PART53(دهب)

612 53 13
                                    

"كلّ منّا له طريقة في الحياة، ولكن أينما ذهبنا فكل يحمل جزءاً من الآخر..

لم أكن أتخيل أن تلك التفاهات ستترك تلك المسافات بيننا كنا أصدقاء حتّى اشتكت الطرقات من ضحكاتنا، كنّا نتحدث حتّى تعطلت هواتفنا، كنّا نلعب حتّى اشتكى الجيران منّا فأين أنت الآن وأين أنا، لا تجعل الأيام تأخذك مني يا صديقي ولا تنسى لحظاتنا السعيدة التي طالما عشناها سوياً فهي عمر كامل لا يمحوها بعض المشاغل..، أشعر بالأسف لأننا نادرًا ما نلتقي ، لكن أعدك سيتغير كل شيء الأن.."

"ست سيارات تسير خلف بعضها في طريق مستقيم في منظر ملفت للغاية ، يبدو للوهلة الأولي كأنه موكب لشخصية مهمة لكن في الحقيقة انهم الأصدقاء الذين قرروا بعد تخطيط دام ثلاث سنوات الذهاب في رحلة معًا..

سيارة عمر تتصدر الطريق وداخلها زوجته بجانبه والصغيرة في المقعد الخلفي ، لقد تخلص أخيرًا من هذا الشبح الذي يطارده بفضل دعم والده له ، الأمر المحزن حقًا هو صدق مشاعر ليلي تجاهه لكن لم يكن فقط الحب هو ما يسيطر عليها ، كانت مهووسة به حد الجنون..عندما يحب أحدهم شخص لدرجة أن يؤذي كل من حوله حتي يتملكه ، فهذا ليس حب بالمعني المقبول..

من الجيد أنه كان متفهم لحالتها هذه وقام بمسامحتها علي أفعالها الحمقاء تجاه عائلته ، مع وعد من والدها بعدم إقترابها منه مجددًا ، حتي أنه ترك رسالة لطيفة لها مثل شيء من المواساه حتي تتمكن من نسيانه والإستمرار في حياتها..

"عليكِ أن تصالحي نفسك ، أن تتعايشي مع حقيقة الفقد ، عليكِ أن تجدي نفسك أولاً وتسامحيها لانه اذا كان في قهر النفس مرارة، فان في بقاء الشقاق بينك وبينها ما يزعج قلبك ، ستجدين من يحبك اكثر من روحه ، ستجدين نصفك الأخر ، ستجدين الحب ، ليس عليك فقدان الأمل..

خلفها مباشرةً سيارة ادهم وزوجته جهاد..صحيح لقد تزوجا أخيرًا بعد عناء دام سنة ونصف تقريبًا ، دعونا لا نتطرق للتفاصيل لكن حفل الزفاف بدا كأنه حفل ملكي فاخر بكل الشخصيات المهمة وذات تأثير كبير الذين حضروا الحفل ، ما جعله بهذه الروعة هو نجاح مهمته التي كانت قبل الحفل بخمسة أيام فقط والتي تم فيها إعتقال العقيد محمد سليم فهيم الذي كان السبب في تعرض حياة ادهم للخطر مرات عديدة وإبنه الحاقد دون سبب مقنع ، وتم إعدامهما رميًا بالرصاص تحت إشراف اللواء سراج ، وهكذا نكون قد حصلنا علي نهاية سعيدة لقصة هذا الجندي الشجاع ، الذي طالما كان فاقد للسعادة في حياته ، لكنه حصل عليها أخيرًا برفقة محبوبته الجميلة جهاد..

كان حديثه عنها عندما طُلب منه وصف مشاعرهما تجاه بعضهما..
شيءٌ ما نشأ داخِلنا منذُ الوهلة الأولى، لعله لم يكُن مِن تلِك المشاعر القوية التي تعصفُ بشخصين يلتقيان للمرةِ الأولى مثل صعقةٍ كهربائية، لكنهُ شعورٌ أهدأ وألطف عندما كان لقائنا المأساوي تحت قطرات المطر..كان مؤلم لكن لطيف، مثلُ ضوءيْن صغيرين يُسافران معاً في ظلمةٍ شاسعة، ويقتربان بعضهما مِن بعض في الطريق على نحوٍ غيرِ ملحوظ.. شيئاً فشيئاً لم أعد أشعر أني ألتقيت شخصاً جديداً ، بِقدر ما شعرتُ بأني صادفتُ صديقاً عزيزاً لم أره منذُ زمن ..

اناتولي (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن