17 - | أخرق بالكهف |

37 7 0
                                    

شق مغيب الشمس الأفق ليعلن انتهاء اليوم، وهم يجلسون قرب بحيرة بمنتصف الغابة، هنا "منيرة" و "نور" تحاولان صنع حساء ساخن يُدفيء افئدتهم قليلًا، وهناك "أنس" برفقة "خُضير" يتبادلون بعض الأحاديث الجانبية بعد نجاحهم في اشعال النار أخيرًا، وشاركتهم "قُوت" الجلسة وهي تُقهقه على "خُضير" الذي كان يحاول تقليد بعض الأصوات الخاصة ببعض الحيوانات التي وصفها له "أنس"..

على اليمين "تَيم" يلثم هيئته بالرداء الثقيل خاصته، كان يمسك طرف غصن نحيف ويرسم به بعض الأشكال العشوائية على الأرض، علها تساعده في اخراج تلك الأحجيات المعقدة التي بعقله..

تارة يشرد فيما هو به، وتارةً أخرى يراقب حالتها الملثمة قرب الفتيات، تشغل عقله أكثر، وكأنها جائت لتختتم الأمر الناقص وتكمل قائمة المعضلات التي بحياته، ولكنها كانت أجمل معضلة بينهم!

_روز _

لم أشعر بذاتي التي احتلها الدوار فجأة إلا على الأرض، لا أعلم ما سبب هذا ولكني ما اذكره جيدًا أنني لم أقدر على تحمل صوت الهواء في أُذناي، ورأيت قبل الإنهيار صورة والدتي وهي تنثر كفيها فالهواء في محاولة منها لإحتضاني، كانت دامعة العينين وحزينة كما في أحلامي دائمًا..
هذه الذكرى اللعينة لا تريد الاختفاء، استطعتُ التأقلم على العديد من الأشياء والتخطي لأكثر، إلا تلك..

لليوم تحاول هذه الذكرى ايقاعي كلما اقتربتُ من نسيان ذلك المشهد..
تحاول تذكيري بمأساة خيبتي حين قتلهم ذلك اللعين "سلاف"، أبي وأمي وبقية عائلتي ذُبحوا أمام عيني، لازلتُ أذكر جيدًا تلك الصرخة البريئة التي خرجت من بين أضلعي وكأنها البارحة، صرخة تغير بعدها كل شيء بحياتي؛ حتى أنا!

كم هو قاسي شعورك بالعجز!، كبقعة كاحلة ترافقك أينما حللت نتيجة تعرضك لمعضلة لست قادرًا على حلها، ورغم كون الأمر خارج عن سيطرتك، إلا وأن ذلك الوحش الخفي داخلك -الضمير- يستمر في جلدك..

رغم حتى كوني لم استسلم لماضيَّ بعد، إلا وأنه يستمر في ملاحقة مستقبلي لتخريبه كالعادة..

وصدقوني أن كان بإمكاني اقتلاع ذلك الشعور من جوفي لفعلت..
وإن كان شيئًا ملموسًا لجذبته من أعماق ذكرياتي وقتلته..
وإن كان أقوي مني لترجيته ليتركني وشأني، ليتني استطيع فعل شيء لنفسي، ليتني انقذني!

فُتحت عيناي على مشهد لم أتوقع يومًا أن استيقظ عليه، أربعة أعين تحملقان بي وكأنني إبرة في كومة قش، فُزعتُ لوهلة ثم أخليتُ سبيل الهواء الموصد داخل رئتاي بعد أن أدركتُ أنهما ملكًا لِـ  "فچر" و "آزاد"..

أعلن "فچر" استيقاظي بضرب كلتا حوافرة الأمامية بالأرض اصتحبه صهيلٌ سعيد..

| چُــمَاڤـــيّ | °الجزء الثاني للعالم المعكوس° ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن