علمتني الحياة

6 0 0
                                    

علَّمتني الحياة أن يهواها كل من مر عندها ورآها

فإذا ضاء وجهها في الليل النجمُ يخلّي السما ومن تاه تاهَ

ولها يهبط الهلال ذليلًا، قائلًا: "إنني لبعضُ سناها

يا سمائي التي أوتني لجوءًا، ودّعيني فموطني في سماها."

وإذا ما أتت على تفّاحٍ وجنَتهُ حتى يقبِّل فاها

زاد في الحمرة التي كان فيها، خجلًا حتى يفوق الشفاهَ.

ويُقرُّ الملحد الحُسن فيها، ولئن كان قبلُ ينفي اللهَ

وإذا ما بكى صبيٌّ لمرآنا لمرآها يضحك القهقاهَ

وإذا مرت بصحراءَ ينمو الزهر فيها ثم يمشي وراها 

ولكم صارت الذئابُ كلابًا خاشعي الرأس إن تمسَّ يداها

طوَّعت في الهوى لها كل حيٍّ، غيرَ من كان في السماء إلهًا.

فلها ألف صاحبٍ إن تمشَّت يتباهَون بالتي لا تباهى

في عيون الورى كجيش سليمانَ وعينايَ لا ترانِ سواها

فأيا ليت ما هوَتها قلوبٌ حقّروني لعينها، أوَّاهًا

ربِّ بعّد سواي عنها كما بعّدت سواها عن الفؤاد فتاهَ

ربِّ ما شرًّا أريد ولا إحزانَها ولا أبتغي إيذاها

غير أني رداي أن ألقاها عند غيري، وليس ذاك رداها

إذ كأن الحياة حصرًا لديها، وكأني خُلِقتُ كي أحياها!

تهويدة: شِعرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن