الفصل الخامس (وان راح منك يا عين)

611 74 4
                                    

- دك..كتور شريف.. اسفة فكرتك حد تاني
- حد كان بيدايقك ولا ايه؟
- لاء ابدًا، كانت نمرة غلط بس
قالتها فاتن ثم أسندت السماعة بكتفِها وجلبت رابطة شعرها ومن ثم وضعت شعرها إلى الاعلي، جلست على سريرها
- عملتى اللى قولتلك عليه؟
- أيوة
- حسيتي بايه؟
- حسيت اني عارفة ارد عليها وبردت ناري مش زي كل مرة بقعد انفخ في الهوا وخلاص
- شوفتي بقي، دي آخرة اللي يسمع كلامي يا فاتن، لو سمعتي كلامي في اي حاجة هتكسبي
تبتسم فاتن بينما تلعب في خيط الوسادة بجانبها

استيقظَ انور بعد ما مرَ اسبوع وجاءَ اليوم المُنتظر لذهاب ذلك الشاطئ المُسمي بـالكوثر ..
الساعة الخامسة فجرًا نهضَ من على سريرهِ على صوتِ اذان الفجر مثل كل يوم، وذهبَ إلى المرحاض ليتوضأ وخرج يذكر الله وسحب سجادة الصلاة وضعها على الارض ورفع ذراعيه الاثنين بجانب أذنه مُكبِر ثم بدأ الصلاة، انتهى من صلاتهِ وارتدى ملابس الصيد وقبعة الصيد البورسعيدية، ثم اتجه الى الهاتف كان سيقوم بالاتصال على ممدوح ولكنه في نفس اللحظة وجده يتصل عليه
- ايه يا ممدوح صباح الخير، كنت لسا جاي اتصل عليك اقولك صحيت ولا ايه الدنيا
- انا صحيت ولبست كمان وجاهز اهو، وباقي الرجالة اتصلت عليها جهزو
ظهرَ على وجهِ انور علامات الارتباك قائلًا
- رجالة ايه يا ممدوح، انت جايب معانا ناس؟ طب ودول واثق فيهم؟
- عيب عليك يا انور دول حبايبي من زمان متقلقش
- طيب هستناك قدام شاطئ المرجان
انتهو من تلك المكالمة الصباحية ونزلو من منازلهم وبدأ انور بحمل حقيبة صيده، وذهب إليه، وجد ممدوح وباقي اصدقائه والقي عليهم السلام جميعًا، وظلو واقفين ينتظرون صاحب السيارة الذي حدثه ممدوح بشأن الذهاب الى ذلك الشاطئ .. حى جاءت السيارة وركبو جميعًا، كان انور مازالَ يشعر بالارتباك من ما فعل، مازالَ يشعر ان هُناك شيئًا خطر سيحدث، ومضي الوقت الذي كان يبلغ نصف ساعة حتى وصلو الى شاطئ الكوثر ..
نزلَ الجميع ولكن مازال انور يجلس يتأمل ذلك الشاطئ حتى رجعَ ممدوح خطوات مرة أخري إلى انور وقالَ
- ما تنزل يابني يلا، الواد اللى جابنا باب العربية عرف يفتح باب الشاطئ اهو
نزل انور والخوف يملأ قلبه وبدأ ينظر في كلِ مكان كانَ الشاطئ جميل حقًا .. القواقع والصَدف تملأ رمالهُ وبحره والرمال صفراء جدًا ونظيفة، نظرَ انور خلفه ليجد الكثير من المنازل الضخمة التي تبدو باهظة السعر، ولكن سُكان تلك المنازل يبدو أنهم كانوا قليلون، نظرَ أمامه مرةً ثانية وجد بحر ذلك الشاطئ ازرق غامق بشدة وموجه عالى والمكان حقًا هادئ لا تسمع فيه الا صوت الأمواج تضرب بعضها البعض وصوت الطيور التي تُحلق فوقك، ابتلعَ انور ريقه ثم أكمل سيرهُ إلى الأمام حتى وصلو أمام البحر ..وبدأ صاحب السيارة الذي آتي بهم أن يسحب تلك المركب الصغيرة التي ركنها لهم منذُ أمس وبدأو بالركوب عدا انور ظلَ يقف مكانه عينه تتسع وهو ينظر أسفل قدمه ويري البحر لونه اغمق بكثير من بحر شاطئ المرجان حتى قطعَ خوفه ممدوح قائلًا
- يلا يا انور كلنا ركبنا
رفع أنور رأسه وابتلع ريقه وصعدَ إلى المركب وذكر اسم الله، وبدأو بالتقديف وسارت المركب شيئًا فـشيئًا، ولكن مازالَ انور يلتفت خلفه ويمينه ويساره ويحاول أن لا ينظر أسفل البحر ظلو هكذا بالتقديف حتى وصلو الى وسط البحر .. أليس مُخيف عزيزي القارئ ان تذهب الى نصف بحر شاطئ الكوثر؟ .. بدأ ممدوح بالتحدث
- يلا يا رجالة ايدكم معايا نفتح الشبكة ونرميها
قامو بالقاء شبكة الصيد في الماء ولكن في تلك اللحظة اختل توازن ممدوح من علو الموج حتى سقطَ في البحر، صرخ انور بصوتٍ عالي باسم ممدوح وبدأ يعرق جسده، ولكن كان ممدوح يجيد العوم امسك بالمركب الصغير وصعدَ مرة أخرى يضحك على خوف انور، بينما أنور جلس يحاول أن ياخذ أنفاسه و وجهه تعرقَ كثيرًا، أعطاه رجلًا من رجال المركب زجاجة ماء كي يهدأ، وبعد أن تناول الماء وهدأ قليلًا ذكر الله وبدأ بالنظر الى السماء، حتى انتهو من الصيد وعادو إلى الشاطئ حاملين العديد والعديد من الأسماك تحدثَ ممدوح قائلًا
- شوفت، مش قولتلك ياعم، بص كمية السمك اللي اصطادناها قد ايه، لاء وكمان بص الجمبري اللي طلع في الشبكة حجمه قد ايه
تنهدَ ممدوح ونظرَ إلى الشبكة وقال
- ولو كنت غرقت لما وقعت يا ممدوح؟
- يابني غرق ايه كفالنا الشر، ما البحر زي الفل اهو ومحدش فينا حصله حاجة، وكمان انا بعرف اعوم، يعني لو حد مننا لقدر الله وقع بالغلط أو حاجة انا هنزل ألحقه
اخذ أنور أنفاسه وحرك رأسه إلى الاعلي ينظر إلى الطيور ثم تحدث
- ماشي يا ممدوح

مرَ شهر وأصبحت فاتن مُغرمة بـدكتور شريف وذلك ما أراده دكتور شريف في ذلك الشهر أن يحدث، استيقظت فاتن ودخلت تبحث عن الملابس التي ستُغسل وبدأت بتجميعها ومن ثم وضعتها داخل الطبق الكبير وجلست على الكرسي الصغير وابعدت قدميها عن بعضهم البعض وبدأت بالغناءِ وهي تتمايل وتُفِكر في احدهُم .. حتى دخلت كاميليا وبدأت تضحك ساخرة
- ياختي شدي حيلك في الغسيل بدل مانتِ عملالي فيها شادية كده، لسا وراكي سوق
- ده انا احلى من شادية يا كاميليا حتى بُصي
قالتها فاتن وهي تتمايل يمينًا ويسارًا تتراقص ساخرة والصابون يملأ قدمِها، وبدأت بالغناء للفنانة شادية وهي تتراقص باكتافِها قائلة
- و إن راح منك يا عين
هيروح من قلبي فين
ده القلب يحب مر ..
قاطعتها كاميليا وهي تقلب طبق الغسيل في وجهِها قائلة
- بس بلاش كلام فارغ اسكتي بصوتك ده
صمتت فاتن وبدأت تزيح الصابون من على وجهِها بيدِها ثم ابتسمت ساخرة وقالت بهدوء
- مش هرد عليكي، ولية خرفانة بتعمل حركات مجانين
اتسعت عين كاميليا بغضب وقالت بصوتٍ عالي
- بقى انا ولية خرفانة يا مقصوفة الرقبة ياللي اشوف فيكي يوم
نهضت فاتن تضحك بصوتٍ عالي ودخلت غرفتها ابدلت ملابسها بفستانٍ بسيط تذهب بهِ الى السوق و وضعت شال فوق الفستان ورفعت شعرها الى الاعلى ثم خرجت تقول
- قوليلي عايزة ايه من السوق
- هناكل سمك، بقالنا كتير مكلناش جمبري، هاتي كيلو سمك ونص كيلو جمبري.. و اه صح، هاتيه من عند انور زي كل مرة، سمكه بيبقي كبير وحلو
تغيرت ملامح فاتن الى الغضب عندما سمعت سيرة ذلك الشخص الذي لا تحب أن تراه ولا تشعر أنه خفيف على قلبِها، سحبت النقود بيدِها وقالت بصوتٍ مُنخفض مُتذمرة
- كل شوية انور انور
اخذت فاتن خطواتها لفتح الباب ثم قالت كاميليا
- والغسيل يا بت مين هيغسله
- ايديكي يا احلى مرات اب، ابقي اقلبيه في وشي كويس
قالتها فاتن ثم أغلقت الباب بشدة خلفها بينما كاميليا جالسة تقول عليها كلمات بذيئة.

خرجت فاتن من منزلها لتجد أبيها يعمل في ورشتهِ، بينما الرجل الذي يأخذ القمامة يملأ الشارع بصوتهِ وحماره يسحب الخشبة التي بها اربع عجلات، والقت الصباح على ست ام عبدالله صاحبة محل الخياطة، ثم أكملت سيرها حتى دخلت حي الصيادين شارع ابو الهلال لتجد عم عبده يجلس في محلهِ على الكرسي ولكن خارج المحل أمام الشارع، ألقت عليه الصباح وهو كذلك، ويبدو أنها فرحت عندما وجدت عم عبده بمفردهِ ..طلبت منه أن يُعطي لها طلباتها
- اؤمريني يابنتي
- الامر لله وحده ياعم عبده، عايزة كيلو سمك ونص كيلو جمبري
- من عنيا يافاتن يابنتي
تقف فاتن تمضغ العلكة بداخلِ فمها حتى سرحت وهي واقفة وفعلت فقاعة بالعلكة ولكنها فُزِعت عندما قال انور بصوتٍ عالى

فاتن أسفل بورسعيد |مُكتملة|Where stories live. Discover now