26- الفصل السادس والعشرون "العاشر من رمضان"

1.6K 173 49
                                    

الفصل السادس والعشرون.
«مُعَانَاة كَالسُكَر»

_______________________

نَمرُ في الحياة عابرين لا نعلم سبب تلك الأيام التي نحياها برفقة معاركنا اليومية المرهقة للنفس، ولكن رغم ذلك على الإنسان أن يتحمل مسؤولية كونه انسان!، فالله خلقنا حتى نتعلم، حتى نواجه، حتى نرتقي.. حتى نُعمر، خلقنا الله لرسالة محددة وهي أن نُحسن التصرف بهذا الجسد، أن نُحسن التصرف باختيار الله لنا للعيش على هذه الأرض، نحن فالحياةِ لنعيش الأحاسيس المؤلمة ذاتها يوميًا، أن نعبر الطرق التي سلكناها قبلًا ونحن نحاول جاهدين ألا نتعثر مرة أخرى، فمن مِنّا لم ينام ليلًا وهو بائسُ القلب حزين الروح والجسد!، من مِنّا لم يسعد سعادةً أبكته فرحًا؟!، من مِنّا لم يعوضه الله عن ما رأه!، من مِنّا لم يحصد الماساة التي كانت بالأمس يقينًا وأملًا اليوم!..

تلك هي الحياةُ عزيزي.. لا دائمة السواد ولا ناصعة البياض، ليست إلا القليل من الرمادي به يومٌ ممتزجٌ بالسواد، ويومٌ آخر يداعبهُ خيوطًا بيضاء اللون، لستَ وحدك من كان يعاني، ولستَ وحدك من طار فرحًا اليوم، لستَ وحدك من مات له عزيز، ولستَ وحدك من رزقتَ بطفلٍ جديد.. هذه هي الحياة وكوننا بشر علينا أن نعتادها ونتقبلها كما هي!

__________________________

(-اليوم العاشر من شهر رمضان المبارك-)

أمام المبنى الخاص بعائلة "المهدي"، تحديدًا داخل البوابة الخاصة بهم، كانت عائلة "حسين عمران" متجمعة برفقة عائلة "المهدي" على طاولة طعام كبيرة، حيث جمعت الكبير والصغير ووسط الضحكات النابعة من الشباب و "خالد" وأخوته برفقة "حسين"، كانوا الفتيات يتولون أمر رَص السفرة الرمضانية وزيادتها بالعصائر الأطباق، وبعد ثوانٍ رن فالأرجاء أذان المغرب مُعلنًا نهاية اليوم العاشر من الصيام، تحركوا الشبان خلف بعضهم وقاموا بفرش السجاد الخاص بالصلاة وقاموا بتأدية فرض المغرب، ثم تحركوا على السفرة يهنئون بالأفطار الشهي؛ الذي تم صنعه من قِبل "أمل" و"نهال" و"كريمة" بمساعدة الفتيات..

-"أما بقى أنا جاييلكم بخبر يجنن"

نثر "إسلام" بعفوية وصوتٌ خافت ليصل إلى مائدة الفتيات، فظهرت علامات الاستفهام على وجوههم ليكمل:
-"الولا عصام بيحب"

إتسعت حدقتي "تالية" وهي تأكل خوفًا من فضحها الآن وأمام الجميع، أما الفتيات فدارت اعينهم على بعضهم البعض ثم عليها، وبالنسبة إلى "عصام" فتقبل الخبر ببرودٍ تام، وعقب بلع ما في فمه وتفوه بهدوءٍ امتزجه بعض الخبثِ:
-"طب ما أنت كمان بتحب، بس المدهش عندي إني عارف بتحب مين تحب اقول ولا..."

إتسعت حدقتيه هو بزعرٍ، وخصيصًا وهو يطالع "يونس" الذي كان يصتنع الجهل حتى لا ينفعل، فوكزه "إسلام" في ركبته أسفل الطاولة، ليقول له "عصام" بصوت وصل إلى أذنيه:
-"يبقى نصلي على النبي كده ونهدا بدل مـا أطربق السفرة دي فوق دماغك"

مُعَانَاة كَالسُكَر ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن