3- |قبيلة آڤاي|

61 9 4
                                    

شَتات عقلها من همسات الهواء داخل أُذنيها لم تمنعها من المقاومة، كانت تركض وراء حدثها بأن على قدر غرابة ما يحدث، إلا وأنه لابدَ من اكتشافه، وجدت نفسها وسطَ ساحة تدريب، ينمو فوق صخرها المتهشم العشب الكثيف؛ والذي يوضح قدامتها وعتاقة الجدران التي كانت تحوي الخمس رموز السابقة، عقدت حاجبيها بغرابة عن سبب وجودها هنا، فلا شيء هنا سوا غُبار السنين التي مرت وحسب..

-"من أنتِ؟"

أتاها السؤال من خلفها لتستدير فورًا بزعر، فتراجعت للوراء خطوتان تطالع ذلك الملثم أمامها، كانت تحسبه رجلًا إلى حين سقوط خُصلة شعر وردية متمردة أدت إلى اجابتها بنبرة ساكنة غير مهتزة:

-" قُوت، وأنتِ؟"

نزعت الأُخرى ذلك الغطاء الذي فوق رأسها، فظهرت فتاة بيضاء اللون كالثلج، ذات أعين مختلفة، واحدة باللون الورديّ والأخرى باللون الرماديّ، رموشٌ كثيفة، وشعرٌ ورديٌ قاتم به الكثير من الخُصل الرمادية..

طالعتها "قُوت" بغرابة، لتجيب هي بصوتٍ واثق:
-" أُدعىٰ روز."

راقبتها "قُوت" وهي تخلع تلك القماشة السوداء عن جسدها، تبدو غريبة الهيئة والشكل وكأنها من عالم آخر غير عالمهم، ترتدي زيًا غريبًا بالكاد يُلائمها، وكأنه صُنع خصيصًا لها، ولكن غير ذلك كله كانت تدهشها عينيها كثيرًا، كم كانتا في غاية الجمال!

-"من أين أنتِ، قُوت؟"

أتاها السؤال منها، فأجابت بثباتٍ:
-" مملكة الرموز، أنا أميرتها"

مالت الأخرى برأسها، فعجبًا كيف لها أن تتحدث بهذه الثقة وهي تبدو صغيرة بالسن، راقت لها تلك الشجاعة التي تتملك عينها الكاحلتان..

-" في غاية الفضول لمعرفة من تكونين؟"

طرحت سؤالها بإستفسار فأجابتها هي ببسمة طفيفة:
-" أنا من قبيلة تُدعى بقبيلة آفاي، تكونا هنا في أرجاء الغابة عقب ضم مملكة هاكوب لمملكة الرموز."

-"أنتِ من هاكوب؟"

طرحت بفضول لتجيبها:
-" جدودي، كانوا أسرىٰ، أما أنا فولدتُ هنا، بين أحضان الأدغال."

صمتت تستوعب ثم سألت من جديد:
-" تبدين مميزة روز، ما سبب ذلك؟"

رفعت رأسها على ما سمعته كونها رختها لتريح عنقها قليلًا، فشردت لثوانِ أثر ذلك السؤال ثم تفوهت:
-" الجميع يقول ذلك، كنت أعلم سبب تميزي إلى حين أن تشتت أفكاري و بدأت أشعر بأشياءٍ غير مفهومة، هذا بجانب أصوات التمتمات التي أسمعها من حيثُ لا أدري."

-" هل يحدث ذلك معكِ أيضًا؟!!"

أردفت بعجبٍ لتجيب الأخرى سريعًا:
-" رويدكِ!، أتعني أنك تشعرين بما أشعر!!"

-" ليس بالضبط، ولكن يبدو أن طريقنا من اليوم أصبح مشابهًا."

أومأت برأسها عدة مرات مع ميل ثُغرها الأبيض يعلن ابتسامة رقيقة، ثم وقفت تعلن الرحيل متمتمة:
-" تعاليّ معي، قبيلتي على بعد عشرُ أمتارٍ من هنا."

| چُــمَاڤـــيّ | °الجزء الثاني للعالم المعكوس° ✓Where stories live. Discover now