يم الذكريات

5 1 2
                                    

سئمتُ اهتمام الناس بالأمر لم يجئ
أنا ميّتٌ هل يفزع الميّتَ النبشُ؟

وإن كنتُ ميْتًا لا أزال بحاجةٍ
لهم؛ دون حمّالين لا يُحمل النعشُ

ضللتُ المساعي والمسالكَ بعدما
هُديتُ كأني قد عشيتُ ولم أعشُ

وحيدٌ كديكٍ هندويٍّ تنكّرتْ
له الهند والأتراك والرومُ والحُبشُ

غريقٌ بيمّ الذكريات بلا هدى
وفي اليمِّ لا فُلكٌ فأنجو ولا قشٌّ

تقاذفني الأمواج طورًا فأرتمي
إلى جوف حوتٍ بطنه غيهبٌ غبشٌ

وطورًا إلى قاعٍ إذا برزَت يدي
به خِلتُها صخرًا إذا لم يكن عكشٌ

وأسأل نفسي حين أخلو بوحشتي
أمن غير وحشةٍ تُرى سُمِّيَ الوحشُ؟

لقد كان لي صحبٌ فعنّي تنافروا
وإن لم أكن وحشًا فإيايَ لم يخشوا

أنا ملكٌ قد مات عنه وزيرهُ
فلا غروَ أن يُخشى من البيدق الكشُّ

وقد ظُنَّ أني ناعمٌ غرّني الغنى
وإن لم يكن قومٌ فما ينفع العرشُ؟

كنسرٍ عقيمٍ شيّد العشَّ واستوى
وما دون بيضٍ يستقيم له العُشُّ

فإن تمطر الجرباءُ صحبًا وعزوةً
لما حطّ من دون الورى عنديَ الطشُّ

وآفة عقلي أنه لم يزل يعي
وإيَّاهُ طولَ العمر لم يعرف الطيشُ

وإن إزاري عفّ عن كل سوءةٍ
وما شانَه يومًا عوارٌ ولا بُرشٌ

فمن لي بقلبٍ مثل قلبي مُرحّضٍ
مصفًّى من الغش وإن شفَّهُ الغشُّ

وجُلُّ قلوب الناس حولي أُشابةٌ
وإن صُفِّيَ المشُّ فلن يصفوَ المشُّ

لقد تنقضي الأعوام يومًا فعامَهُ
كسيقان قمحٍ دار في أصلها الحَشُّ

ومَرهبتي أن يأتيَ الشيبُ موهنًا
ومنسأتي صفرٌ وأصحابيَ الرعشُ

أخلَّايَ عودوا قد قصمتم بصدِّكم
قِرايَ وقلبي بئس بعدكم العيشُ

ولا تنسَوُا العهدَ الذي كان بيننا
بتكفيفنا الدمعاتِ إمّا يهِ الجأشُ

تهويدة: شِعرWhere stories live. Discover now