4

1.6K 16 0
                                    

لوجعِ الحب رونقٌ خاص و ألمٌ رقيقٌ لا يُحتمل ، كما أن للشوق نزعات تحبس الأنفاس و تخطفُ البريق من عيني العاشق ، الكُل قويًّا طالما أنه خارج إطار الحرب ، لكن أنا عليّ أن أكون قويّا و أنا الأول في صفّ الحرب و أكون الجيش و السلاح و الهدنة و أنا الخصم كذلك ، أحبها رغم اختلاف كل شيء بيننا ،
فأنا ابن لنجدٍ و هي ابنةُ للجنوب
لطالما كنت جافًا و رَوَتني ،
و كنت قاسيّا و ليّنت قلبي
لطالما كنت ثابتًا و هزتني
و كنت جامدًا و حركتني
دائمًا ما تقابلني بضد فعلي السيء
كنت أجزع ، فتهدأ
كنت أجن و تتعقل
كنت اصرخ ، لتهمس برقة فائقة العذوبة
كيف لليمامة اللينة أن تُوقع مهابًا عصيّ الطبع تحت جناحيها؟
كيف لرقتها أن تُخضع جموحي ؟
كيف لحنانها أن يُشتت قسوتي ؟
كيف لها أن تقيّدني في زنزانتها و أنا كنت حرًا طليق ؟
اهٍ من شوقٍ فتك بقلبي لتلك اليمامة ، كل شيءٍ فيها كان يُسقطني من علوِّي كلّ شيء !
عيناها الواسعةُ الذابلة ، رمشاها المصفوفةُ كأنها جندٌ مجنّدة ، حدّة أنفها المُستقيم ، و حُمرة شفتاها
و ما أضاعك يا مُهابٌ سواها ؟ سوىٰ شفتيها كالجمرِ الموقدة !
أه لله وجع قلبي و وجعي!
لم أعد أحتمل هذا الفراغ بيننا ، لم أعد أصبر !
" يمممه " يُنادي والدته بعد أن قفز من سريره و خرج ، " يمه وينك ؟"
لترد والدته من المطبخ : ها يا مهاب هلا امي في المطبخ تعال
دخل عندها قبل رأسها و يداها المُلطخة بالعجين : يمه اسمعيني
تجر يدها منه : ابعد لا يتوسخ ثوبك ، وش فيك ؟
-ابغا اتزوج !
نظرت إليه والدته بصدمة لا تدري بأي أشكال الفرح ستحتفل ، لطالما انتظرت هذه اللحظة من همام و ها الان مُهاب يفاجئها بها : تقوله صادق ؟
-اي صادق ، بس بداوم بكرا انا وسيّاف و اذا رجعت قلت لك
-زين تبيني ادو..
لم تكمل ما تقول ليفاجئها ثانية : لا تدورين ابي وحده في بالي
تركت والدته ما بيدها لتتجهه إليه و هي تنظر مباشرةً في وجهه فأكثر ما يفتضح به مُهاب هو وجهه : من بنته ؟
أدرك حينها أنه لا مفر من تحقيق والدته : اذا جيت علمتك لاحقين خير
لتنطق بسرعة : لا الحين تعلمني " تنطق بوجعٍ خفيّ : هي اللي بكتك سنتين ؟
سقط كوب العصير من يديه لينظر لوجهه والدته و الدم محتقنٌ في وجهه و عروق يديه و عنقه برزت : يمه فكيني من ذي السيرة
لتنطق والدته : والله انها هي
-يمه خلااصص
-هي يا مهاب والا لا ؟
-وش بتستفيدين لو عرفتي ؟ يهمك اني اتزوج خلاص هذا انا بتزوج
لتنطق ياسمينا و هي تدخل للمطبخ : اما بيصير عندنا زواج؟
نظر إليها مهاب قليلًا ثم قال : احتمال ما يصير ، اذا ما رضت ام عبدالله
قالت والدته و هي تدير ظهرها : وش اللي ما يخليني ارضى طالما انك راضي ؟
شعرت ياسمينا بشحنة فأشرت لمهاب بمعنى " وش فيها امي "
-وش دخلك يالملقوفة " قالها مهاب و خرج
التفت ياسمينا لوالدتها لمحت في عيناها دمعةٌ و آه ، عندها أيقنت أن هناك شيئًا ما حدث ، تخرج مسرعة تطرق الباب الخاص بغرفة سياف و دخلت عندما سمعته يأذن لها بالدخول : هايي
يدور سياف بكرسيّ المكتب : مرحبتييين
تتكئ ياسمينا على بابا الغرفة قائلة : عندي لك خبر
فجأة شُدت ذراعها للخلف ثم قال مهاب : ما تبطلين حركاتك يالاخبارية ؟ شغالة رادار في البيت
توترت ياسمينا قليلًا فهي تعرف أن لمهاب حنانًا خفيّ لا يظهر إلا عندما يتعامل معاها ، لكن بالمقابل تعرف جيّدًا حدة أعصابه إذا انفلتت : ها ؟ لا بس بقو
أمسك مهاب اذنها و هي يحركها يمينًا و يسارًا : والله لو ما تنكتمين مب صالحك يلا اذلفي
ابتسم سيّاف معلقًا : وش فيك عليها ، خلها تعلمني ، والا مب عاجبكم ان الاخبار تجيني قبلكم
تتألم ياسمينا و تحاول أن تفك يده منها : طيب خلاص نتفت اذني
-حق من نتف لسانك بعد
تركها مهاب تذهب ثم طرق على الباب قائلًا : خلص انت جهز نفسك بنمشي الفجر
-ليه مو بكرا ؟
-كذا غيرت رأي ، عندك اعتراض ؟
لاحظ سياف التغير الطارئ على مهاب و لم يستغرب ذلك : لا طال عمرك ، جاهزين
أغلق مهاب الباب خلفه ليقول سياف : اول مره تسوي شيء كويس في حياتك " تمدد على السرير و تناول هاتفه ، لينخرط في ضحكٍ هستيري كانت ياسمينا تخبره بما منعه عنها مهاب " ترا سمعت مهاب يقول لامي انه بيتزوج بس مدري وش فيها قلبت عليه " صمت قليلًا ليتدارك الامر ثم أرسل " ليه قلبت وش قايل لها ذا النفسية؟ " ليصله الرد سريعًا " ما ادري والله "

كسرت جناحيّ اليمامة فكان الجرح سندًا مُهاب Où les histoires vivent. Découvrez maintenant