران أعبائُه..
وبالنهاية.. من إعتاد سَير الطريق الخاطئ إعتاد تلك المتاهة؛ والتي تُسمى بالحياة!
_______________________

إعتدل "يونس" عقب شهقته الشبيهة لشهقة النساء كبيرة السن وقال بعلوٍ:
- " ساعة إيه يا عصام دي اللي أنامها!، مع نفسكم أنا برة منها الليلة دي!"

...

بعد مرور ساعة كان "يونس" يمسك ببعض العواميد الخشبية الطويلة حتى يقوم الشبان المسؤلين عن التثبيت بربطها ببعضها البعض، دار بنظره ناحية اربعتهم وهم يتهامسون بضحكٍ عليه، بينما هو كان يطالعهم بوجه ممتعض وعيناه تشر كالشرر من كثرة الغيظ، تحدث "إسلام" عقب إمساكه كوب شاي بصوت مرتفع:

- " ثبت العواميد كويس يا يونس عشان هيتحط عليها الصوان!"

أردف الآخر بضيقٍ:
- " صوان عزاك يا إسلام أن شاء الله!"

ضرب "كرم" "إسلام" بمرفقه وقال بعقلانيةٍ:
- " سيبو ياعم ليقوم يقتلنا بجد"

ضحك "سيف" بخفة ثم تقدم حين لاحظ شابان يقومان بفرد الغطاء الثقيل والذي يُدعى بـ "الصوان"، وخلفه "كرم" و"إسلام"، بينما أتجه "عصام" ناحية الباقية يقوم بِرص المقاعد الحديدية الخاصة بالمعازيم، وبعد مرور وقت قصير استمعوا إلى أذان المغرب، ما لبثوا إلا دقائق حتى لاحظوا دلوف الناس إلى الطابق السفلى لغرفة واسعة، مال "سيف" تزامنًا مع البقية إلى "عصام" سائلًا بإستفسار:
- " هو في إيه!"

أجاب "عصام":
- " قصدك على الناس؟"

أومأ "سيف" ليتحدث "عصام" مُفسرًا:
- " هنا فأسوان او الصعيد عمتًا بيعملوا حاجة أسمها "عشا" للمعازيم، ودا لما بيكون فيه فرح أو خطوبة، كتقدير يعني لجية المعازيم، وكمان بتبقى حاجة كبيرة لأهل الفرح، يعني مع حساب مصاريف الفرح لازم بيضيفوا مصاريف للوجبة دي هنا."

تحدث "يونس" بتخبطٍ مما يمسكه:
- " إيه المولد دا ما يوزعوا عصير وجاتوه!"

ضحك "عصام" وقال بحنقٍ:
- " متبطل تخلف بقى، وبعدين الجاتوه والعصير أوبشن هنا لكن العشا أساسي، وبعدين تقريبًا البلد هنا والبلاد المجاورة كلهم قرايب فبعض، فـ لازم يبقى فيه وجبة، أصل اللي هيجي يجامل لازم تقدر جيته ولا إيه!"

ابتسم "سيف" حين توجه بصره إلى "يونس" مُضيفًا بتوضيح:
- " مهو برضو يا يونس فكر شوية، إحنا بنعمل فمصر الأفراح فقاعة؛ ودا راجع فالأول والآخر أن اللي بيحضر عيلة العريس وعيلة العروسة، لكن هنا بلاد، وزي مبيقلك عصام أكيد كلهم قرايب بعض دا غير المعرفة فـ قاعة إيه دي اللي هتكفي طول معنده وسع، وكمان غير انها عادات وتقاليد و مش هينفع يكون فرحك وقرايبك وناسك ومعارفك جايين يجاملوك ومتقدرش جيتهم، دي كل الحكاية."

مُعَانَاة كَالسُكَر ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن