4- |البَحث عن المَجهول|

68 8 1
                                    

العوالم تقبع داخل بؤرة زمنية طويلة المدىٰ، وتصبح قصيرة كلما اقترابنا من النهاية، رُبما الأمر متعلق بكوننا نستبعد المجهول، الذي يصبح واقعًا مفروضًا بيومٍ وليلة، ورُبما أيضًا يمنعنا خوف البحث عنه حتى لا نقع بالمتاعب والمُعضلات، ورُبما نحن من نتعمد صنع حاضرًا مشوشًا وغير مرئي..
ليُكَوِّن لنا بالمستقبل الجهلُ بالمجهول!

تلك الأرض لم تتغير أبدًا، مازالت رطبة وعفوية، ونسمات الهواء التي تتخلل بالأرجاء تثبت بأنها مازالت تحمل بعض الأمل لنهاية تلك المأساة اللعينة..

كانت شاردة بعلو الأشجار، كم كانت كثيفة وطويلة للغاية، حتى أن جزورها أضخم بكثير عن ذي قبل، ذلك العِتق الذي بالغابة، أصابها بالتميز أكثر..

لفت انتباهها شجرة صغيرة كمثل تلك الشجرة التي وقفت هي معه أسفلها تتفحص قدمه حين دلفت بباطنها عودٌ خشبيٌ حاد، ابتسمت على خيالها لهيئتهم الصغيرة، كم كانت أيامً دافئة المشاعر..

ضحك هو بثغره حين راقب هيئتها الشاردة البسيطة والمحببة له، لم يندم لحظة واحدة لأختياره لها، فهي تظن دائمًا أنه طوق نجاة لها ولكن الحقيقة عكس ذلك، الحقيقة أنها كل شيء بالنسبة له..

لا حياة بعدها ولا بدونها ولو سيستغرق غيابها خمسُ ثوانٍ فقط!!

-"تمكنتي من تملكي بالكامل، هنيئًا لكِ بذلك." غمغم بهمسٍ ساكنٍ قُرب أُذنيها جعلها ترتعش بخجلٍ طفيف..

-" ذلك الوقت، حين قابلنا السيدة غدير، أتذكر؟" تساءلت هي بعدما تعلقت بذراعه كالعلكة وتقدمت إلى جواره بخطواتها الصغيرة..

فأجاب هو:
-" لم أنسىٰ لأتذكر يا نور، هنا حيث عِشت أيام جميلة، أتذكرها وكأنها البارحة"

تمتمت بضيقٍ اصنعته للتو:
-" أتعني أن ما تعيشه معي ليست أيام جميلة!"

ضحك هو يحرك رأسه بيأسٍ منها ثم رد بنبرة جامدة -"فالحقيقة لا"

أكتسى وجهها باللون الأصفر وعَلت تفاصيله ملامح منزعجة، فضحك هو بمكرٍ ثم رد بكل بساطة:
-" ما قضيته معك هو أجمل الأيام وأكثرها رونقًا نور، كلانا يعلم جيدًا أن حياتي أصبحت جميلة بفضلك فقط."

ضحكت برضا وكأنها طفلة صغيرة، ليقول هو بنبرة حانقة بعد أن طال الصمت:
-" حسنًا لا رد؟"

-" لا أفهم"

ضرب بكف يده الأخرى على جبهته وقال مجددًا:
-" عودنا إلى الـلا فهم مرةً أخرى"

قوست يديها على خصرها عقب وقوفها في منتصف الطريق وأخذت تمتم بغيظٍ:
-" ماذا تقصد أيها الكئيب النرجسيّ أنتَ؟"

توقف كل من "خُضير" و " مُنيرة" يستوعبون ما حدث فجأة بدون سابق إنذار..

-" حسنًا، مرحبًا بعِراك الأحبة"
نثر "خُضير" لتوكزه "مُنيرة" بلومٍ..

| چُــمَاڤـــيّ | °الجزء الثاني للعالم المعكوس° ✓Where stories live. Discover now