15

1.6K 13 10
                                    

تدور اليمامة بهدوء بعد أن شعر بأن مهاب غفى
تخاطب نفسها : الله يشغلك صدق ، ذلحين كيف ابدل ملابسي و كل اغراضي ما نزلها .. افف يحسب انها بتنزل لحالها و الا كيف .. اصحيه؟ لا مب ناقصته ، يارب وش..."
يقاطع مهاب تفكيرها : مطوله و انتي تدورين ؟
تقول اليمامة بخوف : وجع فجعتني
يعتدل جالسًا : شكل ما حولك نوم
ترد عليه اليمامة : ابي اغراضي في السيارة
يقف مهاب مشيرًا إلى انفه : ع هالخشم اوامر ثانية؟
تتركه اليمامة و تلتفت الى النافذة : لا
نصف دقيقة قضتها اليمامة تتأمل من نافذة الغرفة ، فإذا به يقف خلفها مباشرة
يداه تطوق خصرها ، و رأسه يتكئ على كتفها
قشعريرة سرت في جسد اليمامة عندما امسكها مهاب : اتركني
تُمسك يداه و هي تحاول الافتكاك منه يقول لها بشوقه الجارف و هو يشد يديه :  سنتين ما كفتك ؟
تهمس له : لا ودي انك تتركني عمري كله!
يرد عليها بذا الهمس : مرح اتركك
تميل برأسها جانبًا و هي تنظر إليه : انا اللي بتركك و الزمن بيننا
ينظر لعينيها مباشرةً لتعود برأسها لوضعه الطبيعي
يلفها اليه : ناظريني !
تنظر إلى كل شيء أمامها إلاه : ناظريني طيب ؟
تقول بألم : مُهااابب
يرد عليها بخفوت : يا روحه ! يا ويل قلب مُهاب و يا زين اسمه يوم انه جا منك !
تودّ البُكاء
و الصراخ بكل صوتٍ تحمله
تشعر أن كل قواها ستنهار الان تنطق بخفوتٍ و ألم : مهاب الله يخليك !
يُمسك وجهها بين يديه و يرفعه ب اتجاهه : ناظريني طيب
تضع عيناها بعينيه مباشرة
و تسقط الدمعات حلف بعضها البعض
يقبل عيناها ، يُقربها إليه
تلف يداها خلف عُنقه و هي تهمس : مهاب انا تعبت ، ابغا اموت
يشد عليها : تعوذي من ابليس ، و اذكري ربك و اتركي وسواس الموت عنك
ترد عليه : تذكرني بربي ؟ ليه انت ما تذكرته ذك اليوم ؟ ليه كسرتني !
يقول بوجعٍ سكن قلبه : ما كسرتك الا كسرت قلبي ، والله من ذك اليوم لا ليلي ليل و لا نهاري نهار
تضرب بيديها النحيلة صدره الضخم : كذاب كذاب ، محد تعذب مثلي انا اللي كنت اموت في اليوم الف مره ، انت كل اهلك حولك الا انا الا انا يا مهاب كسرتني و تركتني وحدي
يُمسك يديها يُقبلها : ماني بتاركك هالمرة بس ساعديني نروح بكرا الموعد
تجلس بوهن : تكفى يا مهاب اتركني ، مابي شيء منك بس اتركني و رجعني الجنوب
يجلس معها : ما تنجبر روح على روح لك مني بعد ما نخلص علاجك ارجعك و انتي حرة بس هالفترة اجلسي معي !
تنطق ب استجداء : احلف ؟
يحلف لها بألم يعتصر فؤاده : والله العظيم
يحلف أن يتركها و هو يعلم و الكل يعلم أنه لن يوفي بيمينه
فحبها فاق كل شيء عنده ، فبطبعه الغريب أنه إذا أحب شيئًا صبّ كل مشاعره فيه
و حَيَّز له كل ما في قلبه ، يحلف لها و هو يُدرك ما معنى أن يحلف المرء كذبًا
يشعر أن يمينه اقتص من قلبه نصفه و قتل نصفه الآخر
يعرف مهاب حجم خطيئته و يدرك حجم ذنبه ، حتى لو تجلّد و تلبس بالبرود
حتى لو رأى الجميع على وجهه الا مبالاة فالأمر داخله أكبر مما يعتقد الجميع
و الخوف يتلبسه من رأسه حتى قدميه
الخوف من كل شيء
الخوف من ذنب اليمامة
و من ذنبه هو
و الخوف من ابنه الصغير
و الخوف من ربه قبل كل شيء
يشعر أنه يحمل كل شيء في روحه
يشعر بثُقلٍ يتأجج في صدره
و قلقٍ عارم يعبث في سكونه ، لا احد يرىٰ هذا العبث على ملامحه سوى والدته رغم أنه يتجنبها أكثر مما ينبغي
لا أحد حوله يُدرك عذابه المرير خلال تلك السنتين التي مرّت
نومه المتقطع من خلف الأرق
كوابيسه المرعبة التي تغتاله
صوت صراخ اليمامة التي يقتحم سكون أوقاته
يشعر أحيانًا أنه مجنون كلما سمع صوتها تصرخ في اذنه
لمساتها الخفيّة على صدره
من هول ما يشعر به يُداهمه البكاء في أحيانٍ عدّة
ينهار بكاءًا دون أن يقاوم ، أو يشعر به أحد
يتقاوى خلف كُثبان الضعف الذي يُحيط به ، الكل يعرف مُهابًا قويّ ، صلبًا و جامد ، لكنه ما إن يختلي بنفسه حتى ينهار بضعفه و وجعه
يبحث عن كل شيءٍ يوصله لليمامة فلا يجد ، يذهب في عزاء والدها لعله يشتم رائحة اليمامة أو شيئًا منها
يُعزي تركي بوالده و كل العزاء في قلبه ، يعرف من نظرات تركي أنه يعرفه
يخرج مُكبًا على وجهه يجلس في سيارته ساعاتٌ أمام نافذتها المُظلمة
يخطط أن يذهب إليهم و يطلبها ، لكنه يتراجع و يتردد
يُصارع كل شيءٍ ينويه ، ما إن قرر فعلها تيّسرت له المسألة بشكلٍ بائس
لا يشعر بكره أحدٍ له ، و لا يهمه ذلك
لكنه يكره نفسه ، يشعر بدناءة ما فعل في كل مرةٍ يُقابل عينا اليمامة
يتأمل عيناها و يتأآكل قلبه
ينظر إليها دائمًا بحبه و وجعه ، يستسيغ عذابها في وجده المُثقل بكل شيء فـ مهاب يعرف أن وجع اليمامة أقل وطأةً من وجعه
فاليمامة تنام مظلومةٌ و ستقتص منه
لكنه هو ينام ظالمًا و لا يعرف بأي أمرٍ ستقتص
يود أن يدعو ألا يكون بُعدها عنه أو شيًا يُصيب سند ، لكنه يستحي أن يرفع يديه و يدعو يشعر بأنه متسخٌ على الدوام مالم تسامحه اليمامة

كسرت جناحيّ اليمامة فكان الجرح سندًا مُهاب Where stories live. Discover now