19

1.4K 13 2
                                    

تختلط المشاعر في صدر ياسر

شوقٌ و حنين و لعنة غُربة
و طفلٌ صغير ضيّع أبويه
و رجلٌ كبير ضاع بدربه

يدلف الباب إلى والده ينكب على ركبتيه اثناء جلوسه بعدما انهى صلاته
يقبل يديه و الدمع مالٍ وجهه
يمتلئ عليّ بالألم و الشوق لولده العصيّ الصعب ياسر
كم كان شقيٌّ في طفولته
و كم وبخه في صِباه
و كم لحق به في مراهقته في اقسام الشرطة
و لما اشتد عوده و شبّ و بقيّ عنيدًا طائشًا كما هو طرده
و هاهو الان يعود له راشدًا يبكي يحتضن رأسه بيديه و يرفعه
ينظر اليه بشوق كبيييير ليقول بصرامة عكس الشوق المتدفق في حناياه : جيتني بعقلك والا جيت شقيني ؟ اسمع يابوك انا معد فيني شدة اطرد وراك
يقبل ياسر يديه و رأسه ينطق بين شهقاته : لا والله ما جيت اشقيك كفاية عمري اللي ضاع و انا بعيد ، تكفى يا بوي لا تقسى عليّ
يحتضنه والده بقوة و هو يهمس في اذنه : ارحب اي والله ارحب عد المطر و السيل مرحبا مليون
يرد عليه و هي يعتدل و يمسح وجهه بيديه : البقى الله يبقيك و يحييك جعلني قبلك
يربت والده على ركبته قائلًا : وش اخبارك يابوك ؟ ثم يهمس قائلًا كن الغربة ربتك
يستنشق هواءًا و ينفثه : ربتني ؟ والله الا بغت تهلكني لولا ستر الله و الناس الطيبة
يسأله عليّ معاتبًا : يعني الناس ربوك و انا لا ؟
يقبل كتفه : لا والله الا كفيت و وفيت و لا يلحقك لوم
يهتف عليّ : هات القهوة يا ولد .. ثم يكمل موجهًا كلامه لابنه : كيف دراستك ؟
يقول ياسر بخفوت : ما عليها ماشيه
يدخل محمد و احمد و فارس يقبله محمد و فارس
بينما احمد هو من استقبله ف المطار يقول احمد : يابو محمد ترا ياسر جايب لك هدية و متكلف فيها بالحيل انا طالبك انك تقبلها
ينطق محمد ب ابتسامة : اقولك لي اربع شهور اتحيل به يروّح و هو معيي اثر الولد لاقي اللي احسن منا
يتسم ياسر : مافي احسن من الاخوان و العزوة والا عندك كلام ثاني يابوي؟
يقول والدهم ممازحًا : الا كلامك صح بس وش الهدية اربك معرس بوحده من ذولاك الشقر؟
ينطق فارس : صقر يا بو محمد تلقطها طايره
تبرد يداه و يشتد ظهره بعد ما كان مسترخيًا و يمازحهم ليقول بجزع : تقوله صادق يا فارس ؟
يقول محمد : صادق في انه معرس ، لكن وحده من اصل طيّب و اهلها معروفين
ترتخي اكتافه : ان كانت بنت اصل و فصل فمرحبًا الف بها ، و الا كانت من ذيك الجهه الزايغة ف والله لتطلقها و العقال يلعب ع ظهرك
يقول احمد : لا والله انا اشهد لهم انهم اصل و فصل
يتساءل علي : بنت من؟
يجيبه ياسر : بنت عبدالحميد بن يحيى !
علامات صدمة تنتشر على ملامحه ، و جزعٌ بيّن يرتسم بعقدة حاجبيه يقول : ما لقيت الا بنت السورية ؟ والله ..
قبل ان يكمل يمينه يمسك ياسر يده التي يشير بها بتهديد يقبلها و يقول : والله ماهي بنت السوريه بنت الاولى
يلتفت عليه ب استغراب و غضب : تكذب عليّ ؟ بنات عبدالحميد اكبر منك و كل وحده ف بيت رجالها
يقول محمد : الا بنت الاولانيه انا تأكدت من الموضوع ، ذيك الايام يوم هجّ بها معاه تتعالج ، ولدت عنده و توفت يوم ولادتها و قالهم انه الجنين توفى
يرمي الفنجان أرضًا ثم يقول مزمجرًا بغضب : والله ان تتطلقها ماهي داخله بيتي
يقف ياسر ، يقبل رأسه بوجهٍ جامد : الغربة اللي ضفتني ثلاث سنوات تضفني باقي عمري انا و مرتي لكن اني اطلقها لا و يخرج
يصرخ عليه عليّ : من يومك اصلًا عاق و عاصي ماهو شي جديد ، يومك مكتفي بمرتك و مفضلها على اهلك ليه جيتني ؟
يمسكه أحمد و هو يسأله : وش فيك هبيت فيه ؟ وش فيه عبدالحميد يوم انك رافض القرب منه ؟
يجلس و نفسه يتسارع و تنتفض يداه : طول عمره مشقيني و متعبني ، ما يجي الا بتعتبه و اذاه معاه ليته قعد و لا جاني .. يسكت قليلًا ثم يكمل موجة غضبه : ما لقى الا بنت عبدالحميد يتزوجها ؟ ماهو مرتاح حتى يجلطني
يقول فارس بفضول  : وش فيه عبدالحميد طيب ؟
يهتف بغضبٍ في وجهه : ما ابغا نسبه ، و لا ابغا ارتبط فيهم
يسأله فارس مستفسرًا : بس يوم جونا مع الجاهه استقبلتهم عادي اولاده و اعمامهم و جدهم ليه ذلحين رافض نسبهم ؟
يرميه ب اقرب شيءٍ في جواره قرطاس حلوى قائلًا : قم اذلف انت من وجهي قم ، تبغاني اطرد الرجال من مجلسي ؟
يرد عليه وهو يفتح قطعة الحلوى : ما اقصد بس اقصد انه م كان بينكم شيء عشان ترفض نسبهم
يتركه و يتمدد : قوموا اطلعوا من عندي مبغا اشوف و لا واحد
يُشير أحمد لاخوته بمعنى " مشينا خلوه لحاله شوي "
يخرجون يقف محمد عند الباب : اذا تبغا شيء ازهم عليّه انا موجود
يتمدد عليّ و تتمدد الذاكرة في رأسه
كان صبيّا يافعًا و شابًا مفعمًا بالحلم
يكد على نفسه باحثًا عن حلمه ، يرعى أغنام والده صباحًا ، و عند الظهيرة يخرج باحثًا عن الحطب ، يعود عصرًا يخرج بالاغنام ترعى يعود بها قُبيل المغرب يأخذ الحطب و يذهب يبقى بين الحطابين حتى التاسعة اول العاشرة
يجمع المال من عرق جبينه ثم يعود يمضي ساعتين يتعلل مع رفاقه هكذا كان يقضي عليّ أغلب أيامه
و كما هي عادة الناس دائمًا ما يكون هناك شخصٌ مقرب من بين مجموعة الأصدقاء
لكن ليس كل صديقٍ صادق
يتمدد عليّ على الأرض متأملًا السماء : وش رايك نتزوج سوا !
يقول عبدالحميد : بخاطرك تعرس ؟
يبتسم عليّ و هو يجلس : اي والله وش رايك تتوسط لي ؟
يرد له ابتسامته قائًلًا : ابشر بس لخاطر مين ؟
يقول عليّ : عند عمك حسين ، ابغا الصغيرة
يسوّد وجهه عبدالحميد ثم يقف : زين انا ماشي الوقت تأخر
يستغربه عليّ : تو الناس ! وش فيك ؟
ينظر لساعته : ما عليه احس تأخر الوقت و بكرا عندي مشوار لازم اصحى له بدري

كسرت جناحيّ اليمامة فكان الجرح سندًا مُهاب Where stories live. Discover now